كشفت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس، أن هيئتها عاكفة على تسطير استراتيجية جديدة تتمثل أهدافها الرئيسية بالتكفل بالفئات المحرومة والعائلات المعوزة وعابري السبيل خلال الشهر الفضيل، وأكدت، أنه سيتم هذه السنة كذلك إنشاء مطاعم خاصة بالنازحين السوريين والماليين، بالإضافة إلى مخيمات صيفية سيحظون فيها برعاية صحية ونفسية، فيما أوضحت بشأن حقيقة خلافها مع وزيرة التضامن الوطني بشأن تسيير قفة رمضان، أن الوزيرة مونية مسلم صديقتها ولا خلاف بينهما، وتطرقت بن حبيلس في هذا الحوار إلى اللقاء الذي جمعها برئيس ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى بشأن مشاورات تعديل الدستور. ¯¯ عاش الهلال الأحمر الجزائري مشاكل كبيرة مما ترتب عن ذلك إرثا ثقيلا، فكيف تعاملتم مع الوضع؟ ● أنا امرأة ميدانية وأؤمن دائما بتكاثف الجهود، وذلك من خلال مواصلة وتثمين العمل الذي تحقق من قبلي، ومن الطبيعي أن تكون هناك مشاكل في كل مؤسسة، لكن بالنسبة لي ليس هناك مشاكل فعلية تعرقلني أو تمنعني من مواصلة العمل في ظل ظروف طبيعية، كما أؤمن بمبدأ تدعيم كل ما هو إيجابي وتفادي ما هو سلبي، وقد حاولت تكييف الإستراتيجية الجديدة مع المعطيات الراهنة وحسب الظروف الحالية التي تعيشها الجزائر، ذلك أن ما يجري حولنا يختلف عن ظروف السنوات الماضية، ومند انتخابي لرئاسة الهلال الأحمر الجزائري وجدت أشخاصا منتخبين ولم أقم بأي تغيير في هيكل تسيير الهلال، لذا من المهم احترام العمل والجهد الذي بذل من قبلنا ومساندته بمجهود جدي وفعال يتوافق مع المعايير الحالية. ¯¯ ماهية الإستراتيجية الجديدة التي تبنتها السيدة بن حبيلس بعد ترؤسها للهلال الأحمر؟ ● بالنسبة لهذا الجانب فقد تم تسطير إستراتيجية استشرافية، يشرف عليها مجموعة من المختصين وإطارات الهلال الأحمر الجزائري لخلق بنك معلوماتي يتم تحديد من خلاله صورة واضحة لأوضاع العائلات المعوزة حسب المناطق ودرجة الفقر حتى تكون هناك شفافية في تقديم المساعدات للأشخاص المحتاجين فعلا لها. ¯¯ هل يعاني الهلال الأحمر الجزائري حاليا من مشاكل مالية؟ وهل هناك إعانات من طرف الدولة؟ ● في الحقيقة، نعم الهلال الأحمر يعاني من مشاكل مالية، ونحن بحاجة إلى مساعدات وذلك بحكم كثرة النشاطات والديون التي هي على عاتق الهلال، وبصراحة قمنا بتقديم طلبات للوزارة ومن المفروض أنه ستصلنا إعانات من طرف الدولة، ونأمل أن تكون في القريب العاجل، رغم ذلك أنا من الأشخاص الذين لا توقفهم المشاكل المالية بتاتا، ولسنا معتمدين فقط على الدولة، ذلك أن الاتكال عليها وحدها لا يكفي، رغم أن مساهمتها لنا هي تشجيعية بالأساس، وفي هذا الإطار هناك على مستوى الهلال من هم مكلفون على متابعة هذه المسألة والعمل على إيجاد الحلول الملائمة، أيضا أشير إلى أنه قد اتصل بنا العديد من المؤسسات لتوقيع اتفاقيات، وبالفعل بدأنا بتوقيع أولى الاتفاقيات مع مؤسسة الاتصالات »أوريدو« لمساعدة الهلال الأحمر، ومن خلال ذات المؤسسة تحصلنا على مساعدة من طرف مؤسسة »ليو ميسي« لاقتناء 3 عيادات متنقلة، حيث قررنا أن تستفيد منها كل من جانت وأدرار وأيضا تمنراست، وذلك بحكم درايتنا بالأوضاع الحدودية خاصة في مناطق الجنوب وأقصى الجنوب، وبحكم الأوضاع الأمنية وكذا تدعيما لمجهودات الدولة في الميدان الإنساني والتلاحم الاجتماعي. ¯¯ احتفلنا قبل أيام بعيد الطفولة، كيف يشارك الهلال الأحمر الجزائري في التعامل ملف الطفولة المحرومة أو المسعفة؟ ● أنا شخصيا ضد التضامن الظرفي، وأرفض الفكرة الرائجة بأن الهلال الأحمر ينشط في المناسبات فقط، في الحقيقة أن الهلال هو هيئة ناشطة وفاعلة في كل وقت وزمان وأيضا فضاء للتجمع والأمل وينبغي أن يكون منفتحا أمام الجميع بكل شفافية، من خلال الالتزام الأنشطة والتطوعية لفائدة الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، بدعم من كافة الجزائريين. وفي هذا السياق، أشير إلى أنه خلال لقائنا بمدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، المكلف بمشاورات تعديل الدستور، ركزنا على كل المواد التي جاءت في إطار حماية حقوق الإنسان ودعونا إلى ضرورة دسترة حقوق الطفل، وذلك تجسيدا للاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل التي صادقت عليها الجزائر في ديسمبر ,1992 وعلاوة على حقوق الطفل ركزنا في اقتراحاتنا أيضا على حقوق المسنين مع الدعوة إلى دسترة تكفل العائلة والدولة بحقوق هذه الشريحة من المجتمع، حيث طالبنا بضرورة القيام بحملات تحسيسية لغرس الحس التضامني لدى العائلات الجزائرية وإلزام الأبناء ومختلف السلطات بالتكفل بهذه الفئة، كما تطرقنا إلى مادة في مشروع مراجعة الدستور تنص على حق الموقوفين تحت النظر في الاتصال بفرد من عائلتهم مع ضمان الحق في الاتصال بمحام، وذلك ضمانا للحقوق الأساسية للمواطنين. ¯¯ رمضان الكريم على الأبواب، حدثينا عن برنامج الهلال الأحمر لهذا الشهر الفضيل؟ ● يسعى الهلال الأحمر الجزائري على الدوام إلى العمل بكل فعالية، لذا سطرنا برنامجا تضامنيا خاصا بشهر رمضان، من خلال سعينا لتقديم المساعدات للعائلات المعوزة بالتنسيق مع الفاعلين على المستوى المحلي في كل ولاية وحسب الإمكانيات المتاحة، إلى جانب الاتفاقيات الموقعة مع الشركاء ، مع الإشارة إلى أن هناك أحد المستثمرين الأجانب قد أبدى استعداده لمنح الهلال الأحمر 3 آلاف قفة، حيث خصص مبلغ 7 آلاف دينار للقفة الواحدة، بالإضافة إلى أن الهلال الأحمر سيفتح مطاعم خاصة للنازحين بالجزائر. ¯¯ معروف أن السيدة بن حبيلس تدعو دائما إلى استعمال أساليب حديثة تكون أكثر شفافية وفعالية، وقد كنتم تبنيتم فكرة تعويض قفة رمضان بصكوك مالية، لكنكم عدتم وألغيتم هذه الفكرة. حدثينا عن السبب؟ ● نعم، في الحقيقة لقد اقترحنا فكرة تعويض قفة رمضان بمبلغ مالي في البداية، وذلك بهدف صيانة كرامة المواطنين المستفيدين من هذه المساعدة، وتفاديا لمظاهر الاحتجاجات التي تتكرر كل مرة في شهر رمضان بسبب تأخر توزيع القفة، وأيضا ظاهرة طول طوابير المعوزين أمام البلديات، ما دفع الكثير من العائلات المعوزة إلى الاستغناء عن هذه القفة حفاظا على ماء الوجه، إلا أننا بعد تفقد الأوضاع ودراسة الأمر، وخاصة بعد تسطير الإستراتيجية الجديدة، وجدنا أنه من الأنسب تأجيل الأمر حتى يتم جمع المعلومات الكاملة مما تسمح لنا بجمع معلومات شفافة وصحيحة لضبط قوائم المستفيدين عبر كل الولايات بالتنسيق مع المصالح المحلية المختصة. أما بالنسبة لمطاعم الرحمة، فقد شددنا على وجوب توفر الشروط على المقبلين عليها، حيث أن هناك فرقا بين مطاعم الرحمة ومطاعم عابري السبيل، كما أوجه نداء لكل المواطنين الذين هم في غنى عن مطاعم الرحمة أن يراعوا ويفسحوا المجال لأشخاص آخرين في أمسّ الحاجة إليها. وأؤكد أن الإستراتيجية الجديدة التي سيعمل بها الهلال الأحمر الجزائري في رمضان للتكفل الجيد بالأسر المعوزة والفئات المحرومة تتركز على ضمان وصول الإعانات إلى المحتاجين مع حفظ كرامتهم. ¯¯ نفهم أنه لا توجد أية خلافات بين الهلال الأحمر ووزارة التضامن حول تسيير قفة رمضان؟ ● أبدا، ليس هناك أي خلاف بل بالعكس نحن على توافق تام، والأخت الوزيرة مونية مسلم صديقة منذ زمن بعيد، ولأننا ندعو لتحقيق العدل وأيضا حفظ الكرامات والحريات ونحن نعمل في نفس الاتجاه لا يمكن للخلاف أن يجد مكان بيننا. ¯¯ بالنسبة للاتفاقيات التي وقعتموها مع مؤسسة »أوريدو« كيف سيتجسد هذا التعاون في الشهر الفضيل؟ ● طبعا من خلال هذا الاتفاق ستكون هناك برامج ونشاطات مشتركة في الميدان الاجتماعي والإنساني خاصة، أي أنه بعد التزامنا مع المتعامل »اوريدو« بضم جهودهما لوضع وإنجاح النشاطات ذات الطابع الإنساني، وتجهيز الهلال الأحمر ب3 عيادات، وتكوين مُتطوعي للهلال، كما سيتم تقديم إعانات للأشخاص والعائلات المعوزة، بزيارة الأطفال المرضى في المستشفيات خلال عيد الفطر، وبتقديم أدوات مدرسية لأطفال العائلات المعوزة خلال الدخول المدرسي، وأيضا بتقديم مساعدات لمنكوبي الكوارث الطبيعية لا قدر الله، إلى جانب نشاطات إنسانية وتضامنية أخرى، كما يقوم»أوريدو« بتجهيز الهلال الأحمر الجزائري بأجهزة اتصال للسماح للجان الولائية ل48 ولاية من البقاء على اتصال فيما بينها ومع المديرية الوطنية. ¯¯ أكيد أن الهلال الأحمر الجزائري على استعداد تام للقيام بواجبه الإنساني تجاه اللاجئين الأفارقة أو السوريين؟ ● إن شاء الله، أنا أعتبر هؤلاء الأشخاص نازحين وليسوا لاجئين لأنهم أجبروا على الرحيل من أوطانهم بسبب الظروف الأمنية، أما بالنسبة لنا فمهمة الهلال هي تقديم مأوى وطعام لهم، بالإضافة أنه سيتم هذه السنة إنشاء مطاعم خاصة بالنازحين السوريين والماليين على حد سواء باعتبارهم يمثلون أكبر نسبة من النازحين الأجانب في الجزائر في الشهر الفضيل، حيث ستتواجد المطاعم في المناطق التي يكثرون فيها، على غرار المدن الكبرى، أين سيتم إبلاغهم بعناوين هذه المطاعم التي ستتولى مهمة تقديم وجبات ساخنة، وستمكن العائلات أيضا من الاستفادة من وجبات أخرى للسحور، بالإضافة إلى فتح مخيمات صيفية أين ستكون هناك تغطية صحية، فضلا عن الأخصائيين نفسانيين من أجل التكفل باللاجئين. ¯¯ كنتم قد ساهمتم رفقة المجلس الشعبي الوطني بإرسال دفعة من المساعدات الإنسانية للشعب الصحراوي، هل هناك مبادرات من هذا النوع مستقبلا؟ ● إن عمل الهلال الأحمر مستمر ودائم، سواء مع الشعب الصحراوي أو في قضايا أخرى، وهو لم يتوان عن تقديم الدعم والمساندة للشعب الصحراوي منذ الأزل، وسنواصل إرسال المساعدات الإنسانية إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين وأعتبر أن هذه المساعدات تحمل في طياتها رسالة تقدير واحترام ومساندة من الشعب الجزائري إلى الشعب الصحراوي المناضل من أجل حقه المشروع في تقرير مصيره. ¯¯ أكد رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني، أن الدولة مطالبة بحل مشكل النازحين أو منعهم من دخول الجزائر. ما تعليقكم؟ ● لا يمكن أبدا لبلد كالجزائر أن تغلق أبوابها لمن يحتاج إليها ويستنجد بها، خاصة وأن هؤلاء النازحين قد فروا من ظروف قاسية كالحرب، نحن نقوم بكل المجهودات لحفظ كرامتهم لأنهم إخواننا. ¯¯ التقيتم بوزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى في إطار مشاورات تعديل الدستور، ما هي اقتراحاكم لإثراء المسودة ؟ ● أعتبر أن دعوة الهلال الأحمر الجزائري للمشاركة في هذه المشاورات دليل قاطع على ما توليه الدولة ورئيس الجمهورية للجانب الإنساني وحق الطفولة بجوانبها، وأنا شخصيا أحبذ في الوقت الحاضر النظام الشبه رئاسي، لأن النظام البرلماني يجسد مظاهر الديمقراطية ولكن بالمقابل يجب تحسين نوعية التركيبة البشرية للبرلمان من خلال وضع شروط متعلقة بالنزاهة والكفاءة والتمثيل الحقيقي بحيث يكون هناك وزن وثقل اجتماعي لا مالي وحتى تكون هذه التركيبة في مستوى المسؤولية. أما بالنسبة للاقتراحات فقد تحدثنا عن حق المشروع للموقوفين في إبلاغ فرد من عائلته ومحامي لتفادي كل التجاوزات، ومواصلة تحسين ظروف العمل، وتحسين أوضاع المسجونين، كما أكدنا على إلزامية الحفاظ على مجانية التعليم، بالإضافة إلى التركيز على ملف فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وضحايا الإرهاب، وضحايا حوادث المرور والتي طالبنا بتأسيس هيئة وطنية خاصة بهم. كما نواصل دعمنا لكل المواد من أجل حماية الكرامة والحريات مثل المناصفة بين المرأة والرجل. ¯¯ أين ومع من ستمضي السيدة سعيدة بن حبيلس الشهر الفضيل؟ ● في الحقيقة لا أدري، بحسب ظروف العمل، لكن أنا متأكدة أن عائلتي متفهمة لالتزاماتي، المهم أتمنى رمضانا كريما للشعب الجزائري ولكل الشعوب العربية والمسلمة.