تعرف مدينة تبسة مؤخرا ومع اقتراب الشهر الفضيل اتساع ظاهرة الباعة غير الشرعيين بوسط المدينة بشكل ملفت للانتباه، فبمجرد دخولك وسط المدينة التي تعتبر القلب النابض في الحركة التجارية ، لا تكاد تجد ممرا تسلكه بسبب بضائع هؤلاء الباعة المتواجدة في كل مكان، وفي جولة أخذت «اخرساعة» الى وسط المدينة تقربنا من بعض المواطنين الذين عبروا عن استيائهم من تواجد هؤلاء الباعة في المدخل الرئيسي لوسط المدينة والذي يقصده سكان مدينة تبسة وكل زوارها لاقتناء لوازمهم، كما ان بعضهم صرح بانهم يتعرضون للكثير من المضايقات من هؤلاء الباعة والبعض الاخر اعتبروها تشويها لمنظر المدينة، حتى ان احد المواطنين ذكر انه لم يعد يستطيع دخول وسط المدينة رفقة اخته او امه بسبب الكلام البذيء أو التصرفات غير اللائقة التي تبدر من بعض الباعة. ورغبة منا في الوقوف على هذه الظاهرة ورصدها من مختلف زواياها، التقينا ببعض الباعة غير الشرعيين بوسط المدينة، اللذين وجدوا في زيارة «أخر ساعة» لهم متنفسا عن مشاكلهم وقناة للتعبير عن انشغالاتهم وإيصالها إلى الجهات المعنية. دوافع عديدة تضطر الشباب للتجارة غير الشرعية الباعة غير الشرعيين أكدوا أن هذه التجارة ضرورة فرضتها ظروف الحياة القاسية، وهم بدورهم يناشدون السلطات المحلية إيجاد حل ينظم عملهم دون إجبارهم على تركه.بداية تحدثنا مع احمد وعمره 23 سنة، يبيع أحذية رياضية وبناطيل دجينز، قال بأنه لم يجد مكانا أخر ليعرض بضاعته، كما انه لم يجد عملا يغنيه عن هذه المهنة غير المستقرة، والتي تعرضه للكثير من المشاكل، مضيفا انه لا سبيل أمامه لبناء مستقبله غير هذه المهنة، فمستواه الدراسي ابتدائي، ولم يوفق في الحصول على عمل. ثم لفت انتباهنا وجود رجل ثلاثيني بين شباب لا يتعدى سن اغلبهم ال20 سنة، اقتربنا منه فصرح انه متزوج واب لطفلتين، وهو يمتهن هذه التجارة منذ 20 سنة، رغم ما يتعرض له من متاعب يومية في هذا العمل غير الثابت، فأحيانا لا تتجاوز مدة عمله 3 اشهر، ثم يجبر على تركها عند صدور أي قرار يمنع تجارتهم، ليبقى رهن البطالة والفقر لاربعة او خمسة شهور اخرى، فهذه المهنة هي دخله الوحيد الذي يعيل منه اسرته، مضيفا انه من غير المعقول ان يمنعوا عنه باب الرزق الوحيد الذي يقتات منه وعائلته، مناشدا السلطات المحلية منحه مترين يعرض فيهما بضاعته على حد تعبيره.ومن بين الباعة الذين تحدثنا اليهم ، استوقفنا فيصل ابن العشرين سنة، البطالة والفقر والمسؤولية اقحمته مبكرا في هذا الميدان الصعب، فهو يعيل اسرة متكونة من 7 افراد هو ثامنهم، يتكفل باكلهم وشربهم ولباسهم وكل تكاليف حياتهم اليومية، مصرحا ان هذه الوضعية تثير قلقهم ايضا، لان المكان ضيق وهم يشعرون باستياء بعض المارة من تواجدهم هناك، لكن تحمل مثل هذه الامور اصبح ضرورة حتمية بالنسبة اليهم، فلا يوجد عمل اخر يستطيعون مزاولته، وفي الاخير ناشد السلطات المحلية ايجاد حل لوضعيتهم، بتخصيص مكان اخر يزاولون فيه نشاطهم بسلام بعيدا عن المطاردات. كما ذكر ان اعوانا من البلدية اتوا وسجلوا أسماءهم، واخذوا نسخا عن بطاقات التعريف، لكنهم لا يعلمون سبب هذا الاجراء الى غاية اليوم. بلدية تبسة في إحصاء ميداني لإيجاد حل لهذه الفئة من جهته رئيس بلدية تبسة صرح بان مصالح البلدية بصدد اجراء عملية احصاء ميداني، لضبط عدد هؤلاء التجار غير الشرعيين، والذين فاق عددهم ال 470 تاجرا حسب نتائج الاحصاء، اغلبهم دون سن ال20، وهي العملية التي باشرتها البلدية بالتنسيق مع مديرية التجارة لولاية تبسة، وهي حاليا تبحث عن فضاءات ملائمة لتنظيم عمل هؤلاء التجار، لانه لا يمكن التصدي لهذه الظاهرة بمنعها نهائيا لان شريحة كبيرة منهم من ارباب الاسر، وستمنح بطاقات مؤقتة للتجار غير الشرعيين الذين سيتم إحصاؤهم لتنظيم أنفسهم ليتم إدماجهم والشروع في تحضير الملف الخاص بالسجل التجاري ليصبحوا فيما بعد تجارا شرعيين، علما أن ذلك لا يعني أن هذه البطاقة ستعوض السجل وإنما هي إجراء مؤقت يعفي التاجر من الجباية لمدة مؤقتة قد تصل إلى سنة أو سنتين على الأكثر.هذا الحل سيرضي كل الاطراف، فوجود مكان مخصص لهم، لن يجعل المواطنين يستاؤون من تواجدهم في اماكن خطا تعيق حركتهم، كما ان هذا الإجراء سيجعلهم في نهاية المطاف تجارا شرعيين، وستكون مهنتهم هذه مصدر رزق دائم. مروة دغبوج