تكثر بحلول فصل الشتاء و مع انخفاض درجة الحرارة المبادرات الخيرية و التي تعود إطلاقها نشطاء في المجتمع المدني تهدف في مجملها إلى التخفيف من معاناة الاشخاص بدون مأوى الذين يفترشون الأرض و يلتحفون السماء ، فغالبا ما تقدم لهم بطانيات تحميهم من البرد و بعض الألبسة المستعملة و حساء ساخن يذهب عنهم الجوع و أكثر من كل هذه الماديات التي تتعب المنابر الجمعوية في جمعها من المحسنين مرافقة نفسانية تقول صراحة و بشكل ضمني» نشعر بمعاناتكم و لكن..« لكن تعددت في السنوات القليلة الماضية أوجه هذه المبادرات لتتوسع إلى العالم الافتراضي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحات الفايسبوك التي تبنت مثل هذا العمل الخيري بفضل جمعيات شبانية افتراضية أصبحت الوجبة الساخنة أو ملابس للمشردين في مثل هذا الموسم البارد بالنسبة لهؤلاء الذين جمعهم عالم افتراضي و حب فعل الخير أكثر من تقليد موسمي بل رغبة جامحة في خلق جسور التضامن و التآزر بين أفراد هذا المجتمع و إشراك اكبر عدد ممكن من الجزائريين البسطاء في الالتفاف حول عمل خيري بعيدا عن أي إشهار أو تشهير بأصحابه كل حسب إمكانياته المادية . مبادرات سواء كانت من إمضاء جمعية» ناس الخير« التي أصبحت في ظرف قياسي تملك فرعا في كل ولاية من ولايات الوطن أو جمعية» دير الخير ونساه « أو« أوكسجين الجزائر« أو » شباب من أجل الجزائر« فهذه المنابر الافتراضية أصبحت أكثر من أي منابر جمعوية تملك الاعتماد تكثف هذه الايام خرجاتها الليلية لفائدة الاشخاص بدون مأوى بمعدل على الاقل مرة كل أسبوع تمشط فيها شوارع و أزقة العاصمة على سبيل المثال لا الحصر تقدم وجبة ساخنة لهؤلاء و كوب ساخن من الشاي والكثير من الدفء بوجوه شابة مبتسمة تخدم المشردين بعيدا عن لغة المن و» المزية« تعوض عبارتي» يرحم والديكم« أو» جازكم الله كل خير « كل مظاهر التعب والاعياء التي قد تنتاب هؤلاء المتطوعين لفعل الخير بعد يوم شاق قضوه في مطبخ احدهم في تحضير الوجبات بكل حب وإتقان. مجموعة» ناس الخير« لولاية الجزائر قامت بأخر خرجة ليلية لها يوم ال22 من الشهر الجاري من ساحة 1 ماي إلى باب الوادي مروراً بشوارع العاصمة قدمت خلالها للمشردين والأشخاص بدون مأوى 200 وجبة أكل ليلتها مشردو العاصمة حتى شبعوا فمنهم من تناول حساء لوبيا باللّحم بينما التهم آخرون طبق المعكرونة بالدجاج وتقاسموا علب ياغورت وبيض مغلي و عصير وموز وماء و حلويات» المادلين« وحرصت »مجموعة ناس الخير« التي وفرت كل الظروف المادية و المعنوية لإنجاح الخرجة الليلية من باب الأمانة على تقديم عرضا مفصلا على صفحاتها على الفايسبوك لكل الذين ساهموا ماديا ومعنويا في هذه المبادرة الخيرية. »كان الأمر في البداية، قال احد المنتمين الى احد المواقع الاجتماعية ، أشبه بالحلم المستحيل لكن ارادة الجماعة في عمل الخير والالتفاف كل الناس حول هذا المشروع جعلنا نذلل كل الصعاب فبمجرد أن ننشر قائمة المستلزمات لتحضير الوجبات المزمع تقديمها حتى تصلنا المكالمات و الإعانات من كل جهة فنصل في أغلب المرات إلى تحضير و توزيع أزيد من 150 وجبة ساخنة. وبحكم تجربتنا، أضاف ذات المتحدث، أصبحنا نعرف مكان تمركز هؤلاء الاشخاص بدون مأوى فنقصد كل في شارعه و لم يعد هؤلاء يخافوننا أو يرفضون التعامل معنا بل أصبحوا ينتظروننا وبمجرد أن تتوقف مركباتنا محملة بالأكل يأتي هؤلاء إلينا متسائلين» كاش ما كاين ماكلة سخونة« واعترف ناشط آخر في إحدى صفحات التواصل الاجتماعي قائلا» نحاول خلق عمل تكاملي فيما بيننا يدفعنا دائما وفي كل مرة إلى التسابق إلى تقديم الأحسن و الأجود لهذه الشريحة المهمشة اجتماعيا، فبحكم تجربتنا السباقة أصبحت دائرة تحركات أعضائنا محصورة في بعض الاحياء دون أخرى بينما ينشط غيرنا في »حومات «وأحياء قد لا نصل إليها، و عادة و بدون اتفاق مسبق تكون خرجاتنا متفرقة لا تتم في يوم واحد حتى لا نضطر لتقديم وجبتين لهؤلاء في يوم واحد بينما يحرمون من الأكل طيلة أسبوع كامل، لكن رغم جهودنا المبذولة حتى لا نكون معا في الخرجة ذاتها أحيانا يحدث تداخل فيما بيننا و نسمع هؤلاء المشردين يستقبلوننا بعبارة » لقد أعطونا اصحابكم« فنفهم أن غيرنا مروا قبلنا وأن مرورهم هذا و عملهم الخيري لم يترك جياعا من بعدهم. جمعية» شباب من أجل الجزائر« تحرص على ضمان خرجتين كل شهر تمت أخرها يوم ال16 نوفمبر تم توزيع خلالها 216 وجبة على هذه الفئة فكان الطبق الرئيسي شربة عدس باللحم و سلاطة بطاطا و علب ياغورت و قارورة ماء و خبز و فاكهة إضافة إلى الألبسة والأغطية وزعت على الأشخاص بدون مأوى و الذين تعودوا افتراش» الكرطون« والنوم و بطونهم خاوية. هي مجموعات افتراضية تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي أغلبهم من الطلبة و أولاد »الحومات « لا ينتمون لأي تنظيم حزبي وليسوا منخرطين في أي جمعية معتمدة ،عالمهم افتراضي لكن وجودهم كأشخاص يحبون ويعشقون فعل الخير حتى النخاع لم يعد يحتاج لأي دليل سواء في شكل إدراج وتبني نداءات فردية او استغاثات جماعية و يبقى التكافل والتآزر الاجتماعي سبب تواجدهم والحب الذي يدفعهم إلى الأمام ينافسون المنابر الجمعوية التي لازالت تبحث عن مقرات و دعم من الدولة بينما نجحوا من خلال العالم الافتراضي في صنع أسمى عبارات التآخي والتضامن الاجتماعي.