تشهد الجبهة الاجتماعية منذ دخول شهر رمضان المُعظم هدوءا تاما عبر كافة القطاعات بالرغم من كونها لم تصل إلى تحقيق عديد المطالب التي رفعتها منذ بداية العام الجاري، وإذا كانت بعض القطاعات قد دخلت بمجملها في عطلة سنوية كالتربية الوطنية والتعليم العالي، فإن قطاعات أخرى لا تزال تنشط بشكل عادي لكنها تُفضل استغلال هذه الفترة لكي »تُخمخم« للدخول الاجتماعي الذي سيكون هذه المرة ليس كعادته بالنظر إلى الحدث السياسي الذي ينتظر الجزائر خلال السداسي الأول من السنة المقبلة . عكس السنوات الماضية اختارت مختلف النقابات انتهاج سياسة التهدئة التامة خلال شهر رمضان المُعظم، وإذا كان من الطبيعي تراجع الاحتجاجات بالنظر إلى الفترة الصيفية التي تشهد دخول بعض القطاعات بشكل كلي في عطلة سنوية ولجوء عمال مختلف القطاعات الأخرى إلى الاستفادة بدورهم من عطلهم القانونية، إلا أنه غالبا ما كانت هذه النقابات تلجأ إلى الاستمرار في نضالها عبر البيانات والتصريحات الصحفية لتُؤكد بأنها لا زالت في الميدان وأن عودتها ستكون قوية خلال الدخول الاجتماعي، لكن الأمر يختلف تماما هذه السنة. في هذا السياق، أورد أحد النقابيين بقطاع التربية الوطنية أن تراجع شهر رمضان المعظم إلى بداية جويلية، أي الشهر الأول للعطلة الصيفية، له أثر كبير على هذا الصمت الذي خيم على النقابات خلال الشهر الفضيل سيما وأن جل التنظيمات التي تنشط بقطاع التربية، يُضيف، خرجت منهكة بالنظر إلى الحركات الاحتجاجية التي نظمتها طوال الموسم الدراسي ما يجعل الراحة ضرورية لها لاستئناف موسم دراسي آخر وهي في كامل قوتها، أما نقابي آخر بالقطاع فأكد بأن جل النقابيين مشغولون هذا العام بما عرضته الخدمات الاجتماعية من عطل ورحلات داخل وخارج الوطن. وبالنسبة لقطاع الصحة العمومية، يقول أحد النقابيين بأن نقابته لا تزال تُواصل نضالها »سواء في شهر رمضان أو خلال فصل الصيف أو غير ذلك« مستدلا بالتصريحات التي أوردها الأسبوع الماضي رئيس النقابة الوطنية لمُمارسي الصحة العمومية الياس مرابط، والتي هدد فيها بدخول اجتماعي ساخن في حال عدم إسراع وزارة الصحة إلى استكمال اللقاءات التي باشرتها مع النقابات المُمثلة للتنسيقية وإيجاد حلول للمطالب المرفوعة، مقابل ذلك يعترف نقابي آخر بنفس القطاع بتسجيل تراجع كبير في نشاط النقابات خلال هذا الشهر مقارنة بالسنوات الماضية مرجعا ذلك إلى كون هذه الفترة من السنة، أي شهر جويلية، هامة بالنسبة للنقابيين الذين يلزمهم وقت للراحة والتحضير للدخول الاجتماعي المقبل. التهدئة الاجتماعية خلال شهر رمضان لم تقتصر على قطاعات الوظيفة العمومية التي تشمل كذلك عمال الجماعات المحلية والحرس البلدي وعمال التكوين المهني..وهي قطاعات شهدت تصعيدا في احتجاجاتها طيلة الموسم المنقضي، بل شملت كذلك قطاعات اقتصادية أخرى كعمال الموانئ وعمال مؤسسة النقل الحضري والسكك الحديدية والخطوط الجوية وعمال بعض فروع شركة سوناطراك وغيرها.. بالرغم من كون هذه الأخيرة لم تُحقق المطالب التي رفعتها على طاولة إدارات مؤسساتها. ومن هذا المنطلق، لا يستبعد بعض المتتبعين للوضع الاجتماعي والنقابي أن يكون هذا الهدوء فترة تستجمع فيها النقابات قوتها وراحتها لدخول اجتماعي ساخن سيما وأن هذا الأخير يأتي هذه المرة أشهرا قبل موعد الانتخابات الرئاسية وهو ما سيكون فرصة لهذه النقابات للضغط على الحكومة من أجل تحقيق مطالبها وهو الأمر الذي اعتادت على اللجوء إليه في كل مناسبة من هذا النوع.