طرحت في السنوات الأخيرة بحدة مسألة تخفيف مقررات التعليم في الجزائر، واتفق الجميع أن كثافة هذه المقررات كانت السبب المباشر في ثقل المحافظ ، وتقوس ظهور الكثير من التلاميذ، وبناء عليه تمّ تخفيفها في عهدة الوزير السابق أبو بكر بن بوزيد، ويبدو أن ما تمّ من تخفيف لم يكن كافيا، وتعالت الأصوات من جديد من أجل التخفيف أكثر، وهو ما استجابت له وزارة التربية بوزيرها الحالي عبد اللطيف بابا أحمد، ويُنتظر أن يدخل حيز التنفيذ في الموسم الدراسي القادم . ينتظر أن تقرر وزارة التربية الوطنية تخفيفا معتبرا في البرامج والمقررات الدراسية الخاصة بتلاميذ المرحلة الابتدائية على وجه الخصوص، ذلك لأنها بوضعها الحالي تجاوزت حدود ما هو مطلوب تربويا، خاصة إذا علمنا أن المدرسة لا تطلب من التلميذ في مرحلة التعليم الابتدائي بالأساس سوى تعلّم اللغة العربية على قواعدها وأسسها السليمة والصحيحة، وتعلم الحساب والرياضيات، وتعلم اللغة الأجنبية الأولى، وتُضاف إلى هذه المواد الثلاث المواد المكونة للشخصية الوطنية ، التي هي التربية الإسلامية، ومادة التاريخ، أي تاريخ الجزائر. ولقد اتفق جميع الخبراء التربويين والمختصين والأساتذة على أن المقررات الدراسية الحالية مكثفة كثيرا، وليس من السهل على الطفل اليافع، أن يحملها كلها يوميا على ظهره ذهابا وإيابا، في شكل كتب وكراريس مختلفة السمك والحجم. ولقد أنجزت دراسات طبية، ونُظمت نقاشات واسعة بهذا الخصوص، وتوصلت جميعها للقول أن محفظة التلميذ في سنوات التعليم الابتدائي زائدة عن اللزوم، ويجب تخفيفها، وهذا التخفيف لابد أن يتم عبر إجراءات عملية تبادر بإقرارها وزارة التربية، وتلزم المؤسسات التربوية بتجسيدها على أرض الواقع، ومن هذه الإجراءات أن تعدّ المؤسسات التربوية خزائن وأدراجا بأقسام التلاميذ، تمكّنهم من حفظ الكتب والكراريس التي لا يحتاجون إليها، الأمر الثاني الذي كانت تسعى إليه وزارة التربية الوطنية، ومنذ عهدة الوزير السابق أبو بكر بن بوزيد هو أن تتولى تقسيم الكتب المدرسية التي تضم مقررات المواد المختلفة المُدرّسة إلى كتيّبات محدودة الأحجام، كأن يُقسم مثلا الكتاب الواحد إلى ثلاثة كتيّبات، هذا زيادة عن مراجعة بعض المضامين بالحذف والاختصار، وهذه الأهداف هي نفس ما تسعى إليه وزارة عبد اللطيف بابا أحمد اليوم، التي أضافت إلى ذلك ضرورة اختيار المحفظة المدرسية الملائمة، ذات المقاييس المحددة، وهذه الأهداف كلها اليوم هي من أولويات وزارة بابا أحمد في عملية المراجعة والتقييم الإصلاحي الجاري، وقد حرصت منذ الوهلة الأولى على إقرار المراجعة والتقييم، ومكّنت عمال القطاع من تنظيم نقاشات واسعة، على المستويات المحلية للهياكل التربوية والولايات، وكانت لهم ندوات ولائية، وأربع ندوات جهوية، تُوّجت بندوة وطنية، شارك فيها مديرو التربية، والمفتشون، والمسؤولون المركزيون، وكان من المقرر أن تُنظم جلسات وطنية، تستحدث فيها ورشات عمل متخصصة، مهمتها حوصلة كل الخلاصات والتوصيات التي تتم المصادقة عليها، ومع الدخول المدرسي القادم تدخل هذه التوصيات حيز التجسيد والتنفيذ.
وما يمكن التنصيص عليه بخصوص مسالة مراجعة المقررات وتخفيف محافظ التلاميذ، أن مكتب الصحة المدرسية بمديرية الصحة والسكان في ولاية وهران كشف لوكالة الأنباء الجزائرية عن أنه أحصى في السنة الدراسية المنتهية تقوّس ظهر 362 تلميذا بين 10 و14 سنة، مؤكدا في نفس الوقت أن وحدات الكشف والمتابعة في الصحة المدرسية سجلت ارتفاعا محسوسا في عدد هذه الحالات مقارنة بالسنة الدراسية التي سبقتها، وقالت أن ثقل المحفظة المدرسية كان من ضمن الأسباب الرئيسية التي تسببت في تقوس ظهور هؤلاء جميعهم.