عاودت عديد النقابات التهديد بتصعيد احتجاجاتها وهو ما بدأ يتجسد ميدانيا هذه الأيام في ظل بقاء ملفات اجتماعية هامة عالقة تنتظر الفصل النهائي من قبل الحكومة، كالمادة 87 مُكرر المتعلقة بكيفية حساب الحد الأدنى للأجور، مشروع قانون العمل، مراجعة بعض القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية، ملف الأسلاك المُشتركة وعمال قطاع البلديات ناهيك عن ملف القدرة الشرائية بصفة عامة الذي أصبح من بين أولويات هذه التنظيمات في ظل الارتفاع المتواصل للأسعار مع بداية .2013 يبدو أن احتجاجات الجبهة الاجتماعية لن تتوقف عند تعليق عمال البريد لإضرابهم الذي دام 14 يوما، فعديد النقابات أعلنت بشكل رسمي عن حركات احتجاجية ستقوم بها ابتداء من نهاية الأسبوع الجاري، ما سيضع الحكومة أمام امتحان صعب هذه المرة بالنظر إلى المُعطى الجديد الذي رافق مطلع سنة 2013 والمُتمثل في ارتفاع مختلف أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية وكذا أسعار الخدمات مع توقعات بتواصل هذا المسار خلال السداسي الأول من السنة الجارية. في هذا السياق، يُرتقب أن يشن المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني المُوسع للطورين الابتدائي والمتوسط »كنابست« احتجاجا وطنيا يوم الأربعاء المقبل لمطالبة الوصاية بتلبية ما جاء في أرضية المطالب التي رفعها، علما أن الاحتجاج تم اللجوء إليه، بعدما »رفضت وزارة التربية الوطنية التكفل بهذه المطالب رغم التزاماتها المتوالية«، نفس الشيء بالنسبة للفدرالية الوطنية للصحة العمومية التي قررت بدورها الدخول في إضراب لمدة ثلاثة أيام بداية منÅ28 جانفي، وأكدت بأن حركتها الاحتجاجية تهدف إلى تحقيق مطالبها المتمثلة أساسا في مراجعة القوانين الخاصة بالأسلاك المشتركة والعمال المهنيين والحجاب والسائقين وإدماج كل العمال المتعاقدين، إلى جانب رفع وتعميم منحة العدوى والخطر. ولم يقتصر التهديد بتصعيد الاحتجاجات على هاتين النقابتين، بل شمل نقابات أخرى، كالفيدرالية الوطنية لعمال قطاع البلديات التي هددت بدورها بالدخول في حركة احتجاجية نهاية الشهر الجاري، أي مباشرة بعد انعقاد مؤتمرها الوطني الأسبوع المقبل، مبررة هذه الخطوة بما أسمته »عدم إفراج وزارة الداخلية والجماعات المحلية عن القانون الأساسي الخاص بالقطاع« مُطالبة بضرورة توحيد المنحة الإدارية التي يستفيد منها جميع مستخدمي الأسلاك المشتركة ورفعها إلى 40 بالمائة من الأجر الأساسي بدل 10 بالمائة التي يتحصل عليها أغلب العمال ومبدية أسفها على كون أجور عمال النظافة تتراوح بين 9و 25 ألف دينار. كما صعدت اللجنة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين وأعوان الأمن والوقاية لقطاع التربية، التابعة لنقابة »إينباف« لهجتها وأعلنت عن ارتقاب الدخول في حركات احتجاجية واسعة خلال الأيام القليلة المقبلة تكون بدايتها بتجمع وطني خلال هذا الشهر يُتبع بإضراب وطني شامل سيتمّ تحديد تاريخه لاحقا، داعية السلطات العمومية إلى الاستجابة إلى مطالبها على رأسها قضية الإدماج وإعادة النظر في النظام التعويضي ومراجعة التصنيف بما يتلاءم والمهام التي تقوم بها هذه الفئة وإلغاء المادة »87 مُكرر« واستحداث منح خاصة كمنحة الخطر والتأهيل والمناوبة، كما يُرتقب أن تُعاود التنسيقية الوطنية للحرس البلدي احتجاجاتها، بعدما أُجلت المسيرة التي كانت مُقررة بتاريخ 12 جانفي الماضي بسبب خلافات داخلية، وهي، أي التنسيقية، تجري هذه الأيام سلسلة من المشاورات تحضيرا لشن حركة احتجاجية بعدما لم يتم لغاية الآن تلبية الوعود التي التزمت بتحقيقها وزارة الداخلية. يأتي ذلك موازاة مع الخطوة التي لجأت إليها سبع نقابات مُستقلة عبر تأسيسها لكنفدرالية وطنية تهدف من ورائها إلى توسيع تمثيلها في قطاع الوظيف العمومي ومنه الضغط على الحكومة من أجل تلبية مطالبها وخلق في الوقت نفسه نقابة موازية للاتحاد العام للعمال الجزائريين، وهو ما يتضح من خلال المطالب التي رفعتها في مقدمتها مطلب ضرورة إشراكها في لقاءات الثلاثية التي تجمع الحكومة بالمركزية النقابية ومنظمات أرباب العمل. وأمام هذه المُعطيات تكون الحكومة في مواجهة مرحلة جديدة من غليان الجبهة الاجتماعية سيما وأن تحركات هذه الأخيرة جاءت موازاة مع الارتفاع المُسجل في الأسعار بداية من مطلع سنة ,2013 وهو ما يفرض عليها أكثر من أي وقت مضى إعادة النظر في ملف القدرة الشرائية بعدما تسبب الغلاء في امتصاص الآثار الإيجابية التي نتجت عن الزيادات في الأجور التي استفاد منها العمال خلال السنوات الأخيرة.