أصدر مؤخرا الباحث الأستاذ بوبكر محمد لخضر عن دار الوسام العربي مؤلفا جديدا بعنوان “مجاذيف السفينة في مشائخ وفنانين بونة المدينة “ يعنى بتاريخ عنابة الثقافي الفني والموسيقي ومساهمة شخصيات ثقافية عايشت مرحلة قبل وبعد الاستقلال عبر مصادر و وثائق منها محاضرات ودراسات وقراءات حول مشائخها ومعالمها وفنانيها ممن نساهم التاريخ الثقافي المتداول بعد أن كانوا منارة علم ومعرفة يقتدى بها سواء في المعاهد التي درسوا بها أو من خلال جلساتهم الفنية التي كانوا يلقنون عبرها دروسا ومواعظ في شتى الفنون على غرار الشيخ جاب الله بن ساعد البوني ومحمد الفرجيوي وعائلة بلخمار والشيخ محمد ولد الكرد وحسن دردور ومصطفى التريكي وحسن ولد حمدة وسليم الهلالي وحسن العنابي إلى جانب أعلام الشعبي والموسيقى البدوية والمجموعات النسائية أو ما يسمى بالفقيرات والعيساوى. كما يهتم نفس المؤلف المنشور بمساهمة المجلس الشعبي البلدي وولاية عنابة عن جمعية أحباب وتلاميذ حسان العنابي بدعم من وزارة الثقافة وبلدية عنابة بعادات وتقاليد بونة المدينة ويحتوي على صور حية لعدة فعاليات وتظاهرات ثقافية عايشها سكان المدينة خلال عشريات من الزمن قاربت أزيد من قرن ساهمت في تنظيمها نواد وجمعيات فاعلة يترأسها مشائخ وشعراء لهم باع في الأوساط كما يطرح الإصدار الذي تم طبعه بعاصمة الكتاب “ لبنان” مدى تأثر الفنون المحلية بباقي الفنون وأوجه التشابه فيما بينها وتعمق حتى في أصولها ومناهجها معرجا من خلال محاوره إلى أهمية التعدد والتنوع الفني والمتن المعرفي الذي يتمتع به فنانو عنابة بفضل مكتسباتهم التي تعود إلى أصولهم منها الأندلسية والتركية أو إلى رحلاتهم وأسفارهم عبر بقاع عديدة ليحملوا إلى بونة العتيقة مزايا ما تعلموه من معارف موسيقية وأدبية وأخرى لها علاقة بالأكل والشراب واللباس والعادات والتقاليد زادت من جماليات بونة ومهدت إلى ظهور أنماط أخرى استجابت بفعل تفتح البونيين على مختلف المعارف ربما بحكم موقعها المتوسطي وإطلالها على ثقافات أوروبية . الكتاب تطرق أيضا في محاوره المتعلقة بالأنماط الموسيقية إلى الموسيقى التونسية في لفتة تاريخية إلى التشارك الفني بين البلدين بحكم الجيرة والنسب كما أرخ من خلال مجموعة الصور إلى التعريف بعادات وتقاليد المدينة كالأعراس وختان الأولاد وأهم الأغاني والمأكولات والألبسة التي يستعملها سكانها آنذاك تضم الصور أيضا مختلف معالمها الأثرية على غرار المساجد والزوايا والمعاهد الفنية والموسيقية قبل أن تتعرض إلى تغييرات هيكلية إلى جانب شخصيات خلال تظاهرات فنية وهي تؤدي أغان ورقصات عبر تأثير الطرق الصوفية كالعيساوية والتيجانية والمدائح الدينية في شخص محمد صلى الله عليه وسلم . يضيف كتاب محمد لخضر بوبكر إلى الساحة الثقافية بعنابة مصدرا هاما لغير العارفين بتاريخ بونة الثقافي ويؤسس إلى مرجع هام من شأنه توسيع معارف الداخلين على عاصمة العناب وجوهرة الشرق الجزائري وأحد أهم الأقطاب السياحية في المغرب العربي وشمال إفريقيا .