رغم تعليمات الوزير الأول بخصوص تغطية الطلب المتزايد على حليب الأكياس، من خلال إصدار قرار يقضي برفع الإنتاج الوطني لهذه المادة، ورغم تطمينات وزير الفلاحة والتنمية الريفية المواطنين بتوفير هذه المادة الأساسية بالسوق الوطنية بشكل كبير، وتوعده المنتجين الذين تسببوا في مشكل الندرة باستخدام المسحوق في إنتاج مشتقات الحليب لتضخيم هامش ربحهم، بعد أن عرفت هذه المنتجات ارتفاعا في أسعارها، إلا أن أزمة الحليب لا تزال تلقي بظلالها على يوميات المواطن العاصمي، بعد أن دخل مشكل الندرة الشهر الثاني المكان حي بن عكنون، الزمان السابعة صباحا..طوابير لا متناهية من المواطنين أمام دكان للمواد الغذائية، الذي لم يفتح بعد أبوابه..ينتظرون قدوم شاحنة موزع الحليب،.التي قد لا تأتي أبدا، رغم ذلك لابد من الإنتظار، لعل الإنتظار ينفع ويبعد »شبح« اقتناء الحليب المعبأ في العلب، الذي التهبت أسعاره..مشهد يتكرر يوميا سواء بهذا الحي أو بقية الأحياء الأخرى من العاصمة، حيث تشكلت من جديد طوابير ضخمة في أغلب الأحياء، خلال هذه الأيام، بعد أن تراجعت كميات حليب الأكياس المعروضة للبيع. هذه الوضعية أفرزت حالة غضب وغليان لدى عامة المواطنين بسبب ندرة هذه المادة الأساسية، خاصة بعد أن طالت مده الأزمة لتمتد إلى أكثر من سبعة أسابيع. وحسب صاحب محل للمواد الغذائية بسوق بن عكنون بالعاصمة، فإن هناك تباينا في العرض، حيث يقول »في بعض الأيام نتلقى عددا قليلا من الأكياس وفي أيام أخرى لا نستلم كيسا واحدا، وفي كلا الحالتين نواجه غضب المواطنين في الطوابير». وأرجع محدثنا نفاذ كميات الحليب الموزعة عبر مختلف المحلات بسرعة، إلى عامل اخر يتعلق بالكميات الكبيرة التي يقتنيها جموع المستهلكين، حيث لا يكتفي الواحد بكيسين أو ثلاثة، مما يضطرنا يقول في بعض الأحيان إلى تحديد عدد الأكياس بكيسين لكل شخص، مما يثير حافظة الكثيرين. ولم يجد بعض أصحاب محلات بيع المواد الغذائية من حل أمام استمرار مشكل تذبذب التوزيع، سوى غلق أبواب دكاكينهم في الساعات الأولى من الصباح وعدم استقبال الكميات الموزعة، وهذا تفاديا للدخول في المناوشات مع الزبائن. هذا ما أكده لنا أكثر من بائع على مستوى حي العاشور غرب العاصمة، حيث قال لنا أحدهم أنه خسر بعض زبائنه وتشاجر مع جيرانه بسبب مشكل حليب الأكياس، لهذا قررألا يفتح دكانه في الصباح، حتى يبتعد عن »مشاكل الحليب «التي لا تنتهي يضيف. هكذا جعلت أزمة الحليب الأسر البسيطة تعيش على هاجس يتجدد عند بداية كل يوم، وهو الظفر بكيس من هذه المادة الأساسية التي تشكل ركيزة القوت اليومي للمواطنين، حيث أصبح النقاش حول سبب عودة أزمة الحليب من جديد ومتى ينتهي هذا المشكل، محور حديث المواطنين يوميا، ليطغى هذا الموضوع على جميع اهتمامات الناس. أحد المواطنين الذي التقينا به أمام محل لبيع المواد الغذائية بسوق بن عكنون، قال لنا في استياء، حليب الأكياس هو المادة الأساسية الوحيدة التي لا يمكن لأي مواطن جزائري أن يستغني عنها، علما أنه أمام الغلاء الفاحش الذي طال كل المواد الإستهلاكية، الكثير من العائلات تعتمد في قوت يومها على الحليب كوجبة أساسية وضرورية، بحيث أن هناك عائلات تستهلك معدل أربع إلى ستة أكياس في اليوم، تصوروا إذا استمر مشكل ندرة الحليب، واضطرت هذه العائلات اقتناء الحليب المعلب الذي يصل سعره إلى مائة دينار للعلبة الواحدة، الأمر غير معقول يقول هذا المواطن. يحدث هذا رغم القرارات التي اتخذتها الحكومة، والإجراءات التي أعلنت عنها خلال الأيام القليلة الماضية والتي تقضي ب» دعم طاقات الإنتاج الوطنية من مادة الحليب ورفع إنتاج حليب الأكياس المدعم بغرض سد الطلب الإضافي على هذه المادة واسعة الاستهلاك، ورغم تطمينات وزير الفلاحة والتنمية الريفية المواطنين بتوفيرهذه المادة الأساسية بالسوق الوطنية بشكل كبير. وتساءل مواطن من باب الوادي عن سبب استمرار مشكل الندرة، بعد نفي المسؤول الأول عن قطاع الفلاحة والتنمية الريفية خلال زيارته لمقر ومستودع الديوان الوطني المهني للحليب، وجود نقص في توزيع حليب الأكياس المدعم من طرف الدولة. فيما أرجع مواطنون تحدثنا إليهم في الموضوع، استمرار مشكل الندرة، إلى تحايل بعض المنتجين وعدم نزاهتهم، الذي كان وراء ندرة هذه المادة الأساسية بالسوق بعد تفضيلهم استعمال مسحوق الحليب في إنتاج مشتقات الحليب، خاصة مادة الياوورت، فيما لم يجد مواطنون آخرون تفسيرا لعودة أزمة الحليب، سوى بربطها بفترة الإنتخابات، التي عادة ما تتوالى فيها -حسبهم -أزمات ارتفاع الأسعار بالنسبة لبعض المواد الإستهلاكية وندرة مواد أخرى.