غصت شوارع العاصمة الرباط, اليوم الأحد, بالمحتجين, توافدوا من كل جهات المغرب, لإدانة بأقوى العبارات خيانة النظام المغربي للقضية الفلسطينية وتطبيعه المخزي مع الكيان الصهيوني الذي يمارس التطهير العرقي والقتل الجماعي منذ أكثر من عام ونصف بحق الشعب الفلسطيني. وتوافدت حشود المغاربة, رجالا ونساء, شبابا ومسنين, حاملين الأعلام الفلسطينية وصور الشهداء ورموز المقاومة, ليجددوا العهد مع غزة ويفضحوا النظام المخزني الذي اختار الوقوف إلى جانب قتلة الشعب الفلسطيني, في محاولة لفرض علاقات مشبوهة على حساب حقوق الأبرياء. و انطلقت المسيرة من "باب الأحد" في قلب العاصمة الرباط لتغطي شوارعها برايات فلسطين, مجسدة رفضا قاطعا للتطبيع ومنددة بكل أشكال التعاون مع الكيان الصهيوني المجرم, إذ أظهرت الحشود إصرارا على رفض توقيع أي اتفاقيات أمنية أو عسكرية مع المحتل الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني. و أكد المتظاهرون أن أي دعم لهذا الكيان لا يعدو كونه خيانة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتواطؤا مع آلة القتل الصهيونية, مطالبين بوقف كل أشكال التفريط والتنازل عن القضية المركزية للأمة العربية والاسلامية . وهتف المتظاهرون بشعارات صارخة من قبيل: "أيتها العاصمة, التطبيع جريمة", "أيتها المملكة هذا التطبيع مهلكة", "المغرب وفلسطين شعب واحد" و "يا غزة.. التطبيع لا نريده والشهيد ما ننساه", في تأكيد على أن الكيان الصهيوني لا مكان له على أرض المغرب, مهما أصر النظام وتمادى في خذلان القيم والمبادئ. ووسط الحناجر الصادحة, علت لافتات تدين تحويل ميناء طنجة إلى معبر لمرور الأسلحة الصهيونية, معتبرة ذلك مشاركة مباشرة في المجازر. ولم يتردد المتظاهرون في وصف ما يجري ب"الخيانة", و اعتبروا أن السماح بمرور العتاد الحربي للكيان الصهيوني, هو وصمة عار على جبين النظام الذي اختار الاصطفاف مع القتلة ضد المظلومين. وفي مشهد يعكس التناقض الفاضح بين خيارات المخزن وإرادة الشعب, أكد المحتجون أن "لا شرعية لأي اتفاق يربط المغرب بالكيان المجرم" و أن "الشعوب لا تطبع, بل تقاوم", حيث أصبح واضحا أن النظام المغربي, بكل مواقفه المتخاذلة, يصر على السير في طريق الخيانة والتطبيع, بينما الشعب المغربي بكل أطيافه يرفض هذا الطريق الذي لا يعكس سوى الهوان والتبعية. وقد عرفت المسيرة مشاركة أطر من مختلف القطاعات, أبرزهم الأطر الصحية, الذين رفعوا تحية إجلال لزملائهم في غزة, ممن يواصلون تقديم العلاج تحت القصف, ويستشهدون داخل سيارات الإسعاف والمستشفيات المستهدفة. ولم ينس المحتجون أن يشيروا إلى التضييق المستمر على الأصوات الحرة الرافضة للتطبيع, من اعتقالات ومحاكمات وغرامات, ورغم ذلك لم يخف صوت الشارع, بل ازداد صلابة, حيث طالب المتظاهرون بوقف هذه السياسات القمعية فورا, والإصغاء لنبض الشعب الذي يرفض أن يدنس اسمه بعلاقات مشبوهة مع محتل غاصب. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة الإبادة في غزة, وتغرق الخيام في الدماء, يواصل النظام المغربي توطيد علاقاته مع الكيان الصهيوني, بتوقيع اتفاقيات أمنية وتدريبية وتجارية, وكأن دماء الفلسطينيين لا تساوي شيئا لدى المخزن, فبينما يستشهد الأطفال تحت الأنقاض, تستقبل الوفود الصهيونية في الرباط, وتفتح الأبواب للصهاينة ليعبثوا بالبلاد, بلا أدنى احترام لمشاعر المغاربة.