المبررات التي تقدمها الحكومة لزيادة الضريبة على السيارات الجديدة لا تبدو مقنعة، فحسب وزير المالية سترغم الضريبة ممثلي شركات صناعة السيارات على خفض الأسعار، والذي حدث هو أن الأسعار ارتفعت بفعل الضريبة وجعلت من الجزائر استثناء في الأسواق العالمية للسيارات، والأدهى هو أن ارتفاع الأسعار لم يستثن سوق السيارات القديمة، ومع هذا يصر وزير المالية على طرح فكرة ضريبة جديدة على مجلس الوزراء الذي سينعقد قبل نهاية الشهر الجاري. الذين لجأوا البنوك واقترضوا من أجل شراء سيارة لم يفعلوا ذلك بحثا عن الرفاه، فالحكومة تعلم أن الجزائر من أكثر الدول تخلفا في ميدان النقل، وحل مشكلة المرور لا يكون بمنع المواطنين من شراء سياراتهم الخاصة، ولو كان النقل العمومي متوفرا ومنظما وتتوفر فيه شروط الأمان والكرامة الإنسانية لما لجأت آلاف العائلات إلى الاقتراض من أجل شراء سيارات صينية أو هندية أو حتى كورية لا تتوفر فيها أدنى شروط السلامة، وعلى الحكومة أن تعلم أن هناك من يعاني ضنك العيش بسبب قرض السيارة لكنه لا يستطيع أن يتخلى عنها لأن جحيم النقل في المدن الجزائرية أصبح لا يطاق. السيارة في الجزائر ليست علامة بذخ أو رفاه، بل هي وسيلة نقل لا يمكن الاستغناء عنها، وعلى وزير المالية أن يجرب سيارات الأجرة حتى لا نطالبه بركوب الإسطبلات التي تسمى مجازا حافلات ليقترب من واقع الناس الذي لا يمكن لأرقام الحكومة وأفكار المسؤولين الذين يعيشون في مكاتبهم المكيفة أن تعكسها بصدق، والمواطن ليس مسؤولا عن فشل الحكومة المزمن في حل مشكلة المرور وحل مشكلة النقل أيضا. الضريبة لن تأتي بالمستثمرين الأجانب إلى الجزائر، وما يحدث اليوم هو نتيجة منطقية لغياب رؤية واضحة، ونكتة مشروع فيات تحولت اليوم إلى كابوس حقيقي، وربما سنصبح أول بلد في العالم يقنن منع امتلاك السيارات الخاصة من قبل عامة الناس.