لعل لعيد الأضحى هذه السنة ميزة خاصة تختلف عن سابقيه وهي ارتفاع أسعار الأضحية إلى مستويات قياسية لم تعرفها سوق الكباش من قبل، هذا الوضع دفع بالعديد من العائلات الجزائرية إلى استبعاد إمكانية القيام بهذه الشعيرة الدينية رغم الأهمية التي تكتسيها لديهم وحرصهم الشديد على أدائها، وتفيد المعلومات المستقاة من بعض الأسواق المتخصصة في بيع الكباش أن سعرها يتراوح ما بين 35 و 50 ألف دج، وهي مبالغ خيالية حرمت الأسر ضعيفة الدخل من الاستمتاع بالعيد وإدخال الفرحة في قلوب أبنائها. مع اقتراب عيد الأضحى المبارك الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى أسبوعين، عرفت أسعار الماشية ارتفاعا كبيرا لم يعرفه سعر الأضحية من قبل، حيث يتراوح سعر الكبش الواحد بين 40 و50 ألف دينار، وبإمكان هذا السعر أن يرتفع حسب طبيعة الطلب الذي سيزيد مع اقتراب عيد الأضحى، ومع هذه الزيادة الغير مبررة اقتربنا من بعض المواطنين وحاولنا معرفة آرائهم حول أسعار الماشية هذه السنة، حيث أكد لنا هؤلاء أن العائلات الجزائرية ستكتوي بنار هذا الغلاء مقارنة بالمواسم الماضية، ما سيدفع بالبعض إلى الاستدانة من أجل أداء هذه الشعيرة الدينية التي تكتسي أهمية كبيرة لديهم، فيما ستضطر عائلات أخرى إلى التخلي عنها في ظل تلك الزيادة الكبيرة. التهاب أسعار الماشية لهذا الموسم سيحول دون اقتناء الكثير من العائلات الجزائرية للأضحية، خصوصا ذوي الدخل المحدود، وتبدو الأجواء التي وقفنا عليها مشحونة بالغضب والاستياء لدى الكثير من الموطنين الذين تحدثنا إليهم في شوارع العاصمة، الذين كانوا يشاهدون بحسرة كبيرة تلك المواشي التي بدأ عرضها بالمستودعات مع اقتراب عيد الأضحى، خاصة وأن تلك العائلات كانت قد مرت هذه السنة بمناسبات عديدة استنزفت مدخراتها وما زالوا يدفعون مترتباتها، مع تزامن رمضان المعظم وعيد الفطر والدخول المدرسي في نفس الفترة، ليحل عيد الأضحى ويكمل ما تبقى من ميزانية. وفي هذا الإطار أكد هشام، رب عائلة تتكون من أربعة أفراد، أن التهاب أسعار الماشية سيحرمه وأطفاله من اقتناء الأضحية هذا الموسم، مشيرا إلى أنه لم يسدد بعد الديون المتراكمة عن عيد الفطر والدخول المدرسي، خصوصا أن جميع أبنائه متمدرسون، وهو ما يتطلب مصاريف كثيرة، مشيرا أن العائلات المحدودة الدخل مثله محرومة من اقتناء أضحية العيد وإدخال الفرحة في قلوب أبنائها. من جهتها ردت وسيلة على سؤالنا بنوع من السخرية قائلة أنه من الضروري على الدولة الجزائرية أن تدعم سعر الأضحية كغيرها من المواد الأخرى حتى تتمكن العائلات الفقيرة المحرومة من شرائها، مضيفة أن تلك العائلات محرومة طيلة السنة من استهلاك اللحوم الحمراء التي يزيد الكيلوغرام الواحد منها 750 دج، وعليه فهي كغيرها من البسطاء لا يمكنها أمام الدخل المتواضع الذي تحصل عليه هي وزوجها أن تقتني لأبنائها الكبش الذي ينتظروه منذ مدة طويلة. وأمام هذا الغلاء يجد المواطن الجزائري نفسه ضحية شبكة من الموالين الاستغلاليين الذين لا هم لهم سوى الربح على حساب إمكانياته المتواضعة، ويكون أمام خيارين صعبين في نفس الوقت إما شراء الأضحية بأسعار خيالية، أو الامتناع تحت وطأة الحاجة عن أداء هذه السنّة، وفي هذا السياق تقول ليندة، موظفة وأم لطفل فقط أنها تستبعد شراء أضحية العيد بسبب أسعارها التي بلغت مستويات خيالية، فثمن الكبش يتراوح بين 35 و50 دج وهي مبالغ كبيرة لا يمكن دفعها رغم أنها تعمل هي وزوجها، إلا أن متطلبات الحياة الكثيرة والمصاريف المختلفة حالتا دون اقتناء كبش العيد. المضاربة في الأسعار من طرف أشباه الموالين حرم العديد من العائلات الجزائرية من شراء أضحية العيد، حيث يتحجج الباعة في ذلك بغلاء سعر العلف من جهة والاضطرابات الجوية من جهة أخرى، ناهيك عن أسباب مختلفة أدت على حد قول أحدهم إلى ارتفاع أسعارها إلى هذه المستويات، هي حجج واهية يقول أحد المواطنين الذي استغرب من تلك الأسعار التي وقف عليها بأحد الأماكن المتخصصة في بيع الماشية بالشراقة، مشيرا أن الكبش الذي كان سعره السنة الماضية 25 ألف دج بلغ إلى 38 ألف دج هذه السنة وهو ما سيحول حتما أمام رغبة العديد من المواطنين الذين يرغبون في شراء أضحية العيد. وتجدر الإشارة إلى أن بائعي الكباش الذين يغزون العاصمة أياما قبيل عيد الأضحى ليسوا موالين حقيقيين، وإنما أشخاص قاموا بتأجير شاحنات وتوجهوا إلى مختلف المناطق التي تعرف بتربية المواشي ليشتروا أعدادا كبيرة يقومون بإعادة بيعها، مغتنمين هذه الفرصة لربح المال، وكذا فرض أسعار على حساب المواطن البسيط، مرددين نفس العبارات التي اعتاد المواطن سماعها كل سنة، وهي مؤشرات تؤكد أن السعر الأدنى لكبش العيد لهذا الموسم لن يقل عن 35 ألف دينار.