اندلعت مواجهات عنيفة أمس، بمدينة بنغازي في شرق ليبيا، بين مليشيا إسلامية مسلحة وقوة عسكرية يقودها جنرال سابق متقاعد، قال انه يريد تطهير ثاني أكبر المدن الليبية من “الإرهابيين”. واستمرت المواجهات التي أكدت مصادر إعلامية انها عرفت استخدام كل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ساعات طويلة خلفت 18 قتيلا و91 جريحا. والى غاية أمس، بقي الغموض يكتنف الوضع في ظل امتناع أي جهة في مدينة بنغازي، عن الإدلاء بأية بيانات تفصيلية حول ما جرى من أحداث دامية بالمنطقة. لكن شهودا عيانا أكدوا أن عناصر من قوات الطيران الحربي التحقت بقوات خليفة خفتر، القائد السابق ل«الثوار” الذين أطاحوا بنظام العقيد معمر القذافي سنة 2011، قصفت ثكنة عسكرية يسيطر عليها “لواء 17 فيفري” إحدى المليشيات الإسلامية الناشطة في بنغازي التي ردت باستخدام المدفعيات المضادة للطيران. وتلا عملية القصف نشوب مواجهات عنيفة بين قوات الطرفين بمحيط الثكنة العسكرية الواقعة بمنطقة سيدي فرج بجنوب المدينة، التي تحولت منذ الإطاحة بالنظام السابق إلى مسرح لمختلف أنواع العنف التي خلفت سقوط عشرات القتلى والجرحى. وقال محمد حجازي، المتحدث باسم المجموعة المسلحة التي يقودها الجنرال خفتر، انه تمت دعوة الجيش الليبي إلى “شن عملية عسكرية واسعة النطاق من اجل تطهير المدينة من الإرهابيين”. وأضاف حجازي، وهو ضابط سابق في الجيش النظامي أنها “ليست حربا أهلية وإنما عملية عسكرية للجيش ضد جماعات إرهابية”. غير أن قائد أركان الجيش الليبي، عبد السلام جاد الله، نفى أن تكون القوات النظامية قد شاركت في هذا الهجوم ضد المليشيا الإسلامية. قبل أن يتراجع عن تصريحاته ويقر بمشاركة ضباط ووحدات تابعة للجيش الليبي إلى جانب قوة خفتر. ودعا “قوات الجيش والثوار السابقين إلى مواجهة كل مجموعة مسلحة تسعى إلى فرض سيطرتها على بنغازي بالقوة”. وكان العديد من العسكريين قد التحوا بمجموعة خفتر المسلحة احتجاجا على عمليات الاغتيال التي تطال عناصر الجيش الليبي خاصة بمدينة بنغازي، التي شهدت عدة عملية اغتيال وهجمات مسلحة استهدفت مسؤولين عسكريين وسياسيين، وحتى نشطاء حقوقيين ومدنيين عزل ورعايا أجانب. وكان آخرها مقتل العقيد عبد الحميد سعد، في هجوم مسلح استهدفه أمس، من قبل مسلحين مجهولين عندما كان يقود سيارته في أحد شوارع المدينة قبل أن يلوذوا بالفرار. ويبقى الانفلات الأمني سيد الموقف في مشهد ليبي متوتر عجزت السلطات الانتقالية عن احتوائه ووضع حد لموجة عنف مستفحلة أثارت قلق المواطنين الليبيين وحتى المجموعة الدولية، التي اتخذت عديد الدول بها إجراءات بإغلاق سفاراتها وقنصلياتها حماية لأمن موظفيها ورعاياها هناك.