تباينت القراءات التي تبعت خطاب العقيد الليبي معمرّ القذافي بمناسبة إعلان بلاده منح جوازات السفر للتوارق النيجر ومالي، كما لم تستقر خاصة أمام طرح العديد من التساؤلات بخصوص هذه الخطوة التي أطلقها الزعيم الليبي الذي نجح مقابل ذلك في جمع زعماء الحركات المتمردة في البلدين لتوقيع اتفاق السلام. تعهّد الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بصرف جوازات سفر ليبية رسمية للتوارق، واعتبارهم مواطنين أصليين في بلاده, لكنه لم يوضح ما إذا كانت هذه الخطوة ستقتصر فقط على التوارق الموجودين في ليبيا أو الوافدين إليها من مالي والنيجر. وقال القذافي الذي كان يتحدث خلال احتفال جرى تنظيمه مساء الثلاثاء في مدينة سبها الليبية، بمناسبة إعلان السلام الكامل بين الفصائل والجماعات المسلحة السابقة في شمال النيجر وشمال مالي، استجابة لندائه لهم بنبذ العنف وإلقاء السلاح، إنه »بهذا اليوم المشهود أريد أن أقول لكل التوارق الموجودين الآن في بلدهم إن ليبيا ستصرف لهم جوازات سفر ويعتبرون ليبيين أصليين«. وتابع الزعيم الليبي مخاطبا الحضور: »نحن نعرف أن بلدكم الأصلي الأم هي ليبيا، ولكن الذين عاشوا زمنا طويلا في النيجر فإن بلدهم هي النيجر، والذين عاشوا زمنا طويلا في مالي، بلدهم مالي الآن«، كما حث القذافي أطراف النزاع على الاندماج سلميا في المجتمع، مضيفا »نحن نريد السلام لأطفالنا وأحفادنا.. نريد لأبناء التوارق أن يدخلوا المدارس ويتعلموا ويتمدنوا ويتحضروا، ولا يبقوا في الجبل دائما بالكلاشنكوف والتويوتا نريدكم أن تعيشوا في المدن، وتعيشوا على ضفاف الأنهار، تستقروا وتزرعوا وتبنوا المنازل«. ووصف العقيد الليبي ما تحقق بأنه »سلام الشجعان«، لافتا إلى أن التوصل لهذا الاتفاق لم يكن سهلا، مثلما أشار إلى الجهود التي بذلتها حكومتا النيجر بقيادة الرئيس محمد طانجا ومالي بقيادة الرئيس توماني توري مع قادة التمرد، وشيوخ القبائل، بالإضافة إلى أنه خاطب حوالي 1100 مسلح من التوارق قاموا بتسليم أسلحتهم في أغاديس بالنيجر، قائلا: »هم يستمعون إلينا الآن، وينتظرون مني أمرا بأن يدخلوا النيجر بسلام، وأنا أقول لهم الآن ادخلوا النيجر بسلام«. وخلال الاحتفال الذي شاركت فيه جبهات وحركات وفصائل التمرد في شمالي كل من النيجر ومالي، جلس الفرقاء المتنازعون معا، للمرة الأولى، جنبا إلى جنب مع وزير داخلية النيجر والمفوض السامي للسلام في النيجر ورئيس الحرس الجمهوري بحكومة النيجر وعدد من جنرالات الجيش النيجري، وقد حضر الاجتماع كل من غالي ألمبو الذي كان يقود حركة النيجريين من أجل العدالة، وإبراهيم باهنغا الذي كان مطلوبا لقيادته قوات التحالف في شمال مالي، بالإضافة إلى أكلو سيدي الذي كان يقود جبهة أصدقاء النيجر وعيسى أبولا قائد الجبهة من أجل الاستقامة. يشار إلى أن التوارق الذين يعرفوا ب »رجال الصحراء الزرق« هم في الأساس شعب من الرحّل والمستقرين الأمازيغ يعيش في الصحراء الكبرى خاصة في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو، علما بأنهم مسلمون سنيون مالكيون مع خلط من العقائد الإفريقية، ولهم نفس هوية سكان شمال إفريقيا ويتحدثون اللغة الأمازيغية بلهجتها التوارقية.