أوضح بيار شوفنمان، وزير الدفاع الفرنسي، أن للجزائر دور هام يمكن أن تلعبه في ضمان استقرار منطقة الساحل جنوب الصحراء، مؤكدا أنه لا يمكن ضمان السلم في هذه المنطقة دون الاعتماد على الجزائر بالنظر إلى العمل الذي قامت به في مجال الوساطة في النزاعات التي عصفت بإفريقيا وتجربتها الطويلة في مجال مكافحة الإرهاب. رافع وزير الدفاع الفرنسي السابق، بيار شوفنمان أول أمس الخميس مطولا من أجل الالتفات إلى الدور الكبير الذي يمكن للجزائر أن تلعبه من أجل استتباب الأمن وتحريك عجلة التنمية في منطقة الساحل جنوب الصحراء، وقدم المسؤول الفرنسي الكثير من الشواهد لتدعيم هذا الطرح وأوضح جان بيار شوفنمان بمناسبة افتتاح ملتقى حول »المغرب العربي و جنوبه« الذي نظم بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن الجزائر يمكن أن تلعب دورا في استقرار الساحل، وهذا على خلفية الاضطرابات التي أصبحت تعيشها هذه المنطقة جراء القلاقل الأمنية وانتشار الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، فمنطقة الساحل جنوب الصحراء أضحت هشة خلال السنوات الأخيرة سواء بسبب العوامل المذكورة أو بسبب أيضا ظاهرة الجفاف، وهو ما جعل وزير الدفاع الفرنسي السابق يصرح أنه »لا يمكن جعل هذه المناطق سلمية إذا لم يكن بإمكاننا الاعتماد على الجزائر، وينبغي على الفرنسيين أن يكونوا أكثر واقعيين لإدراك ذلك«، وقال بيار شوفنمان الذي يشغل حاليا منصب رئيس مجموعة العمل الساحل بلجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ الفرنسي أمام جمع من أعضاء مجلس الشيوخ وخبراء في العلاقات الدولية و صحفيين أنه »يمكننا أن نأمل في أن تلعب الجزائر دور مستقر« في المنطقة حتى وإن كان هذا يعني أنها »تستقر هي كذلك«. وأكد بيار شوفنمان أيضا: »نلمس جليا من قبل الجزائر إرادة في النظر نحو جنوبها«، مذكرا بهذه المناسبة مساهمة البلد في مكافحة الإرهاب وفي الوساطة لتسوية النزاعات في إفريقيا، ويرى الوزير الفرنسي السابق أن معالجة مشكل الأمن في الساحل بنجاح لا يمكن أن تتم دون تصور شامل كما قال يجمع في نفس الوقت الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وفرنسا كما ينبغي أن تجند الوسائل الضرورية حتى يتم تطوير المبادرات التي تم اتخاذها في هذا الصدد، في إشارة منه إلى العملية الفرنسية »سرفال« بمالي، وأكد في ذات السياق أنه يجب على الاتحاد الإفريقي أن يعزز »حضوره عسكريا« في الميدان محذرا من أن يشكل الساحل عبئا على الانتعاش الإفريقي في حالة عدم استقراره. للإشارة كان وزير الدفاع الفرنسي السابق قد حضر في 19 سبتمبر الجاري بالعاصمة المالية بماكو مراسم تنصيب رئيس مالي الجديد إبراهيم بوبكر كيتا إلى جانب الرئيس فرانسوا هولاند، وقد حضر هذه المراسيم من جانب الجزائر كل من الوزير الأول عبد المالك سلال و هو شخصية تعرف جيدا منطقة الساحل كونه كان والي أدرار و تمنراست، ووزير الشؤون الخارجية الجديد رمطان لعمامرة مختص في الشؤون الإفريقية الذي شغل منصب رئيس مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي. ويذكر أن ندوة »المغرب العربي و جنوبه : نحو علاقات متجددة« خصصت لتقديم كتاب أنجزه خبراء في العلاقات الدولية تحت إشراف كل من منصورية مخفي مسؤولة برنامج الشرق الأوسط - المغرب العربي بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية و آلان أنتيل باحث ومسؤول على برنامج إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء بنفس المعهد. وليست هي المرة الأولى التي ينوه فيها مسؤولون فرنسيون ومن دول غربية أخرى على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية بالدور الذي تقوم به الجزائر من أجل استتباب الأمن والسلم في القارة السمراء عامة ومنطقة الساحل جنوب الصحراء على وجه الخصوص، وتعتبر الجزائر رائدة في مجال مكافحة الإرهاب بالنظر إلى تجربتها الطويلة في مواجهة هذه الظاهرة وبالنظر إلى الإمكانات المادية والبشرية التي تتوفر عليها في هذا المجال، وهي رائدة فضلا عن ذلك في مجال مكافحة الجريمة بصفة عامة نظرا لقدرات أجهزتها الأمنية التي تتوفر على بنك معلومات في هذا المجال لا يوجد حتى عند الدول الكبرى المعترف لها دوليا بقدراتها الاستخباراتية والأمنية الفائقة، ولا يمكن بطبيعة الحال أن نغفل عن جانب مهم يتعلق بالدور الذي لعبته ولا تزال تلعبه الجزائر في مجال التنمية ودفاعها الشرس على وجوب المزاوجة بين الخيارات الأمنية والتنموية لمعالجة مشاكل منطقة الساحل جنوب الصحراء.