غاص جمهور قاعة محيي الدين باشطارزي أمس مع العرض المسرحي الموسوم "كوندو القرش "الذي تشارك به جمهورية البنين في إطار الطبعة الإفريقية لمهرجان الجزائر الدولي للمسرح إلى أجواء الإحتفالية الإفريقية بكل أبعاد المعنى حيث تحولت الخشبة التي إعتلاها 35 ممثلا إلى ساحة سحرية إمتزج فيها الرقص الإفريقي بالأهازيج بالأزياء التي تعكس حيث تفاعل الجمهور مع اللوحات التراثية المعبقة بروح الطقوس والتقاليد والهوية الإفريقية بكل عطرها واندفاع أجساد أبناؤها المسكونين بالحرية ورفض القيود والعبودية مسرحية "كوندو القرش " هي بمثابة فسيفساء للتاريخ والصمود في جمهورية البنين أرادها المخرج تكريما للبطل القومي البنيني وهو الملك بيهونزان "كوندوالقرش " الذي رفض الخضوع للجيش الفرنسي ليسقط في الأسر وينفى إلى جزر المارتينيك ويوضع تحت الإقامة الجبرية لمدة 10 سنوات ويتم ترحيله من جديد وهو أسير يحط الرحال بالجزائر أين يصاب بوعكة صحية ليتوفى بالبليدة ولذلك كان إختيار النص صائبا لأنه يعكس تقاطع المصير الإفريقي على تراب القارة السمراء مهد الإنسانية بالجزائر التي تحتفي بعد 40 عاما المهرجان الثقافي الإفريقي . "كوندو القرش " جزء آخر من الذاكرة الإفريقية وعنصر نبني به عناصر هويتنا في أبعادها الإفريقية ورسالة للجيل الجديد لنموذج لملك إفريقي رفض أن يبيع هويته ولغته وتاريخه وكم نحن بحاجة لحقن دماء ذاكرتنا بمثل هذه القامات التي تؤكد تمرد الأفارقة وتمسكهم بالأرض والقيم مند القديم ورغم بساطة السينوغرافيا التي تعكس واجهة القصر الملكي بخلفية الغابة الكثيفة تحققت عناصر الفرجة المسرحية من توزيع جيد للإضاءة و للمثلين على فضاء الركح الذين شكلوا حلقة أساسية في بناء روح وجسد المسرحية التي دامت ساعتين من الزمن المسرحي المتدفق بالأحداث أين دخل المتفرج للعمل المسرحي الذي كتبه المؤلف الكاتب البنيني جون بليا ووقع الإخراج والسينوغرافيا المبدع تولا كوكوي صاحب التجربة التي تمتد على مدار 40 عاما في جذبة روحية وكأنها حفلة مهربة من التراث الإفريقي بكل أهازيجها ورقصاتها وأغانيها القادمة من وراء النور رغم السواد الذي يغلف الأجساد التي إنغمست في رقصة الوجود . إلى جانب جودة النص والرؤية الإخراجية وإحترافية الأداء توافرت في مسرحية "كوندو القرش" أدوات العبقرية المسرحية الإفريقية و التي أتاحت الفرصة للجمهور الجزائري إكتشاف تجربة إفريقية لها نكهتها السحرية .