عكس السنة الماضية تماما، يشهد نهاية الموسم الاجتماعي الجاري حالة من الهدوء الحذر تجسد أساسا في تراجع احتجاجات النقابات عبر مختلف القطاعات، خطوة فسرها البعض بكون هذه الأخيرة، أي النقابات، تترقب كيفية تعامل الحكومة الأولى في العهدة الرابعة مع المطالب المرفوعة ومنح الوقت الكافي لنفسها من أجل التحضير بهدوء لبرنامج الدخول الاجتماعي المقبل سيما ونحن مقبلين على الفترة الصيفية. عدا بعض الاحتجاجات هنا هناك، فضلت جل النقابات النشطة في الساحة الوطنية عبر مختلف القطاعات منح الوقت الكافي للحكومة الحالية للنظر في مطالب العمال قبل الفصل نهائيا في الخطوات الأساسية التي ستلجأ إليها هذه النقابات، وهو ما تشهده أساسا القطاعات الحساسة في مقدمتها قطاع الصحة العمومية، التربية الوطنية، التعليم العالي والبحث العلمي، الجماعات المحلية، النقل وغيرها..وإن كان الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين »إينباف« هدد بوقفة احتجاجية يوم 15 جوان الجاري إلا أنها تبقى مجرد إنذار للوزيرة، نورية بن غبريط، للتكفل بشكل جدي بمطالب هذا التنظيم النقابي قبل الدخول الاجتماعي المقبل، أو مواصلة مسار الإضرابات. نفس الشيء بالنسبة لقطاع الصحة العمومية الذي كان شهد خلال الثلاثي الثاني من السنة الماضية حالة غليان قادتها تنسيقية مهني الصحة، وهو الأمر الذي يُعاكس تماما السنة الحالية، بحيث ركنت هذه النقابات إلى التهدئة بشكل غير مُعلن مع الوصاية بعدما لجأ الوزير، عبد المالك بوضياف، نهاية السنة الماضية إلى عقد لقاءات مع ممثلي النقابات والتزامه بإيجاد حلول لمختلف المطالب، لكن رغم ذلك بدأت بعض النقابات تُحضر لمباشرة مسار الاحتجاجات بداية من الدخول الاجتماعي المقبل على غرار ممارسي الصحة الذين يعتبرون بأن الوزارة لم تُنفذ لغاية الآن التزاماتها بما في ذلك، تعديل القانون الأساسي، الترقية، المطابقة المباشرة بين الشهادة القديمة والجديدة في طب الأسنان والصيدلة وكذا إعادة تقييم المنح والتعويضات الخاصة بمناطق الجنوب. وترى بعض الإطارات النقابية التي تحدثت إلينا والتي تنشط في تنظيمات مختلفة، أن سبب التراجع النسبي للاحتجاجات في مختلف القطاعات خلال الثلاثي الثاني من السنة الجارية يعود إلى نقطتين أساسيتين، الأولى، تتمثل في منح الوقت الكافي للحكومة الحالية من أجل معرفة مواقفها تجاه المطالب المرفوعة خاصة وأن هذه الأخيرة انشغلت منذ تعيينها من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإعداد مخطط الخمس سنوات القادمة، أما النقطة الثانية فتتمثل في كون عديد النقابات بدأت من الآن التحضير للدخول الاجتماعي المقبل قبل الركون للراحة باعتبار أننا مقبلين على فترة الصيف وشهر رمضان. ومن هذا المنطلق، فضل بدوره المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي »كناس« تأجيل أي حركة احتجاجية إلى الدخول الجامعي المقبل بعدما كان على خطوة من القيام بذلك شهر مارس الماضي، علما أن مطالب هذا التنظيم تتمحور حول إعادة النظر في ملف الأجور ومراجعة قانون الأستاذ الجامعي وملف السكن..يأتي ذلك في وقت أجلت فيه، من جهتها، تنسيقية عمال البلديات احتجاجاتها بعدما التزمت السلطات بتجسيد التزاماتها، فيما لا تزال نقابات أخرى مُصرة على الاستمرار في الاحتجاج ولو في فصل الصيف وهو حال بعض الفروع التابعة لتنسيقية عمال ما قبل الإدماج وتنظيمات نقابية تابعة لقطاعات مختلفة.