ميزة شهر رمضان هذا العام أنه تزامن مع مستجدات كثيرة، منها أنه وافق فصل الصيف ووافق أيضا التغيير الطارئ لعطلة نهاية الأسبوع عندنا. أما فصل الصيف فيضغط بحرّه الشديد وبرطوبته أيضا على الصائمين ناهيك عن طول ساعات الصوم بفعل طول النهار. وأما الويك آند الجديد النصف العالمي كما يحلو لخبرائنا أن يسموه فهو قد خربط حياة الجزائريين بعد عقود من النظام القديم، ولعلّ على رأس قائمة من خربطهم المسؤولون على كثير من القطاعات والمصالح الإدارية، الذين استغلوا الفرصة والصعوبات الأولى لتطبيع الإجراء واخترعوا ويك آند جديدا من 3 أيام ويمتد من الخميس إلى يوم السبت.. ! أجل، لا تزال كثير من مصالح الناس تتعطل بين الخميس والسبت، وظهر أن الوثائق وتسيير شؤون الناس والخدمات تتعطل تماما في هذه الفترة، ضف إلى ذلك العطل الكبير في الفترة الصباحية بفعل كثرة التأخرات والغيابات.. السبب معروف طبعا والذي تلوكه الألسن كل مرة وهو: الصوم.. ! الذنب هو ذنب الصوم حتى تتعطل مصالح الناس وتصاب الخدمة العمومية بالشلل شبه الكلي.. الذنب ذنب رمضان لأنه توافق مع الصيف والحرّ فلا يقوى القائمون على تسيير المصالح الإدارية والخدماتية.. وإذا تحدثت عن مسلمين فتحوا الدنيا وخاضوا المعارك وحققوا الانتصارات في عزّ الصيف والحرّ وفي طبيعة جافة وفيافي وهم صائمون وفي رمضان.. إذا تحدثت عن هؤلاء فكأنما تحدثت عن جنس آخر ليس من صنف البشر، أو أنك مثالي جدا ولم تجد ما تضرب به مثلا في التاريخ غير الخيال.. ! مع تقدم الزمان يبتعد المسلمون اليوم رويدا رويدا عن تاريخهم ويفقدون الوعي بحركته، ويقترب في مخيلتهم من الأساطير..حيث يمتزج المثل بالمبالغة وتغيب الحقيقة لصالح الإبهار.. ! يفعل غياب القدوة في حياة الناس فعله، ويتعلق الخطاب بالماضي فقط لانعدام القدرة في الحاضر، وهكذا يصير التدين طقوسا شكلية فارغة من روح المعاني التي هي جوهر الدين وسرّه وأثره..ويصير الصوم رديفا للنوم والكسل، والصلاة حركات لا تنهى عن فحشاء ولا منكر..والدعاء تحريك شفاه لا جوارح وتمسي الأرواح شاغرة من الدلالة والأثر في السلوك والحياة.. عاد رمضان هذا العام كما عاد من قبل..لم يغير طباعنا ولا عاداتنا الرديئة..وجدنا كما تركنا العام الماضي وسيرحل ويتركنا مثلما وجدنا..إلاّ من رحم ربي.. صحّ النوم..