هولندا ستعتقل المدعو نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    التسويق الإقليمي لفرص الاستثمار والقدرات المحلية    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''جحيم'' الأسعار يؤجل فرحة العيد عند مئات العائلات
رغم أن الإنتاج من الأغنام يكفي لتلبية الطلب الوطني

من المضاربة بالخرسانة والإسمنت إلى المضاربة بأضحية العيد.. ولا يعدو أن يكون هؤلاء المضاربون سوى مقاولين وموظفين وإطارات يؤسسون بورصة للمواشي تلهب أسعارها جيوب المواطنين الذين يتم الإيقاع بهم في فخ القدرة الشرائية المحدودة بلا رحمة ولا أدنى شعور بالذنب.. باختصار، المواطن يجد نفسه مجبرا على مواجهة مصيره بيده. مقابل ذلك، للعيد طقوسه، إذ تحفل الأيام التي تسبقه بحلبات تناطح الخرفان للفوز بلقب البطل مثلما هو الحال مع ''الفاغابون'' من العاصمة.
التهبت أسعار خرفان العيد على نحو غير مسبوق، وانعكس ذلك على معنويات المواطنين المغلوبين على أمرهم ممن لا زالوا يحملون في قلوبهم فرحة العيد ويحملون في مخيالهم صورة مقدسة عنه. ففيما فضّل بعضهم التريّث والعمل بقاعدة ''انتظر واسمع'' لعل الأسعار تعرف انخفاضا عشية العيد، اهتدى البعض الآخر في ولايات أخرى لاختراع تقليد جديد لمواجهة جهنمية الأسعار هو الاشتراك فيما بينهم لشراء الأضحية، كما لو أن الجزائريين كتب عليهم أن تذبح المضاربة رقابهم. فمن المضاربة بالسكن والإسمنت والحديد والبطاطا إلى المضاربة بأضحية العيد، بدليل اعتراف موالين أن التهاب الأسعار وراءه ارتفاع أسعار الأعلاف وانخراط سماسرة غامضون في عملية البيع والشراء، بينهم مقاولون، موظفون وحتى إطارات سامية وتحكموا في أسعارها. الزائر للضاحية الجنوبية الشرقية للعاصمة، مثل الكاليتوس، براقي، سيدي موسى، الأربعاء، يقف على مئات المستودعات التي حوّلها أصحابها إلى اسطبلات. فيما فضّل البعض الآخر الهواء الطلق وجعله سوقا مفتوحة بامتياز أمام المواطنين على نحو ما وقفنا عليه بالكاليتوس بالقرب من سوق الجملة للخضر والفواكه، ولكن السوق هذه التي ينشطها عدد من الباعة كل مساء، لم تنج على ما بدا لنا في استقطاب المشترين من المواطنين، لأن الأغلبية الساحقة لم تستسغ الأسعار المعمول بها، واعتبروها مرتفعة جدا قياسا بما كانت عليه أسعار الأضاحي العام الماضي. فسعر خروف لا يتعدى وزنه 15 كيلوغراما، يتراوح بين 42 ألف إلى 60 ألف دينار، فيما تتراوح أسعار ''الكباش'' التي لا تفوق بكثير من جانب السمنة الخرفان المعروضة ما بين 65 ألف و10 ملايين سنتيم، وتقريبا هو معدل الأسعار المعمول به في باقي الإسطبلات الموجودة في المستودعات والإسطبلات والأسواق الصغيرة لبراقي وسيدي موسى، فيما تعرف أسعار الخرفان انخفاضا طفيفا ببئر توتة وبابا علي والدويرة وغيرها، حيث يتراوح سعر الخروف بين 35 إلى 50 ألف دينار. ومع ذلك، فإن باعة المواشي في هذه المناطق يدافعون عن خياراتهم ومنطقهم الخاص حين سألناهم عن أسباب الارتفاع غير المسبوق لأسعار الخرفان والكباش، ويقولون، ما هم إلا باعة، يمارسون فعلا تجاريا لا يأخذون منه إلا هامش ربح ضئيل، لأنهم اشتروا ماشيتهم بأسعار مرتفعة أيضا.
حيرة وترقب
ولكن اللافت في حديث هؤلاء الباعة أنهم ليسوا من أهل المهنة، وإنما المناسبة هي التي قادتهم للمتاجرة في المواشي لعلهم يجنون أرباحا طائلة منها. ومع ذلك، هناك عائلات وتحت ضغط أبنائها وجدت نفسها مجبرة على شراء ''كبش'' العيد، على اعتبار أن العيد لدى الجزائريين يثير لديهم حساسية كبيرة، ولو أن الأغلبية الساحقة من المواطنين ممن تحدثنا إليهم، عبّروا عن دهشتهم لارتفاع الأسعار غير المسبوق. سعيد وهو أب لثلاثة أطفال، قال أنه لم يستسغ بعد ارتفاع أسعار الأضاحي من عام لآخر، خاصة وأن الحكومة ما فتئت تصرّح من عام لآخر، أن رؤوس الأغنام الموجودة تكفي لسد حاجيات كل الجزائريين من أضحية العيد، بينما يشير كمال،37 عاما، أن'' الشيء إذا استرخصته رخص''، في إشارة إلى الاستغناء عن شراء كبش العيد حتى يقوم أصحابه بخفض أسعارها، فيما عبّر أحد المسنّين عن غضبه بقوله ''أن شر البقاع عند الله الأسواق''، نتيجة الملابسات ومنظومات المنكر التي يتم ترتيبها على مستواها. وعلى العموم، فإن الأصداء المنعكسة والمعلومات الواردة من الولايات المجاورة للعاصمة، كالبليدة، المدية، البويرة، تيزي وزو، تيبازة ، تفيد أن أسعار الخرفان والكباش لا تقل التهابا عما هي عليه في الكاليتوس والحراش وزرالدة وبراقي والدويرة وسيدي موسى. بل وأبعد من ذلك، استنادا لمعلومات أفاد بها مواطنون من الولايات السهبية، فإن أسعار أضحية العيد تعرف ارتفاعا بولايات تيارت، المسيلة، الجلفة، البيض، المدية وغيرها، رغم كونها مناطق رعوية سهبية معروفة بالإنتاج الحيواني، فقد تراوح سعر الخروف بولاية تيارت بين 30 إلى 70 ألف دينار، حيث يشتري الموالون الخروف بسعر ما ويقومون بمنحه أعلافا مختلفة طبعا بعد اللجوء إلى حيلة مزج الماء بالملح حتى يسمن الخروف ويظهر في شكل كبش، حتى يتم التحايل على المشترين. ومع ذلك، فإن أغلب الموالين سقطوا في أحضان لعبة السماسرة والبزناسية ممن أصبحوا يفرضون أسعارا على الموالين وشوّشوا بالتالي على المشترين من المواطنين. ويضيف مواطنون آخرون من تيارت، أنه حدث وأن تقدّم مشترون لموالين بسعر، إلا أن سماسرة ممن احترفوا المضاربة فرضوا سعرهم الخاص على الموالين، بل وهناك حتى من يتصل بهؤلاء الموالين في البادية لأجل التفاهم معهم على صفقة بيع الخرفان. ويتم نقلها في شاحنات إلى المدن الكبرى. وشمل التهاب الأسعار حتى تلك المتعلقة بالنعجة، حيث يتراوح سعرها بين 24 ألف إلى 35 ألف دينار، وهي الأسعار المعمول بها بكل من أسواق سوفر، تيارت، الأربعاء وحمادية.
سماسرة يلهبون الأسعار و.. الجيوب
والأسعار المعمول بها في ولاية تيارت تقريبا هي تلك السارية بولاية المسيلة أيضا التي تعتبر واحدة من الولايات السهبية، حيث تشير معلومات قدّمها مواطنون، أن سعر الخروف يتراوح بين 30 إلى 45 ألف دينار من المسيلة حتى بوسعادة، فيما يصل سعر الكباش ذوو النوعية الجيدة بمنطقة أولاد عبد الله بالمسيلة، 12 مليون سنتيم، وهي كباش دأبت مجموعات من الأثرياء في العاصمة بشكل خاص على شرائها كل عام وأصبحت المنطقة منذ عامين وجهة مفضّلة للسماسرة الباحثين عن الربح السريع. ويقول شهود عيان في المسيلة، أن عملية السمسرة تقوم على مبدأ تفاهم السمسار أو البزناسي مع الموال على السعر الذي يشتري به الماشية ثم يقوم بحجزها في اسطبلات أو مستودعات ريثما يتم نقلها في شاحنة إلى المدن الكبرى ليتم بيعها بأسعار خيالية. وعلى هذا النحو تم حرمان آلاف العائلات من فرحة العيد، فيما يشير مواطنون آخرون إلى أن هناك ''بزناسية'' اقترضوا أموالا لدى مقاولين بالملايير لاستثمارها في شراء كباش العيد وإعادة بيعها. وانخرط في عملية شراء وبيع الأضاحي مقاولون، موظفون وإطارات سامية، خاصة وأن المسيلة تتوفر على نحو مليون رأس من الغنم. والحقيقة أن جهنمية الأسعار كان لها ارتداداتها على معنويات المواطنين ولا سيما العائلات المغلوبة على أمرها والتي وجدت نفسها في حرج أمام أبنائها ممن ينتظرون قدوم العيد، فالأغلبية من العائلات تفضّل التريّث والعمل بقاعدة ''انتظر واسمع'' يغذّيها أمل انهيار سقف الأسعار عشية العيد، بينما اهتدت عائلات أخرى بولاية المسيلة إلى اختراع تقليد جديد غير مسبوق في تاريخ الأعياد لمواجهة جهنمية الأسعار والحفاظ على فرحة العيد داخل بيوتها، يتمثل في الاشتراك في شراء أضحية العيد.
إنتاج وطني يلبي الطلب
ويطرح مثل هذا الوضع تساؤلات عديدة عن الملابسات التي تحيط بالتهاب أسعار الأضاحي، خاصة وأن وزارة الفلاحة قبل أسبوع عن حلول عيد الأضحى تؤكد، من خلال بيان لها، أن عدد رؤوس الأغنام بالجزائر يقدّر بنحو 23 مليون رأس، بل وسجّل الإنتاج الحيواني من الأغنام ارتفاعا محسوسا بمعدل سنوي نتيجة ارتفاع معدل الولادات بعد تحسن الظروف الصحية للأغنام، وكذا ارتفاع معدل المساحات المخصصة للرعي بعد أن أقرّت السلطات الوصية حوافز لتطوير الشعبة الحيوانية، حتى أن الوزارة دعت المواطنين إلى تحاشي الذبح المفرط للنعجة يوم العيد حماية للثروة الحيوانية. وتؤكد أن الجزائريين يستهلكون بين 03 إلى 04 ملايين رأس كأضحية العيد كل سنة. لذلك، فإن الإنتاج الوطني من الخرفان والكباش يكفي لتغطية الطلب على المستوى الوطني. ويعترف وزير الفلاحة في معرض إجابته عن واحدة من أسئلة ''الخبر''بوجود مضاربة في عملية بيع أضحية العيد. ولكن من غير الإشارة إلى المسؤولية الملقاة على عاتق السلطات العمومية في محاربة الظاهرة وعلى الأقل ''حماية مناسبة العيد'' من همجية الذين يستثمرون في كل شيء حتى سلبوا المواطنين فرحتهم، أليس لهؤلاء البسطاء الحق في الفرح يا معالي الوزير؟ فالمضاربة استعمرت الحياة اليومية للجزائريين، فبعد أن جرب هؤلاء السماسرة السكن والحديد والإسمنت والعقار والبطاطا، امتدت أياديهم إلى أضحية العيد. والطرح نفسه يسير فيه رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة السيد بوحجار الذي يقول ''أن هناك عدم تحكم في السوق، فهناك أشخاص يشترون ويعيدون البيع، مما تسبّب في ارتفاع الأسعار''، بينما يشير نائب رئيس المؤسسة الجزائرية للحوم الحمراء كمال شادي، أن ''الجزائر لها وفرة من رؤوس الأغنام وبنوعية يصل عددها هذا العام إلى نحو 24 مليون رأس، إلا أنه يعترف أن تزايد الطلب ساهم إلى حد كبير في هيكلة الأسعار وجعلها ترتفع. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، انخراط وسطاء في عملية الشراء وإعادة البيع، فضلا عن عامل ارتفاع أسعار الأعلاف التي ساهمت هي الأخرى في هذا الغلاء، لاسيما أسعار الذرة والصوجا''. وقد خصّصت المؤسسة نقاط بيع 30 ألف خروف عبر 10 مزارع من الوطن، بينها بئر توتة بولاية الجزائر، وهران وبجاية. ولأن الطلب كبير ويتزايد من يوم لآخر في بئر توتة، فقد ''طلبنا من القائمين على تسيير هذه المزارع ضرورة تصنيف أسعار الأضاحي من 25 ألف دينار إلى 50 إلف دينار، كما قررنا العمل بإجراء البيع بالتقسيط لفائدة موظفي وعمال عدد من الشركات''. مشيرا إلى أن مربو الأغنام في الوقت الحالي ليست لهم مشاكل في الوفرة بتاتا.
الموالون يتحججون بارتفاع أسعار الكلأ
وفيما تؤكد وزارة الفلاحة أن ارتفاع الأسعار وراءه انخراط وسطاء في عملية الشراء وإعادة البيع، يثير موالون بولايات الجلفة والمسيلة والمدية عوامل أخرى تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الأساسية المستعملة كأعلاف للأغنام، بينها سعر الحزمة الواحدة من الكلأ الذي لا يقل عن 400 دينار، بينما وصل سعر القنطار من الشعير 3800 دينار، وهي المادة الوحيدة المدعّمة من قبل السلطات الوصية، فيما قفز سعر القنطار من النخالة إلى 2600 دينار، ولكنهم يعترفون في الوقت نفسه بتعدد الوسطاء القادمين من ولايات أخرى وفي مقدمتها العاصمة، بجاية وبومرداس لشراء الأغنام وإعادة بيعها.
أرقام مرعبة للتهريب بالشرق
ولأن مواطنين قادمين من الولايات السهبية يعترفون بتحوّل عملية بيع خرفان وكباش العيد إلى حرفة مفضلة لدى طابور واسع من البزناسية الباحثين عن الربح السريع، بينهم مقاولون وموظفون وحتى إطارات سامية، فإن حسابات البعض منهم قادتهم إلى تهريب الأغنام إلى البلدان المجاورة وفي مقدمتها تونس والمغرب. وقد سجلت القيادة الجهوية الخامسة للدرك الوطني على مدار التسعة أشهر الأخيرة 502 شكوى تتعلق بتهريب المواشي، وتمكنت من خلالها عناصر المجموعات الولائية بالولايات الحدودية من استرجاع 1649 رأس من الماشية، فيما سجلت تحويل 7317 رأس مسروقة إلى المذابح غير الشرعية والتهريب. وقد ارتفعت نسبة سرقة المواشي بنسبة تزيد عن 08 بالمائة قياسا بالفترة نفسها من السنة الماضية. وأوعزت القيادة الجهوية الخامسة للدرك، قلة العدد المسترجع من رؤوس الأغنام، إلى وجود اتصالات مباشرة وسريعة ما بين مهربي الماشية في الجزائر وتونس ممن يعرفون المسالك والدروب الوعرة الخاصة بالتهريب.
فشل مخططات المهربين غرب البلاد
من جهته، أكد الرق بن عمر، رئيس قسم مديرية الرقابة اللاحقة بالمديرية العامة للجمارك ل''الخبر''، أن تهريب المواشي بالناحية الغربية الجنوبية للبلاد لم يعد سهلا، من جانب أن مصالح الجمارك التي تدعمت وحداتها ب06 مكاتب على طول الشريط الحدودي الغربي تنسق مع حرس الحدود، وقاد الأمر إلى التحكم في هذا النوع من التهريب، فضلا عن أن عامل ارتفاع أسعار الكباش والخرفان في بلادنا صعّب إلى حد ما عمل المهربين، الذين يعترفون بأنفسهم أن المواطن المغربي غير قادر على شراء خروف أو كبش بالسعر المتداول في الجزائر، والعكس صحيح، فكلما تراجعت أسعار الماشية استفحلت عملية تهريبها أكثر.
''القذافي'' يعود من براقي
''الفاغابون'' البطل ب40مليونا و''صدام'' ب30مليونا
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يزداد شغف الجزائريين بكبش العيد لما يمثّله لهم من رمزية وقدسية. غير أن فئة أخرى خاصة الشباب والأطفال يزداد شغفهم بنوع آخر من الكباش، وهي تلك المدرّبة والمخصصة للتناطح أو ''الدقا''، كما يحلو لهم تسميتها، لذا تجدهم يقطعون المسافات ويتنقلون بين الأحياء المعروفة بحثا عن الفرجة والإثارة والحماس.
''الفاغابون'' و''صدام'' و''بيدبول'' و''بريفو'' و''الزندة'' و''طيارة'' و''الأفغاني'' و''الصاروخ''...، هذه الأسماء ليست لشباب الأحياء أو عصابات إجرامية، بل هي ألقاب كباش ''الدقا'' التي تصنع الاستثناء هذه الأيام، ويتم تداولها بقوة بين الشباب والأطفال، حتى أنها أضحت تنافس شهرة لاعبي كرة القدم. هذه الظاهرة دفعت ب''الخبر'' إلى دخول عالم ''الكبش المربوط'' ومعرفة كيفية تجهيز هذه الكباش، ومن أين يتم جلبها والقصة وراء مباريات الدقا. كان يكفي أن تسأل طفلا في الشارع عن اسم أقوى كبش في هذا الموسم، حتى يردّ عليك ''فاغابون تاع كريم وليد الرويسو''، الأمر الذي سهّل علينا المهمة وجعلنا لا نتيه كثيرا في البحث، فكانت وجهتنا ''لاسيتي'' بالرويسو في بلوزداد بالعاصمة، بحثا عن كريم صاحب أغلى كبش في الجزائر. بمجرد وصولنا صادفنا مجموعة من الشباب هم أصدقاء الشخص المبحوث عنه، ظنوا في البداية أنني أريد شراء ''كبش'' لأخوض به منافسات ''الدقا''، غير أنه بعد دردشة خفيفة معهم، أفصحت عن هويتي وسبب مجيئي. عندها أبدى محدثونا استعدادا أكبر للتعاون، فهم كذلك ممن يهوون ''ربط الكباش'' وأخذوا يسردون عليّ ألقاب الكباش المشهورة هذا العام وعلى رأسها ''الفاغابون'' الذي صال وجال في حلبات ''لابريزيدو''2 وباب الزوار وخروبة وأسقط منافسيه الواحد تلو الآخر، حتى يخيّل لك لوهلة أنك تشاهد فيلم المصارع ''فلادياتور''. لم يمر الوقت كثيرا حتى حضر من كنت أنتظره، كريم صاحب الكبش الموعود، شاب في عقده الثالث بادرنا بالتحية، وبمجرد أن أعلمناه بالمهمة، بادرنا قائلا: ''يا أخي كيف وصلت إليّ؟''، إلا أنه سرعان ما تدارك نفسه ''نسيت أنتم الصحافة حاجة ما تخفالكم''. كريم متزوج وأب ل3 أطفال، شاب بسيط يهوى تربية ''الكباش المقرّنة'' كما يسميها منذ أن كان صغيرا، لأن والده كان يشتريها لهم في العيد، وكما يقول هو ''منذ ذلك الوقت دخلّي الفيس تع الكباش''.
4 سنوات تدريب للمنافسات
وتتم عملية ربط الكبش، بجعله في غرفة منعزلة، حيث لا يجب أن يرى أي كبش آخر، ويتم كذلك ربطه بحزام وسلسلة حديدية حتى لا يتحرك كثيرا. أما الأكل فيجب تقديم الشعير والتبن ذو النوعية الجيدة ''لافيس''، وتتراوح فترة ربط الكبش ما بين سنتين إلى 4 سنوات وبعدها يكون ''الكبش'' جاهزا للنزول إلى الميدان وخوض المنافسات. وأجمع الجزائريون أن التوانسة متفوقين عليهم في مجال ربط الكباش، فهم يعتمدون على أساليب وطرق، كالمشي بالكبش على الشاطئ وحقنه بمنشطات، كما طوّروا سلالات، فالذيل أو ''اللية'' في الكبش التونسي تكون غليظة أما في الجزائري عادية، لكن بعد الجمع بين الكبش التونسي والنعجة الجزائرية ظهر نوع لديه ذيل ''كروازي''. كما أنه يجب أن يولى الكبش المربوط الرعاية التامة بجزه وعرضه على البيطري كل شهرين، والسهر على نظافته خاصة في الأقدام وخلف القرون، كما أنه يجب نزع ''ليلام'' وهي تشبه الشفرات تنبت مع القرون. وحول أسباب ارتفاع ونزول سعر الكبش المربوط، أرجع محدثنا ذلك إلى المهارات والقوة التي يتمتع بها، فإذا برز في المباريات وتغلّب على عدد كبير من أقوى الكباش، فإن سعره يرتفع، إلا أنه بمجرد أن يخسر في مباراة، فإن سعره ينزل إلى الأسفل، كما يحصل في البورصة. ويعتبر كريم، خروفه ''الفاغابون''، ملك النطح وبطل الجزائر، من أنجح ''الكباش المربوطة'' التي اشتراها، وحقّق له اسما وشهرة وطنية، إذ قام بجلبه من عند أحد أصدقائه ''عمار الزبالة'' بسوق أهراس مقابل 20مليون، وربطه لمدة 6 أشهر قبل أن يخرجه للدخول في منافسات مع كباش أخرى. في غرفة معزولة تم الفصل بينها بثلاثة ألواح خشبية، وجدنا ثلاثة كباش مربوطة، الأول يسمى ''الفيزور'' وثمنه يقدر ب 20 مليون، والثاني ''بيدبول'' وهو أسود يشبه أسفل قامته سلالة كلاب البيدبول، مما جعل صاحبنا يلقّبه به، وهو أيضا لا يقل سعره عن 20مليون سنتيم. أما في الوسط فتربع ''الفاغابون'' أو ''المتشرد'' على مساحة كبيرة تكفي لركن سيارة ''الماروتي'' التي تتساوى معه في السعر أو أنه يفوقها، ولم يكن يبدو أن الكبش يعيش حياة التشرد مثلما يدل عليه اسمه، بل كان في غاية الراحة والرفاهية ''راهو مفشّش ومقلّش'' كما عبّر صاحبه، فهو لا يتناول العلف العادي، بل تقدّم له ''لافيس'' وهي من أجود أنواع ''التبن'' إذ يتراوح سعر ''البوطة'' ما بين 850 و900 دينارا. اقتربنا من ''الفاغابون''، في بداية الأمر خشيت أن ينطحني، لكن تطمينات صاحبه جعلتني لا أتردّد في فحص هذا الكبش الذي قدّر سعره بأكثر من 40 مليون سنتيم علّني أجد ربما قرنه من الذهب أو صوفه من الفضة، إلا أنه كان مثل كل الكباش، لكن ما يميّزه شكله العريض وقامته ومقدمة رأسه المحدّبة وقرنيه البارزين. وحول كيفية اختيار ''الكبش المقرّن'' قال كريم: ''عندما تنظر إلى الكبش تعرف إذا كان قويا أم لا، فيجب أن تكون تفاصيل وجهه قوية ''الخنوفة'' تكون بارزة، بالإضافة إلى حجم الرأس ومدى تناسقه مع القرنين، دون إهمال شكل الجسم ومدى قوته. وعن القرون أضاف محدثنا أنها أنواع، هناك الصوان والطوبي، والصوان أنواع ودرجات، فهناك الممتاز ''كوكياج'' والمتوسط والضعيف، والممتاز يشبه الرخام، بحيث أنك لما تطرق عليه تحسّ بذلك، كما هو الشأن مع ''الفاغابون''. ولحد الآن، قام ''الفاغابون'' بالعديد من المنازلات، إلا أنه الآن يستريح تحضيرا للمقابلة النهائية، وكريم لا يقبل أن ينازل ''الفاغابون'' أي كبش هاوي، إذ يشترط أن يكون المنافس قد صنع اسما وتغلّب على عدد من الكباش المحترفة.
هوس لاعبي كرة القدم ومحامين
ولا يقتصر ''الفيس'' والهوس بالكبش المقرن، على فئة معينة، بل أن هناك أطباء ومحامون وحتى من يشغلون مناصب سامية، لا يستغنون عن مشاهدة مباريات الدقا، بل ويحرصون على اقتناء ''كبش مقرن'' للأضحية، كما هو الحال مع كمال المحامي الذي يختار دائما عطلته السنوية في فترة عيد الأضحى حتى يتسنى له اختيار كبشه والاستمتاع بمرافقته وإدخاله منافسات ما بين الأحياء، فهو لا يتردد في شراء كبش يفوق سعره 01ملايين سنتيم، لأن المهم أن يصنع الفرجة في ''الحومة'' ويصنع له اسما ككل سنة. ولم يقتصر الأمر على المحامين، بل امتد حتى إلى عشاق الكرة المستديرة، كما هو الحال مع اللاعب السابق للوفاق السطايفي وابن الرويسو نبيل حيماني، الذي كان يمتلك ''كبش تع بفار'' اختار له اسم ''بلوتوث''، وخاض به عدة مباريات، قبل أن يتراجع مستواه مثلما تراجع مستوى صاحبه في مداعبته للكرة.
معقل ''الكبش المربوط''
لا يمكن أن نبحث عن كبش مربوط بسوق اهراس دون أن تمر على ''عمار الزبالة''، هذا الشخص الذي يمكنه تمييز إذا كان الكبش ''مقاتلا حقيقيا''، نظرا لخبرته وامتلاكه لمهارات في ربط الكبش. وحول انفراد سوق اهراس بصفتها معقل الكباش، أجمع مهتمون بالأمر، أن ذلك يرجع إلى قربها من تونس، فالتوانسة يشترون كباشا من سوق اهراس ومن ثم ''يربطونها في تونس'' وبعد ذلك يعيدون بيعها إلى الجزائريين. وأضاف كريم أنه في السنوات الأخيرة دأب الجزائريون، خاصة بولايات الشرق على ''ربط الكباش'' أي تحضيرهم، مما أدى إلى اشتداد المنافسات، حيث يتم جلب الكبش ''السوفاج'' -أي الذي تظهر عليه علامات القوة منذ الصغر- من أسواق ولايات الغرب كالبيض وبوقطب والمشرية وحتى من الصحراء، ويتم تحضيره، فعاشقو ''الكبش المقرّن'' يخوضون رحلات وجولات تستمر لأسابيع وشهور قصد قنص ''حبة مفقودة'' واستثمارها. ويعود تاريخ تربية الكباش المقرنة حسب أهل الاختصاص إلى سكان بجاية، فهناك عرفت الظاهرة، قبل أن تمتد إلى ولايات سوق أهراس وعنابة والعاصمة وبعدها فالمة وجيجل ومؤخرا قسنطينة. فربط الكباش ظل حكرا على الولايات الشرقية، عكس ولايات الغرب التي لا تعرف هذه الظاهرة.
بوشقوف.. الفرجة والإثارة
ويصنع كل من ''بالالا'' و''العتارسي'' و''الضرع'' و''زباتا'' و''ريكالمو التونسي'' الحدث في ميدان التناطح ببوشفوف، وهي منطقة تقع بين سوق اهراس وعنابة، حيث تبعد عنهما ب50 كم وتبعد عن قالمة ب40 كم، لتصبح مقصدا لأصحاب الكباش والباحثين عن الفرجة والإثارة، خاصة وأن عدد المباريات التي تقام في اليوم تفوق 01. ولا يقتصر الحضور على أبناء المنطقة، بل هناك أشخاص يتوافدون من تونس ومن ولايات بعيدة، كما هو الحال مع كريم الذي يستقل الطائرة صباحا باتجاه عنابة لمشاهدة ''الكومبات'' ويعود على متنها في المساء إلى العاصمة.
نهائي بين ''الفاغابون'' و''صدام''
وعن كيفية تتويج ''الكبش'' ببطل الجزائر، يقول العارفون بالميدان، أن هناك تصفيات تتم على مستوى الكباش في الأحياء على مدار السنة، وبعد كل مصارعة يظهر كبش مقاتل، وبعد سلسلة من التصفيات تخرج مجموعة متكونة من 8 كباش تخوض هي الأخرى مباريات ثمن النهائي وربع النهائي ونصف النهائي، ليبقى في الأخير كبشين يتصارعان على لقب بطل الجزائر، وتنطلق المنافسات مباشرة بعد شهر رمضان، لتتوقف أيام العيد. و''بطل الجزائر'' هي منافسة تمتد لسنوات عديدة وليست وليدة الأمس. فالعاصميون لا يزالون يتذكرون الأسطورة ''طيارة'' الذي كان مملوكا لشخص من ''المدنية''، تربع على اللقب لمدة 4 سنوات، قبل أن يسقط أمام ''الزندة'' من الحراش والذي سقط بدوره أمام ''الأفغاني'' من عنابة والذي قدر سعره آنذاك ب84 مليون.تركنا كريم مع كبشه ''الفاغابون'' في ساعة متأخرة ضاربين له موعدا بعد العيد بغابة ''لابريزدو2'' لمشاهدة النهائي المثير بين ''الفاغابون وصدام''، ونقل تفاصيله للقراء...انتظرونا.

الإسلام يحرّم إيذاء الخرفان
في اتصال ب''الخبر''، أكد الشيخ عبد الكريم ليساني، أن الأضحية هي شعيرة من شعائر الإسلام يتقرب بها العبد إلى ربه، لذا لا يجوز وضع كباش الأضحية للمصارعة، لأن هذا يتسبب في أذيّتها وهو ما يتنافى مع الإسلام والقيم الإنسانية كما نص عليه الحديث الشريف للرسول عليه الصلاة والسلام: ''فإذا قتلتم فأحسنوا القتل''، ووضع الكباش للمصارعة يندرج في إطار كل ما يسيء إليها.'' كما أضاف الشيخ ليساني، أن كل مال يكسب عن طريق ''المقامرة'' على صراع الكباش، هو مال حرام مثلما ذهب إليه الشيخ شارف، رحمه الله وأكده الشيخ آيت علجت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.