مع بداية العد التنازلي لعيد الأضحى المبارك، انطلق المواطنون بعنابة في رحلة البحث عن الأضحية التي بدت بالنسبة للعديد منهم مميزة جدا هذه المرة وغريبة في الوقت نفسه، لأن المطلوب هو كبش مرتفع الثمن، طويل القرون والذيل ورشيق ب''تسريحة'' غربية، مزين، جذاب ، اسمه ''الرقادا'' والكل يبحث عنه في مدينة ''بونة''، تلبية لرغبة الأبناء. إرضاء الأطفال عشية العيد يبدو أنه أصبح غاية تدرك في ولاية عنابة مع كباش ''الرقادا''، التي وصل سعرها إلى 10 ملايين سنتيم، لأن المهم بالنسبة لبعض الأولياء إدخال الفرحة على قلوبهم ورسم البهجة على وجوههم، حتى ولو تحسروا على ما خسروه من مال. اشتهرت ولاية عنابة لسنوات طويلة بكباش» الرقادا « المميزة وهي كباش طويلة القرون، سمينة نوعا ما ولها قصة غريبة في صوفها تثير الفضول، تخضب بالحناء أو بالصباغة وتسمى بأسماء المشاهير أحيانا، لكنها تحافظ على اسمها الحقيقي »الرقادا« حيث لا تمربزقاق داخل الوسط الحضري أو بوسط المدينة إلا وتشاهد تلك الكباش المدللة التي سحرت الأطفال والمراهقين الذين أتعبوا أوليائهم كثيرا بسبب إصرارهم على شرائه بأي ثمن، خاصة وأنه يفوق ال10 ملايين سنتيم في بعض الأوقات، وذلك حسب نوعية »الرقادا« . دخلنا مناطق حضرية وسط المدينة، اتخذ منها مواطنون مكانا لبيع الكباش على غرار واد الذهب 1 و 2 ،الصفصاف أو حي الألمان لاستطلاع الوضع هناك، خاصة وأننا علمنا أن معظم تجار المواشي غير الشرعيين ينشطون أمام عماراتهم بعيدا عن الرقابة، محدثين إزعاجا كبيرا لجيرانهم، وتلوثا للمحيط . في البداية دلنا أحد المواطنين على سوق غير شرعي ، ينشط في ساعات متأخرة، خلسة عن مصالح الأمن التي بدأت تطارد » الجلابين« وهو مصطلح شعبي يطلق على من يتاجر في الكباش والأبقار ) المواشي (، الشخص المعني ظن أننا من مصالح الرقابة أو الأمن جئناه بلباس مدني، لكننا أخبرناه أننا في مهمة إعلامية فقط ونسأل عن أسعار الأضاحي، وان كان يملك كبش » الرقادا «، أخبرنا »الجلاب« بائع الأضاحي أن الأسعار متفاوتة وأنه لا يملك في تلك اللحظة إلا نحو أربعة كباش فقط من بينهم »الرقادا «، الذي قال أنه قد اشتراه أحدهم قادم من ولاية قالمة وقد سلمه مبلغ مالي كتسبيق، وسألناه إن كان الكبش المميز لا يوجد في قالمة حتى يتحمل الزبون مشقة السفر، فأجاب أن »رقادا عنابة« مطلوب بكثرة لأنه مميز ويلقى عناية كبيرة في تربيته ناهيك على أنه قاهرلبقية الكباش إذا ما تعارك معهم . وبصراحة فقد كان السعر خياليا جدا لأنه يكاد يصل ال10 ملايين سنتيم، وعن بقية الأسعار فهي متفاوتة ما بين 25 مليون سنتيم و5 ملايين سنتيم للكبش، يضيف محدثنا أما النعجة -حسبه- غير مطلوبة، ولا يستهلكها العنابيون أبدا . غيرنا الوجهة إلى »كور« عنابة لنلمح من بعيد مجموعة من الشباب مع »الرقادا «، حيث كان كل واحد يتباهي بأن كبشه هو الأجمل والأقوى وكان البعض الآخر يلتقط معه صورا، سألنا أحدهم فأخبرنا بأن الكبش الثاني هو لزبون كان قد اشتراه من عنده لكن تركه حتى العيد، لأنه لايملك مكان لوضعه فيه، ولا الوقت ليهتم به، سألناه عن سعره فضحك قائلا:»يسوى الذهب« وأضاف أنه يتقاضى مبلغا ماليا مقابل الأيام التي يتكفل فيها بالكبش. استغلينا فرصة تواجدنا في مدينة عنابة، وأردنا سؤال أكبر عدد ممكن من المواطنين حول الإقبال على كباش » الرقادا «، خاصة وأنها تزداد يوما بعد يوم والكل يتجول بها حتى في أكثر المناطق هدوءا وجمالا، أحدهم كان يقرأ الجريدة تارة و يتفرج من بعيد عن الشباب تارة أخرى ، سألناه عن تلك الخرفان التي أبدع الشباب في تزيينها الشباب، فأخبرنا بأنه ورغم أنه جالس ويستمتع إلا أنه يفكر كثيرا في ما ينتظره، لأن ابنه أصر، أن تكون الأضحية »رقادا«. سيدة كانت متجهة إلى مقر البلدية المقابل للكور، أجابت أن الكل خلال هذه السنة بالذات يبحثون عن »الرقادا« لتلبية رغبة أبنائهم، التي كانت غاية يصعب إدراكها، حيث أكدت أن الأسعار حسب ما قاله لها زوجها متفاوتة، وهناك من يقتنيه بالتقسيط ، فيوجد من الباعة من يسمح للزبائن بالدفع بالتقسيط، أنا ضد فكرة اقتناء كبش »الرقادا« - تقول - لغلاء ثمنه، إلا أن زوجي يصر على تلبية رغبة ابني المراهق. وتؤكد محدثتنا أن هناك من يشتري »الرقادا« أياما قبل العيد ليستمتع به أبنائه ومع اقتراب العيد بيومين أو ثلاث، يقوم ببيعه ليشتري كبشا عاديا وهناك من هم مجبرون على تنفيذ رغبة وإصرار المراهقين الذين يحبون اقتنائه من أجل التباهي واستعماله في المصارعات.