بالنسبة لوزير الداخلية دحو ولد قابلية تعتبر مطالبة فرنسا بالاعتراف بالجرائم الاستعمارية والاعتذار عنها أمرا متجاوزا، بل إنه مجرد قوس أغلق، ويجب الاهتمام بالمستقبل وليس العودة إلى الوراء. ولد قابلية قال لجريدة لوسوار دالجيري إنه يتحدث باسمه الشخصي وأنه لا يعبر عن موقف الحكومة، لكن هل تصدق فرنسا الرسمية والرأي العام هناك أن في الجزائر وزراء يعبرون عن مواقف شخصية، إنهم بكل تأكيد يعرفون المغزى من هذه التصريحات التي تنقض كل ما يقوله وزير المجاهدين محمد الشريف عباس، وتنقض أيضا الخطاب الرسمي الذي لا يغفل المطلب حتى وإن لم يطرحه بالجدية اللازمة، والأخطر من هذا أن ولد قابلية يغفل صفته الأخرى وهي صفة المجاهد، وعندما يأتي هذا التصريح من شخص ينتمي إلى هذه الفئة فإن وقعه سيكون مؤثرا، ولا نعلم مجاهدا قبل ولد قابلية اعتبر أن مطالبة فرنسا بالاعتذار أمرا تم تجاوزه، كما أننا لا نعلم بأي طريقة تم تجاوز هذا المطلب، لأن فرنسا لم تفعل شيئا للاستجابة للمطلب ولم تبذل أي جهد لإقناع الجزائريين بأنها متجهة نحو الاعتراف اليوم أو غدا. الرسالة الأخرى التي تضمنتها تصريحات وزير الداخلية، هي قوله بأنه ليس بالإصرار على مثل هذه المطالب يمكن دفع الأمور إلى الأمام، وهذا يعني أن هناك إصرارا على دفع الأمور مع فرنسا إلى أبعد نقطة وهو هدف حيوي بالنسبة للحكومة، لكن ما لا يعلمه الشعب الجزائري الذي يوصف من قبل أهل الحكم بأنه سيد هو ما تتوخاه الجزائر من علاقة متميزة مع فرنسا، فإلى حد الآن تبدو هذه العلاقة غير متوازنة وغير عقلانية ولا تخضع لمنطق المصالح التي تحكم عادة العلاقات بين الدول. ما قاله وزير الداخلية يمثل ضربة قاسية لمطلب شرعي وقانوني يحظى بدعم الأغلبية الساحقة من الجزائريين، وأسوأ ما في هذه التصريحات أنها جاءت مباشرة بعد الردود البذيئة التي صدرت عن بعض الساسة الفرنسيين، وهي في مضمونها تتقاطع مع ما ذهب إليه هؤلاء من إنكار لحق الجزائريين في المطالبة بالاعتراف والاعتذار.