منذ أن قرر الانسحاب من حمس لا يتردد عمر غول في القول في مجالسه الخاصة إنه موعود بمنصب كبير، وقد أصبح يصف نفسه برجل الدولة، ولا نعرف ماهية هذا الوصف على وجه الدقة، لكننا نعلم أن أحمد أويحيى هو أكثر الساسة تشبثا بهذا الوصف. رجل الدولة في الأصل هو الذي يخدم في مؤسسات الدولة، ويكون فوق الأحزاب والأشخاص، وقد يكون البيروقراطي أقرب الناس إلى هذا الوصف شرط أن تكون الدولة المقصودة هي دولة القانون والحق، أما أن يقول غول بأنه رجل دولة ثم يتجه إلى تأسيس حزب سياسي كما فعل أحمد أويحيى الذي يحتفظ بالأمانة العامة للتجمع الوطني الديمقراطي فضلا عن منصب الوزير الأول الذي يشغله، فهذا يعطي لرجل الدولة مفهوما خاصا قد لا نجده إلا في البلدان التي لم تباشر بعد عملية بناء الدولة. من وعد غول بمنصب كبير؟ ومن أوعز إليه بالترشح للانتخابات في آخر لحظة كما يقول؟ ومن شجعه على الانشقاق عن حمس وتأسيس حزب جديد؟ لا بد أن الذين فعلوا ذلك يختزلون الدولة في نظر غول، أي أنهم حلوا محل المؤسسات التي تمثل الدولة، وغول مثل أويحيى يعتقد أن خدمة من بيدهم السلطة هو خدمة للدولة، وهو اعتقاد باطل يعكس غياب دولة الحق والقانون، ويكرس هيمنة الأشخاص على مصير البلاد. رجل الدولة لا يعدم الشجاعة في انتقاد السياسات الخاطئة، وهو يملك من الولاء للمؤسسات ما يجعله متحررا من ضغط الأشخاص وإغراءات المناصب التي توزع خارج إطار القواعد السياسية والأخلاقية المتعارف عليها، ثم إن رجل الدولة لا يكرس نفسه للدفاع عن كل ما يقرر في غيابه إلى درجة أنه يجد نفسه في مواقع مختلفة مدافعا عن سياسات متناقضة ومبررا لقرارات لا تخدم الدولة. الدولة ليست الأشخاص، وهي ليست السلطة القائمة بكل تأكيد، ومن أراد أن يمارس السياسة فعليه أن يبحث عن عنوان آخر أكثر مصداقية من هذا اللقب الذي أفقدته الممارسات الخاطئة كل مصداقيته.