كشف يوسف مرجي رئيس الجمعية الوطنية للأطباء النفسانيين أن نسبة الانتحار في الوسط الطبي وبخاصة بالنسبة للأطباء المختصين في الأمراض العقلية لا يتعدى4 بالألف في السنة، كما أكد من جهته البروفيسور خوجة أن 130 طلب على العلاج من الأمراض العقلية والنفسية يستقبلها المستشفى العسكري علي منجلي قسنطينة باعتباره المؤسسة الوحيدة التي تتوفر بها مصلحة الأمراض العقلي على المستوى الجهوي. نظم، أمس، مؤتمر دولي حول الأمراض العقلية ومخاطرها على المجتمع بفندق الحسيني علي منجلي قسنطينة، تم خلاله عرض التجربة الفرنسية حول طرق علاج الأمراض العقلية ودور الأعوان السريين في التقرب من هذه الشريحة. وفي محاضرة له أوضح البروفيسور داركور من جامعة نيس أنه منذ عشرات السنين والبحوث تجرى في هذا المجال معظمها على مستوى مراكز توزيع الوجبات المجانية للمتشردين وعابري السبيل، وقد بينت دراسة من هذه الدراسات أن 40 بالمائة من الأشخاص الوافدين على هذه المراكز كانوا يترددون على مصالح علاج الأمراض العقلية. وكشف البروفيسور داركور الطرق التي يستعملها المهتمين بهذا المجال، حيث ينشرون أعوانا سريين من أجل التقرب من المجانين والمشردين في الشوارع لمعرفة ظروفهم الاجتماعية و الدوافع التي انتهت بهم إلى هذا الوضع، ومتابعتهم. أما المجانين فهؤلاء الأعوان يعتمدون على لغة الجسد حسب ذات المحاضر، الذي أشار إلى الصعوبات التي يتلقها المساعدون الاجتماعيون في علاج المرضى، كون الأطباء يعتمدون في علاج المريض على الأدوية والأقراص، مما يزيد في فقدان وعي المريض حيث يصعب التعرف على حالته المرضية. أما البروفيسور خوجة من المستشفى العسكري علي منجلي قسنطينة أشار إلى أن المستشفى العسكري علي منجلي المؤسسة الوحيدة التي تتوفر على مصلحة لعلاج الأمراض العقلية مقارنة مع المستشفيات العمومية الأخرى )المدنية( الموزعة عبر تراب الولاية وحتى على المستوى الجهوي. وركز المحاضر على أهمية الطب العقلي ذو الصلة، من خلال الدراسة التي أجراها الطاقم الطبي للمستشفى في مدة 12 شهرا، وكشف التقرير أن 130 طلب على العلاج من الأمراض العقلية، أي بنسبة 40 بالمائة وتتراوح أعمار الراغبين في العلاج بين 20 و82 سنة، و يصل متوسط العمر إلى 45 سنة، بالإضافة إلى 30 بالمائة من الذين يرغبون في العلاج من الانهيارات العصبية، حيث 10 بالمائة يتم التكفل بهم، كما توجد شريحة أخرى تعاني من حالات الهيجان بنسبة 48 بالمائة، في حين بلغت نسبة محاولة الانتحار 45 بالمائة. وحول الدوافع التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة أرجعت حسناء بن سالم طبيبة نفسانية وعضو في جمعية الرسالة المرورية الأسباب إلى غياب الثقافة النفسية في المجتمع، كون معظم الأسر الجزائرية تتحفظ في الكشف عن إصابة احد أفرادها بمرض عقلي، وترفض زيارة طبيب نفساني، موضحة أن المريض قد يعاني من صدمات نفسية، كما أن ضغط الحياة اليومية والتوتر دفعت العديد من أفراد المجتمع إلى العزلة والانطوائية، ونظرا لغياب التكافل الاجتماعي والأسري غالبا ما يلجأ المريض إلى الشارع للعيش بعيدا عن الجو العائلي. ومن جهته أوضح السيد يوسف مرجي رئيس الجمعية الوطنية للأطباء النفسانيين مدى الدور الذي تلعبه مكاتب طب ألأمراض العقلية داخل المستشفيات، مشيرا إلى أن انتشار هذه الظاهرة يعود إلى إلغاء مصلحة ألأمراض العقلية ابن باد يبس منذ ,1975 وعلى حد قوله فإن بقاء هذا المصلحة ضروري حتى تستفيد منه المصالح الاستشفائية ألأخرى وبخاصة مصلحة الإنعاش ومصلحة حفظ الجثث، أين يتعرض العاملين بها إلى الضغوطات النفسية. وقد بات من الضروري -كما قال- إنشاء وحدة صغير للأمراض العقلية على مستوى كل مستشفى، لحل المشاكل الإستعجالية مثلما هو معمول به في الدول الأوروبية، عندما لجأت هذه الأخيرة إلى غلق المستشفيات الخاصة بالأمراض العقلية، وفتحت وحدات جوارية، لأن المريض يحتاج غالى التكيف مع بيئته ولا ينبغي أن يسجن داخل قاعة مغلقة. وعن إدماج المدمنين بالمصابين بالأمراض العقلية أرجع رئيس الجمعية الوطنية ألسباب إلى غياب المراكز المتخصصة في علاج الإدمان، وإن وجدت فهي تفتقر إلى إمكانيات العلاج والمتخصصين، فيما تحفظ رئيس الجمعية عن تقديم إحصائيات حول ظاهرة الانتحار عند الأطباء، مشيرا بالقول أن هذه الظاهرة لا تتجاوز نسبتها 4 في الألف في الوسط الطبي من بين حالات الانتحار التي تسجل سنويا.