نقص في الخدمات الصحية، عمليات جراحية مؤجلة إلى العام المقبل، مواعيد طبية ألغيت من جدول برمجتها والقائمة طويلة، هذا ما وقفنا عليه ونحن نزور مستشفى مصطفى باشا »المشلول«، بسبب الإضراب الذي دخل أسبوعه الرّابع، وفي انتظار تحقيق مطالبهم »السوسيو مهنية«، تتضاعف معاناة المرضى، بتأجيل مواعيدهم الطبية، خاصة التي تخصّ إجراء عمليات جراحية مستعجلة لحالات مستعصية. شلل تام طبع مستشفى مصطفى باشا الجامعي، على غرار معظم المستشفيات عبر الوطن، هذا ما شهدناه ونحن نزور المكان، عبّرت عن ذلك لافتة كبيرة نصّبت عند مدخله الرئيسي، مدوّن عليها »نقابة شبه الطبّي في إضراب«، عبّرت عنها تجمّعات للمرّضين بمحاذاة مختلف المصالح، ومرضى اتّخذوا من الأرصفة وأرجاء المستشفى مكانا للخلود للراحة، بعد الرحلات »الماراطونية« التي تعوّدوا القيام بها ذهابا وإيابا إلى المستشفى وتضاعفت عقب دخول عمّال شبه الطبي في إضراب مفتوح، وأمل واحد يحذوا هؤلاء ممّن قدموا من مختلف أرجاء الوطن، »إنهاء الإضراب« وهو ما يعني منحهم أملا كبيرا في الشفاء. »الوضع يزداد تعقيدا« جرّاء تمسّك عمال الأسلاك المشتركة والأعوان المهنيين بمطالبهم، ذلك ما صرّح به معظم المرضى الذين تحدّثوا ل »صوت الأحرار«، وأعربوا عن تخوّفهم من طول فترة الإضراب، علما أن منهم من يحمل تقريرا طبيا عن حالته المستعصية، حالة تستلزم إخضاعه لعملية جراحية مستعجلة. ''ممرّضون أداروا ظهورهم للمرضى'' في ذات الإطار، أكد بعض عمال شبه الطبي ل »صوت الأحرار« تمسّكهم بالإضراب، رغم حرصهم على تحقيق الحد الأدنى من الخدمات، والتي تتعلّق بالحالات الاستعجالية والحرجة، وأبدى هؤلاء تذمّرا من عدم تلبية الوصاية لمطالبهم، خاصة تلك التي تتعلّق بمنحة العدوى والزيادة في الرواتب، ومنها معالجة الملف الاجتماعي والمهني لعمّال القطاع، التكفل بانشغالاتهم، وكذا تسوية أوضاع المتعاقدين والعمال الموسمين للسماح لهم بالقيام بعملهم بكرامة و بصفة لائقة. في سياق ذي صلة، أعرب أحدهم عن استيائه من عدم تقاضيه منحة العدوى، رغم أنه إداري يعمل بداخل المصلحة، مما قد يعرّضه لإصابات قد لا تحمد عقباها. »اعطاولنا ظهورهم« عبارة ردّدتها سيدة كانت تجوب مصلحة طب العيون، لعلّها تجد من يتكفّل بحالتها، غير أنها لم تفلح في مسعاها، ولم تستسغ التوجّه للخواص، كما طلب منها أحد الممرّضين، لأن هؤلاء »يمصّوا الدّم« على حدّ تعبيرها، فلم تجد غير الجلوس عند مدخل المصلحة وضرب أسداس في أخماس بانتظار أن »يفرّج الله«. ومرضى يئنون في صمت آهات لمرضى وأنين حالات مستعصية، تلك التي وقفنا عليها بمختلف مصالح المستشفى، وباستثناء الحالات الاستعجالية التي تكفّل بها ممارسي الصحة العمومية، على مستوى بعض مصالح المستشفى على غرار الاستعجالات الطبية وطبّ النساء والتوليد، والمواليد الجدد، لمسنا شللا تامّا بأغلب المصالح فيما يخصّ الخضوع للفحوصات الطبية، لدرجة أن كانت قاعات استقبال المرضى تكاد تكون شاغرة بالمصالح سابقة الذّكر، رغم اضطلاع الممرّضين بالحدّ الأدنى من الخدمات، أرجعها من تحدّثنا إليهم إلى »جهل« عديد المرضى بتقديمهم لهذه الخدمات، فيما كانت بقية قاعات الاستقبال شاغرة. وفي ذات السياق، عبّر العديد من المرضى ممّا أسموه »تجاهل الأطباء لمعاناتهم«، في إشارة إلى تحديد مواعيد مستعجلة لإجراء عمليات جراحية، ألزمت بعضهم التنقّل من ولايات داخلية إلى العاصمة، بينما صفعوا بتأجيلها إلى مواعيد غير محدّدة لتزامن ذلك والإضراب المفتوح للعمّال. »رفضوا الكشف عن حالتي المرضية رغم خطورتها« راح عمّي »عبد القادر.ن« يصرخ، قبالة مصلحة الأذن الأنف والحنجرة، بينما كشفت سيدة أنها قدمت من ولاية غليزان، بناءا على موعد طبّي سلّم لها بمصلحة جراحة الأعصاب، غير أنه أجّل لذات السبب، مما ضاعف من معاناتها، خاصة وأنها لم تعلم بإضراب شبه الطبي إلاّ عند حضورها إلى المصلحة. لا توليد إلا للحالات ''المستعجلة'' محطّتنا الموالية كانت مصلحة طبّ النساء والتوليد، وعلى غير العادة كانت المصلحة شبه فارغة، رغم تزامن زيارتنا إليها وفترة الزيارات، كما كان الباب الخلفي الخاص بالفحوصات الطبية موصدا بطاولة، فكلّ شيء بالمصلحة المعروفة بنشاطها على قدم وساق ينذر بإضراب العمّال، حيث كانت قاعة الانتظار المخصّصة للمرضى بدورها شبه خالية، لكون المصلحة لا تستقبل سوى الحالات المستعجلة، أي تلك التي تشارف على وضع مواليدها الجدد، ولا مجال للانتظار لمن لم يصل حملها الشهر التاسع، باستثناء حالات الطوارئ، التي تخصّ مشاكل حرجة للحمل. تأجيل ما يربو عن 100 عملية جراحية لسرطان الثدي مصادر طبية من مصلحة بيار وماري كوري، كشفت ل »صوت الأحرار« عن تأجيل العديد من العمليات الجراحية لحالات سرطان مستعصية »لا تقبل الانتظار«، منها ما يربو عن 100 عملية تخصّ الإصابات المؤكّدة بسرطان الثّدي، فيما »علّقت عمليات تخصّ مختلف أنواع السرطان، إلى مواعيد لاحقة«. مصادرنا كشفت أنّه وباستثناء مصلحة أورام الأطفال، دخلت كل مصالح المركز في إضراب، منها مصلحة الطبّ الكيميائي للكبار، وبذلك لم يخضع مرضى السرطان لهذا النوع من العلاج منذ أربعة أسابيع، مما أدى إلى تطوّر المرض، خاصة وأن »السرطان مرض لا ينتظر، لأنه يتطوّر ما لم يتكفّل سريعا به«، ومن بين هذه الحالات تلك التي وقفنا عليها لشابتين بعمر 17 سنة، أصيبتا بالداء، قصدا المصلحة بعد أن أكّد لهم الخواص أن عدم إخضاعهم للعلاج الكيميائي طوّر مرضهم، وجعل »حالتهم خطيرة«، أما »الطبيب فكان يشاهد ولم يحرّك ساكنا« على حدّ قولهما. كنا ننتظر إصلاح جهاز السكانير، المعطّل منذ أربعة أشهر، غير أننا صفعنا بلافتة نصّبت عند مدخل المركز مدوّن عليها »النقابة الجزائرية لشبه الطبّي، مركز بيار وماري كوري في إضراب« وأخرى تحمل عبارة »الأسلاك المشتركة في إضراب«..، يقول مريض التقيناه بذات المصلحة، ما يعني تأجيل العلاج بالأشعة وبقية الفحوصات الطبية، يقول مريض آخر، فيما كشفت مصادرنا أنّ جلّ المواعيد الطبية بذات المصلحة أجّلت إلى غاية العام المقبل، ما عدا الحالات الاستعجالية »بالرغم من أن جميع المصابين بالسرطان ينضوون في خانة الحالات الاستعجالية«. وبانتظار إنهاء الَإضراب، تمسّك عمّال شبه الطبي بضرورة تحقيق مطالبهم، وبانتظار التفاتة من الجهات الوصية، يبقى المرضى يئنون في صمت.