تتميز ولاية الطارف الحدودية الساحلية في أقصى الشرق الجزائري، طبيعتها خضراء طول السنة يمكن وصفها بالجنة فوق الأرض لسهولها وغاباتها وبحيراتها المصنفة التي تشعرك بذلك، تمتد على شريط ساحلي يفوق ال90 كم به 16 شاطئ مسموح للسباحة إلا أنه ولسوء حظها ورغم المجهودات الجبارة المبذولة بقيت مجرد منطقة ساحرة خارج مجال التغطية الاستثمارية، فهي غنية طبيعيا واقتصاديا لكنها فقيرة من حيث استغلال تلك الثروات ورغم النقائص وقصر مدة الاصطياف بسبب الشهر الفضيل إلا أنها تراهن هذا العام على استقطاب قرابة ال3 ملايين مصطاف. مازالت ولاية الطارف تعاني كثيرا في مجال السياحة رغم الإمكانيات الطبيعية والسياحية الكبيرة التي تمتاز بها والتي تؤهلها بأن تكون قطبا سياحيا بامتياز يجلب الملايين من السواح والعملة الصعبة لخزينتها والعمالة لأبنائها بدل امتهان التهريب الحدودي. مع دخول موسم الاصطياف الذي سينطلق قريبا يلاحظ كما هو واضح للعيان وبشهادة مسؤوليها والمتتبعين للشأن المحلي التأخر الكبير في مجال إنجاز المرافق السياحية الضخمة حيث يوجد حوالي 17 مشروعا استثماريا يراوح مكانه منذ 10 سنوات بمبالغ مالية جد ضخمة تقدر بمئات الملايير) حوالي 200 مليار سنتيم(، بالإضافة إلى النقص في التهيئة الحضرية لبلدياتها الساحلية والتأخر في تنظيف الشواطئ من الأوساخ والقاذورات المنتشرة بكثرة في صورة تتقزز لها الأنفس خاصة بالقالة التي تتوفر على أكبر الشواطئ والتي تستقطب لوحدها ملايين الزوار. فبلدية القالة التي تعتبر عنوة عاصمة بالنيابة للولاية هذه الأخيرة أو المنطقة السياحية التي لا تملك هياكل الاستقبال وثقافة الترويج لموروث طبيعي ساحر فلا فنادق مصنفة ولا فضاءات للراحة والاستجمام ولا حتى تنافس في خدمة الزبون والترويج لمكونات فضاء يمكن أن يكون بوابة السياحة الشرقية، للأسف أصبحت مجرد مركز عبور عن سبق إصرار وترصد لآلاف السياح نحو الشقيقة تونس بحثا عن نوعية خدمات راقية توفرها الشقيقة هناك رغم الوضع الأمني المتردي. ورغم محاولة فتح فنادق جديدة وترميم وصيانة أخرى على غرار فندق المرجان الذائع الصيت إلا أن كل ذلك لا يفي بالغرض المطلوب والملح الذي يرقى إلى متطلبات وذوق المواطن السائح فالحظيرة الفندقية العمومية والخاصة بولاية الطارف التي يفوق عددها ال16هي في حالة يرثى لها لا ترقي بدورها لمستوى خدمة الزبون والحفاظ عليه بالدرجة الأولى، ناهيك عن قدم بعضها وتدنى مستوى الاستقبال والخدمات الرديئة مقارنة بالأسعار المرتفعة ... فالحظيرة بصفة عامة تعاني عجزا ب4 ألاف سرير في الإيواء والاستقبال وربما أكثر وذلك في إحصائية غير رسمية في ظل تكتم بعض الجهات المعنية وفي ظل هذا الواقع تبقى بيوت الشباب على غرار بيت الشباب المتواجد على ضفاف بحيرة طونغة ومراكز العطل وكراء شقق الخواص التي يستنجد بها والمخيمات الصيفية التي تتسع إلى أزيد من 700 سرير هي العملية التي لجأت إليها السلطات المعنية هو الحل الوحيد لتجاوز مشكلة العجز التي بدأت تتفاقم عام بعد عام أمام التوافد الكبير للمصطافين القادمين من كل حدب وصوب ومن كل الولايات المجاورة ومن خارج الوطنأيضا هروبا من متاعب البحث عن مكان لائق للإقامة. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا فإن معظم المصطافين والسياح الوافدين على ولاية الطارف يفضلون كراء شقق الخواص سواء كانت مؤثثة أو لا وذلك حسب سعرها ومكان تواجدها الذي عادة ما تستهويه المناطق الطبيعة المحمية، حيث تسجل ولاية الطارف وخلال كل موسم اصطياف غير المحاولات المحتشمة والتقليدية لاستغلال المواقع الطبيعية الحموية التي لا تزال بدورها مياهها ذات القيمة العلاجية المؤكدة تضيع دون أدنى عناية أو اهتمام في الهواء الطلق والفضاء الخارجي رغم أهميتها السياحية والاقتصادية، فمنابع المياه المعدنية الخمسة المتواجدة بالبلديات الجبلية كبوقوس، بحيرة الطيور، حمام بني صالح، الزيتونة وبوحجار التي تتراوح درجة حرارتها مابين ال36 و37 درجة مئوية مؤهلة للاستغلال المثمن من خلال إقامة مشاريع حمامات معدنية بهياكل للسياحة وأخرى للعلاج من مختلف أنواع الأمراض والالتهابات خاصة منها المفاصل والأمراض الصدرية والتنفسية، الأنف والحنجرة وأمراض الجلد وحب الشباب ... بالإضافة إلى استغلال بعض العائلات البحيرات المحمية والمصنفة عالميا وعادة ما يكونون من النخبة والمختصين في العلوم الطبيعية والطبية. ورغم كل هذه النقائص إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل المجهودات الجبارة التي تبذلها السلطات المحلية وعلى رأسها أحمد معبد مسؤول الجهاز التنفيذي الرامي إلى فتح مجال الاستثمار بالولاية بمواصفات عالمية من خلال توفير المناخ المناسب وإقناع المستثمرين بإمكانياتها وهو ما تحقق بعدما كانت تعرف عزوفا رهيبا من قبل الكثير من رجال المال والأعمال بسبب حديثهم عن بيروقراطية كبيرة بالولاية ... ومن بين ما سيتم الانطلاق فيه قريبا بعد اتصالات ماراطونية من قبل الوالي شخصيا مشروع استثماري كبير من مجموع عديد 250 مشروع مقترح في مجال السياحة من منتجعات سياحية ومركبات تضم سلسلة من الفنادق الفاخرة ببلدية الشط الساحلية وهو مشروع واعد من شأنه القضاء على العجز الكبير المسجل في الجانب السياحي بالولاية من جهة وتحفيز العازفين على التراجع عن قراراتهم والالتحاق بزملائهم المستثمرين من جهة أخرى، وقد أعلن الوالي احمد معبد في دورة سابقة عادية للمجلس الولائي بأن هذا المشروع هو ضخم للغاية ومن الطراز العالمي يتربع حسبه على مساحة تزيد عن ال50 هكتار يوفر في بداياته حوالي 600 منصب شغل لفائدة أبناء المنطقة بمبلغ مالي فاق ال10 آلاف مليار سنتيم. من جهة أخرى وتثمينا للمجهودات وإنجاحا للموسم الصيفي فإن المصالح الأمنية وفرت جميع الإمكانيات البشرية والمادية لضمان راحة وأمن جميع المواطنين والمصطافين وحسب مصدر أمني فسيتم تجنيد أزيد من 600 عون ما بين أمن ودرك وحماية مدنية وذلك من خلال تواجدها المكثف عبر الشواطئ ال 16 المسموحة للسباحة والمتواجدة عبر إقليم الولاية بالزي المدني والرسمي ناهيك عن مخطط دلفين. وتأمل ولاية الطارف عاصمة المرجان وخاصة مدينة القالة في استقطاب أزيد من 3 ملايين مصطاف هذا العام بالنظر لبعض التحفيزات والتطورات المنسجلة في بعض الجوانب أبرزها إعادة تهيئة حديقة برابطية التي تحوي العديد من الحيوانات النادرة القادمة من أسيا وأوربا حيث من المنتظر أن تجلب إليها هي الأخرى العديد من السواح والمصطافين المحبين لهذا النوع من الترفيه خاصة وأنها تسحل 3000 زائر يوميا من المواطنين والعائلات من جميع بلديات الولاية وخارجها ما سبب اكتظاظا واختناقا كبيرين على مستوى الطرق المؤدية إليها، ورغم كل هذه الامتيازات والإمكانيات فإن ولاية الطارف الساحلية تبقى منطقة خلابة ساحرة لكن وللأسف خارجة عن مجال التغطية الاستثمارية إلى إشعار آخر يبدو أنه بعيد المدى بالنظر إلى الواقع الذي تعيشه ولم يتغير الكثير منه منذ سنوات طويلة.