أكد المحلل الاقتصادي الدكتور عبد الرحمان مبتول أن السبب الرئيسي للفساد المسجل بخصوص قضيتي الخليفة وسونطراك يعود إلى غموض حساباتها، مبديا استغرابه بشأن عدم اعتماد أكبر شركة وطنية لنظام محاسباتي دقيق، إلى درجة أن التكلفة الحقيقية لمنتجاتها تظل مجهولة، وهو ما تسبب في ظهور قضايا فساد تبعها أضرار مالية لم يتم تحديد قيمتها بشكل دقيق وذلك حسبه يعود إلى غياب الرقابة في تسيير المؤسسات الجزائرية، مبرزا أن التسيير الراشد لمؤسساتنا الوطنية كان بإمكانه توفير 50 مليار دولار منذ سنة .2004 انتقد الدكتور عبد الرحمان مبتول، في تصريح ل »صوت الأحرار« غياب الشفافية والرقابة في تسيير المؤسسات الجزائرية الذين لعبا دورا هاما في توسيع دائرة فضائح الفساد في البلاد على غرار فضيحتي الخليفة وسونطراك، مؤكدا أن التسيير الراشد ومحاربة الرشوة والفساد كان بإمكانه أن يوفر للخزينة الوطنية أكثر من 10 بالمائة أي ما يعادل 50 مليار دولار منذ سنة 2004 وإلى غاية 2013 من النفقات الوطنية والتي بلغت 500 مليار دولار. ويرى مبتول أن فضيحة بنك الخليفة تٌظهّر أيضاً تسيير الإدارة »الاستثنائي« لملف الفساد لبنك أصبح خلال سنوات قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة أحد أكبر البنوك الجزائرية الخاصة يوظف أكثر من 7000 آلاف موظف وقيمة أصول ب 5,1 مليار دولار ورقم معاملات بلغ 400 مليون دولار سنويا، في حين أن البنك آنذاك كان عبارة عن عملية نهب هائلة للأموال العامة وللمستثمرين، مع تحويل أموال بشكل غير قانوني إلى الخارج ومن ضمن المتهمين في المشهد القضائي الذي جرت فصوله في العام ,2007 لم يظهر إلا أشخاص ثانويون، بينما كان معلوماً أن أركاناً كباراً في النظام كانوا من المستفيدين. ويضيف الخبير الاقتصادي في الشق المتعلق بفضيحة سونطراك أن هذه الاخيرة ليست مؤسسة عادية في الجزائر، »فهي المؤسسة الوحيدة التي تضمن 98 بالمائة من العملة الصعبة في الجزائر، وبالتالي فإن أي أزمة تتعرض لها أو فضيحة تلاحقها، تلقي بظلالها مباشرة على قوت الجزائريين«، مضيفا أن الجميع ينتظر إفراج غرفة الاتّهام عن التكييف القانوني الذي سيحاكم على أساسه المسؤولين على الأموال التي تمّ تبديدها من المجمّع البترولي سوناطراك، وهو ما ينم حسب مبتول عن أمرين في غاية الخطورة، الأول أن المسؤولين الذين تعاقبوا على سوناطراك في العشر سنوات الأخيرة، لم يكونوا في المستوى المطلوب لتسيير مؤسسة بحجم ومكانة وحساسية سوناطراك بالنسبة للجزائريين، والثاني أن الرقابة غائبة تماما في المؤسسة.ومن خلال قراءته لتداعيات فضائح سوناطراك المتلاحقة، دعا الخبير الاقتصادي الى ضرورة القيام بتغييرات واسعة في إدارة المؤسسة وإعادة هيكلتها بشفافية تامة وذلك بما يتناسب مع طبيعة المرحلة القادمة، فالمشكلة الحقيقية، حسب محدثنا، تبقى في غياب الشفافية في تسيير الشركة، فكيف يمكن اكتشاف الثغرات المالية في غياب هذه الشفافية حسب تساؤل مبتول.أما بالنسبة لاهتمام الإعلام الأجنبي بقضايا الفساد وتضخيمها يؤكد مبتول أن التركيز الإعلامي على ما يجري من فضائح مبرر وينم عن قلق شديد من درجة الفساد التي وصلت إليها البلاد، مشيرا من جهة أخرى إلى أن الإعلام الأجنبي يعمل على تضخيم قضايا الفساد في الجزائر وعلى رأسها قضية الخليفة وسوناطراك، ذلك أنه وجد الفرصة المناسبة التي هرع لاستغلالها، بهدف تشويه سمعة الجزائر وهو ما من شأنه تهديد أمن الاقتصاد الوطني.