إننا نشعر باليتم لأن حكومتنا صدّرتنا مثل البترول والغاز للقنوات الفضائية العربية، التي اشتركنا فيها بأموالنا، لنستمع لإهانات تخصنا. كشفت التصفيات المزدوجة لكأس العالم وإفريقيا، أن الجزائريين »يتامى« .. وإذا كان اليتيم من الأشخاص من توفى والده، ومن الحيوانات من توفت أمه، فإن اليتيم من الشعوب من ليس لديه حكومة في مستوى »مشاعره« والتجاوب مع أحلامه وآماله. أنا نفسي شعرت ب » اليتم « عندما كنت أتابع مباراة الجزائر رواندا على قناة أرتي السعودية، بعد أن اشتريت البطاقة ب 150 دولار. منبع اليتم هو أن » البلاتو « أو الأستوديو كان يتمنى انهزام الجزائر أمام روندا أو تعادلها .. ولأن ذلك لم يكن، فإن التحليلات بعد المباراة كانت تجتهد في »العثور على تخريجة« تبين أن الفريق الجزائري ليس من حقه التأهل وأن مصر أجدر، وأنه يكفيها كما قال المنشط »هدفين لا غير« وشدد على عبارة »لا غير« وكأن هدفين في متناول الفريق المصري أمام الفريق الجزائري الضعيف، ولأن الفريق الجزائري لم يعد ضعيفا، فإن هذه العبارات يمكن تفسيرها أنها »تمني«. فلماذا لم تلتزم قناة سعودية الحياد والأمر يتعلق بين فريقين عربيين شقيقين ؟ إن الانحياز لم يظهر اليوم فقط، بل حتى في الإعلان عن موعد المقابلة، حيث يتم الإعلان عن مباريات مصر بمدة زمنية وبتكرارات عديدة، لكن مقابلة الفريق الوطني يتم الإعلان عنها بشكل محتشم. والحقيقة أن قمة الانحياز، تجلت من خلال أحد الخبراء السعوديين، يلقب »الكابتن فودة« اجتهد قدر المستطاع لكي يبين أكثر من مرة أن الهدف الشرعي الذي حرمنا منه الحاكم الغيني »المبيوع« والذي توغل »مترا كاملا داخل الشباك« ليس هدفا شرعيا بل إنه »تسلل «. وواضح أن »الخبير السعودي« كان يرد على المدرب الوطني السابق خالف محي الدين، الذي عبر عن استيائه من تصرفات الحاكم . ولم يتح المنشط الفرصة للمدرب محي الدين خالف لكي يرد على قراءة »الخبير« السعودي .. ومع ذلك تمكن خالف من القول : »لكن الحاكم لم يعلن عن التسلل أيضا« بمعنى لم يعلن لا عن الهدف ولا عن التسلل. أنا متأكد أن سيطرة المصريين على بعض القنوات العربية أثر على توجهها وانحيازها، ومتأكد أن العلاقات التاريخية بين مصر وبعض العرب جعلتهم ينحازون للقاهرة على حسابنا، رغم أن »الشرف« كان يقضي منهم الحياد. لو لم أتلق عدة رسائل قصيرة من أصدقاء سعوديين يهنئونني بفوز الجزائر في مختلف مبارياتها، بما في ذلك الفوز على مصر، لقلت أن » العرب كلهم« ينحازون ضدنا .. لكن تلك الرسائل جعلتني مطمئن أن » فودة« هو الإستثناء وليس القاعدة " ، ونفس الشيء يمكن قوله عن قناة أبوظبي في برنامج »المدار« التي عبرت عن حلمها بتأهل مصر على حساب الجزائر. أنا تناولت هذا الموضوع اليوم ، لاقتناعي بأن وسائل الإعلام تساهم في انتاج »النمط المقولب « وهو الصورة التي ينظر بها شعب لشعب آخر. ومن خلال التعاليق المختلفة من قبل بعض الصحف والفضائيات العربية على المقابلة القادمة بين الجزائر ومصر، تأكدنا من مكانتنا في قلوب أشقائنا.. أنا أتمنى بصدق أن تكون الإستثناء وأن يصحح أشقائنا مواقفهم. من هذا الباب فقط أعاتب الإعلام العربي، ومعذور الإعلام المصري والإعلام الجزائري لأنه معني بالمباراة وبالتأهل. لكنني أعاتب أكثر ومن جديد حكومتنا ، لأنها عجزت عن إنشاء قنوات رياضية أو خبرية أو درامية أو موضوعاتية لتحررنا من التبعية للإعلام العربي أو الغربي .. لقد صدرتنا مثل البترول والغاز إلى الخارج .. فنحن يتامى فعلا ..