تنعقد، غدا الجمعة، الدورة العادية للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، بفندق الرياض بسيدي فرج بالعاصمة، بجدول أعمال يتمحور حول تقييم نتائج الانتخابات التشريعية والتحضير للمحليات ودراسة الوضع السياسي والاقتصادي الراهن، لكن أيضا هناك الجانب التنظيمي الذي يفرض نفسه على أشغال الدورة في ظل الصراع التنظيمي بين أنصار الأمين العام ومعارضيه من أعضاء اللجنة المركزية، في ظل إصرار كل طرف على حسم الصراع بصفة نهائية وفق ما تقتضيه الشرعية التنظيمية. تتجه أنظار المهتمين بالحياة السياسية والإعلامية نهاية الأسبوع الجاري، إلى أشغال الدورة العادية للجنة المركزية للأفلان التي تنعقد في ظروف سياسية وتنظيمية استثنائية، فالدورة التي تعقب الانتخابات التشريعية التي فاز فيها الحزب العتيد بأغلبية مقاعد المجلس الشعبي الوطني، يراد لها من قبل إطارات اللجنة المركزية وهياكل الحزب القاعدية أن تخرج بقرارات هامة لمستقبل الحزب تحسبا للاستحقاقات المقبلة ومنها تعديل الدستور والمحليات، لكن الأهم أن تجد اللجنة آليات لتسوية الأزمة التي تنخر جسد جبهة التحرير منذ سنتين تقريبا، وتضع حدا لحالة التشرذم التي فتت الحزب إلى أجنحة وكتل تتصارع فيما بينها حول كل شيء. وبالعودة إلى أشغال اللجنة المركزية المذكورة آنفا، تقول قيادة الحزب ممثلة في عضو مكتبها السياسي المكلف بالإعلام أن اللجنة كغيرها من الدورات السابقة، فجدول أعمالها لن يخرج على المسائل العادية، من تقييم نتائج التشريعيات والتحضير للمحليات ودراسة وتقييم الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، إضافة إلى المسائل التنظيمية التي تفرضها الآليات المسيرة للحزب من قانون أساسي ونظام داخلي، لكن المعارضين لخط الأمين العام يرون أن التقليل من أهمية المسائل النظامية مغالطة للمناضلين والرأي العام الوطني، على اعتبار أن الجناح المعارض في اللجنة المركزية يتحفظ على الأولويات التي تحدث عنها جدول الأعمال، ويصر على إدراج مسألة سحب الثقة من الأمين العام وفق اقتراع سري على رأس جدول الأعمال، وهو المطلب الذي تعتبره قيادة الحزب تجاوزا لصلاحيات الأمين العام والقوانين الناظمة لأشغال اللجنة المركزية. وهنا يبرز سؤال جوهري: ماهو أصل الخلاف في حزب جبهة التحرير الوطني بين مختلف مكوناته؟ وهل ستتمكن اللجنة المركزية من رأب الصدع وتوحيد الصف ووضع حد نهائي للخلاف الذي أضر بالأفلان؟. أصل المشكلة: سياسي بدون أبعاد تنظيمية بداية لابد من التأكيد أن الأزمة في حزب جبهة التحرير الوطني بدأت بوادرها الأولى بعد المؤتمر التاسع، من خلال انسحاب السيناتور عبد الرزاق بوحارة ومحمد بوخالفة رئيس الكتلة البرلمانية للثلت الرئاسي بمجلس الأمة وبعض الإطارات من نشاطات الحزب كتعبير عن عدم رضاهم على ما يسمونه الطريقة التي يسير بها الحزب سياسيا وتنظيميا، ولكن هنا لابد من تسجيل نقطة في غاية الأهمية وتتعلق بكون انسحاب هذه المجموعة من النشاط الرسمي للحزب لم تكن متبوعة بأي خطوات عملية أو نشاطات ميدانية تنظيمية، مما جعل هذه الموقف يصنف من قبل إطارات الحزب ومناضليه في خانة»الغضب«. لكن بالنسبة للقيادة ممثلة في الأمين العام ومكتبه السياسي، فإن موقف عبد الرزاق بوحارة وجماعته موقف محترم ويعبر عن تعدد الرؤى التي يزخر بها»خزان الآفلان«. وتعتقد جماعة المجاهد عبد الرزاق بوحارة أن الخطاب السياسي المنتهج من قبل قيادة الآفلان، غير واضح وتغيب عنه أحيانا معالم الحزب الرئيسية، فضلا عن تغييب برنامج الآفلان كقوة سياسية لها كلمة الفصل في النقاش الوطني. من جانبها قيادة الحزب تعتقد أن خطاب الحزب حتى وان تغيرت نبرته ولهجته فيبقى نفسه خطاب جبهة التحرير الوطني بمرجعيته النوفمبرية والثوابت المقدسة للشعب الجزائري، بل أن تكييف الخطاب مع مستجدات الساحة الوطنية والتحولات الحاصلة في المجتمع لا يعني بأي حال من الأحوال انحرافا على قيم ومبادئ الحزب برأي القيادة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن موضوع خطاب الحزب واليات تجسيده ميدانيا، والبرنامج السياسي للافلان ظل منذ مدة محل جدل حاد بين مختلف الإطارات الفاعلة في الحزب. ظهور »التقويمية«...بداية للأزمة التنظيمية تعتبر ما تسمى بحركة التقويم والتأصيل لحزب جبهة التحرير الوطني التي طفت إلى سطح الحزب بعيد إعلان الأمين العام عن تغيير تركيبة المكتب السياسي، أول تحرك عملي لمجموعة من الإطارات أعلنت معارضتها الجهرية للأمين العام والمكتب السياسي، وتضم الحركة كلا من عضوي المكتب السياسي السابق عبد الكريم عبادة، وصالح قوجيل، ومحمد الصغير قارة، وعبد الرشيد بوكرزازة وغيرهم من إطارات ظلت لأزيد من سنة تتحفظ على تسيير الحزب من قبل الأمين العام والمكتب السياسي، وقد رفعت ذات الحركة جملة من المطالب في بداية نشاطها تتمحور حول عدد من الإجراءات الواجب اتخاذها لإعادة تنظيم هياكل الحزب وإعادة صياغة خطابه السياسي، لكن قيادة الحزب كانت تنظر إلى تحركهم بعين الريبة بالنظر إلى كونه خارجا عن أطر الحزب وهياكله التي تسمح بمعالجة كل المواضيع بحرية. وقد لجأت هذه المجموعة إلى مقاطعة عديد الدورات السابقة للجنة المركزية، مما أعطى الانطباع أنها حركة محدودة التأثير على السير العادي للحزب ونشاطاته، وهو ما اتضح حسب قيادة الحزب من خلال الانتخابات التشريعية، حيث قاد رموز التقويمية حملة انتخابية لصالح قوائم مستقلة بعيدا عن قوائم الحزب، لكن النتائج كانت في صالح الأمين العام، ويعتقد المكتب السياسي بتركيبته الحالية انه لو كان هناك تأثير لهذه المجموعة على القواعد النضالية للحزب لما كانت هذه النتائج الباهرة، في حين يرفض المنضوون تحت لواء التقويمية هذه القراءة ويجزمون أن نجاح الآفلان راجع لعوامل. معارضة جديدة من رحم قوائم الانتخابات التشريعية؟ بقدر ما كان تاريخ 26 مارس الفارط، إنجازا من قبل قيادة الحزب في إعداد قوائم الانتخابات التشريعية، بالقدر نفسه كان بمثابة »كأس مرارة« للعديد من الإطارات والمناضلين ممن وجدوا أنفسهم خارج السباق الانتخابي، فقد أعلن العديد من إطارات اللجنة المركزية ونواب سابقون ومناضلون على المستوى القاعدي عن احتجاجهم على الطريقة التي تمت بها إعداد القوائم وما شابها من عملية إقصاء لكوادر قدمت الكثير للحزب حسبهم، وسريعا تطورت حالة الغضب والاحتجاج على القوائم إلى حركة معارضة للامين العام ومكتبه السياسي، بدعوى إدخال ما يسمونه »أناس غرباء« على الحزب، والسماح لأصحاب المال بالترشح على حساب الكفاءات وفق رؤيتهم، فضلا على مطالبتهم بإقالة الكتب السياسي وإعلان سحب الثقة من الأمين العام خلال دورتين غير رسميتين لأعضاء من اللجنة المركزية انعقدا في قسمة باش جراح وقسمة المدنية وسبقهما احتجاج في مقر الحزب. وقد سارعت قيادة الحزب في إدارتها لهذا الصراع التنظيمي إلى حصر أسباب تحرك أعضاء قياديين ضد الأمين العام إلى فقدانهم لمواقع ظلوا يشغلونها ومنها فقدان العديد من الامتيازات، وهو ما رفضه رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق عبد العزيز زياري في رسالته المنشورة إعلاميا والتي أكد فيها أن الحزب يسير نحو الانهيار أن لم تسارع إطاراته إلى تصحيح الوضع التنظيمي والسياسي حسبه، ونفس الطرح يسوقه نواب وإطارات منهم عضو اللجنة المركزية محمد بورزام وغيره. والواضح أن مرحلة الانتخابات أدت إلى حدوث تقارب بين أعضاء اللجنة المركزية الغاضبين من قوائم الانتخابات والمنضوين تحت لواء حركة التقويم والتأصيل، لكن الملاحظ أن كلتا المجموعتين فشلت في جمع النصاب القانوني لتحقيق مطلبها في عقد دورة استثنائية للجنة المركزية، ودارت خلال الأسابيع الماضية حرب الأرقام بين أنصار الأمين العام ومعارضيه حول من يملك الأغلبية العددية في اللجنة المركزية أعلى هيئة بين مؤتمرين. ويبدو أن النتائج التي حققها الحزب في الانتخابات وهي 208 مقعدا قد وضعت الأمين العام وأنصاره في موقع أفضل لإدارة الصراع التنظيمي والسياسي داخل بيت الجبهة رغم إصرار معارضيه على موقفهم المطالب بإعادة النظر في تركيبة القيادة الحالية بما فيها الأمين العام. وساطات ووساطات.. لكن اللجنة المركزية هي الفيصل مع اتساع حدة الأزمة واتساع دائرة الاهتمام الإعلامي بها، سارعت مجموعة من إطارات الحزب وفي مقدمتهم عبد الرزاق بوحارة، محمد بوخالفة، أحمد السبع وعبد القادر حجار وعفان قزان جيلالي، إلى السعي لبحث عن صيغة توافقية لحل الخلافات المستشرية في بيت الآفلان، فعقدت عدة لقاءات بين أطراف الأزمة، واقترحت عدة نقاط للتسوية، إلا أن تمسك كل طرف بموقفه أفضى إلى اقتراح صيغة الاقتراع السري خلال دورة اللجنة المركزية، وهو الأمر الذي لم يرق أنصار الأمين العام على اعتبار أن الإجراء يمس بروح القانون الأساسي للحزب، في حين يصر المعارضون على التمسك بالمقترح لحل الأزمة نهائيا، فقد صرح عبد الكريم عبادة انه في حال حصول الأمين العام على أغلبية أعضاء اللجنة المركزية فان المعارضة ستلتزم بما أفرزته النتائج، أما جناح الأمين العام فيرى انه لاجدوى من اللجوء إلى الصندوق على خلفية وجود لائحة لأغلبية أعضاء اللجنة المركزية تزكي الأمين العام، أما عبد العزيز بلخادم الأمين العام فقد ترك الباب مفتوحا، ففي إحدى تصريحاته خلال حفل نظم على شرف نواب الحزب الجدد، فقد أكد انه على استعداد للاحتكام إلى الصندوق إذا اقتضت الضرورة ومصلحة الحزب. رهانات تقتضي حسم الأزمة. بعيدا عن الآراء والآراء المتضاربة إلى حد التناقض أحيانا بين مختلف مكونات الحزب، وبعيدا عن الحسابات التي تقف وراء كل تحرك، تعتقد القاعدة النضالية الواسعة للحزب أن الآفلان يجب أن يستعيد عافيته التنظيمية والسياسية، من خلال وضع حد نهائي للازمة الحالية، ورسم معالم مرحلة جديدة في مسار الحزب تواكب التحديات المطروحة، إن كان على مستوى التحضير للاستحقاقات المقبلة، أو على مستوى المسؤولية التي حملته إياها الانتخابات التشريعية تجاه الشعب. اجتمع أمس برئاسة عبد العزيز بلخادم المكتب السياسي يضبط آخر ترتيبات دورة اللجنة المركزية اجتمع المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني أمس، برئاسة الأمين العام عبد العزيز بلخادم، تحضيرا لإنعقاد الدورة العادية للجنة المركزية التي تنطلق أشغالها غدا الجمعة وتستمر يومي 15 و 16 جوان، وستمدد إلى يوم ثالث إذا اقتضت الضرورة ذلك. وقد تناول الاجتماع آخر الترتيبات الكفيلة بضمان السير الحسن لهذا الموعد الهام في مسيرة الحزب، الذي يأتي بعد الاستحقاقات الأخيرة التي حقق فيها الأفلان فوزا باهرا بحصوله على 208 مقعدا في البرلمان، جعلته يحافظ على ريادته في الساحة السياسية. وقال قاسة عيسي، عضو المكتب السياسي المكلف بأمانة الاتصال، في اتصال ب»صوت الأحرار« إن الأمين العام للحزب أبلغ أعضاء المكتب السياسي بمحتوى أهم المحاور التي يتضمنها التقرير الذي سيقدّم باسم المكتب السياسي خلال أشغال دورة اللجنة المركزية، والمتضمن بصفة خاصة ظروف تنظيم الحملة الانتخابية للتشريعيات الأخيرة بكل جوانبها، وكذا النتائج المحصل عليها، مبرزا في ذات السياق الاستجابة الكبيرة للناخبين لصالح قوائم الأفلان في كل ولايات الوطن والمهجر أيضا. وأكد قاسة عيسي أن الأمين العام للحزب قدم عرضا حول الظروف السياسية التي تنعقد فيها دورة اللجنة المركزية، خاصة والجزائر على أبواب الذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية، والآفاق المسطّرة بالنسبة للمرحلة المقبلة التي ستعرف محطات هامة، منها على وجه الخصوص تعزيز بناء مؤسسات الدولة والاستعداد للانتخابات المحلية الخريف القادم وكذا التعديلات الدستورية. وأضاف المصدر ذاته أن عبد العزيز بلخادم أشار في عرضه إلى الجانب المتعلق ببرنامج الحزب تقييما وآفاقا، وكذا المصادقة على التقرير المالي لسنة 2011، كما تمت الإشارة حسب قاسة عيسي إلى قضايا نظامية بالإطلاع على العمل الجاري حاليا على المستوى القاعدي، خاصة عملية استخلاف رؤساء المجالس الشعبية الولائية، عن حزب جبهة التحرير الوطني، الذين تم انتخابهم أعضاء في البرلمان بعد التشريعيات الماضية بكل من ولايات تيارت، تيبازة، البويرة، باتنة، الجزائر العاصمة، بسكرة، وهران، والتي حاز فيها الأفلان على الرئاسة، في انتظار استكمال عملية الاستخلاف في الولايات الأخرى المعنية بهذه العملية. وأوضح عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام والاتصال بالحزب العتيد، أنه سيتم خلال أشغال هذه الدورة دراسة قضايا تنظيمية، بالاستناد إلى النصوص التي تحكم سير الحزب، مشيرا في هذا السياق أن التصويت على المسائل الإجرائية واللوائح والقرارات يتم برفع الأيدي، وفقا لما ينص عليه النظام الداخلي للحزب، سيما الفقرة الرابعة من المادة 13، التي تنص على ما يلي: »يتم التصويت على المسائل الإجرائية واللوائح والقرارات برفع الأيدي«. وحسب قاسة عيسي فإن عدد أعضاء اللجنة المركزية المدعوين لهذه الدورة هو 333 عضوا، بعد تسجيل وفاة 6 أعضاء، وعضوين )2( معنيين بحالات التنافي، وكذا عضوان )2( تم تجميد عضويتهما بعد إقصائهما، بالإضافة إلى 8 أعضاء ترشحوا في الانتخابات التشريعية الأخيرة في قوائم أخرى. جدول أعمال الدورة 1 قضايا نظامية 2 تحضير ونتائج الانتخابات التشريعية 3 تقديم تقاريري لجنة المالية لسنة 2011 4 تقديم تقرير لجنة المالية للحملة الانتخابية 5 تحضير الانتخابات المحلية