بلغ دعم الدولة للحليب المستورد 2300 مليار خلال السنة الماضية، بحيث يعتمد الاستهلاك الوطني على نسبة تفوق 70 % من الاحتياجات العاّمة والمقدّرة ب 3 مليار لتر سنويا، وقد علّق المنتجون المشاكل التي يتخبّطون فيها على مشجب الفوضى التي تعرفها السوق المحليّة، خصوصا فيما يتعلّق بآليات جمع الحليب المتّبعة والتي أفضت إلى جمع 150 لتر سنويا فقط من بين 2.2 مليار لتر يتّم إنتاجها، وقد حذّر عدّة فاعلين في قطاع تربية الحيوانات من تداعيات الأزمة المالية وقانون المالية التكميلي وما يمكن أن يتّم تسجيله من ارتفاع في الأسعار في الفترة المقبلة. طالب منتجو الحليب بمختلف ولايات الوطن، على هامش مشاركتهم في الصالون الدولي الخاصّ بتربية الدواجن والماعز المنظّم بوهران، باعتماد قانون خاصّ يؤطّر عمليات تسويق الحليب الطازج لفائدة وحدات الإنتاج وإلزام أصحاب المصانع بأخذ الكميّات المتّفق عليها بدل التراجع مع كلّ هبوط لأسعار مسحوق الحليب في السوق الدولية، وتثمين وتوسيع المجلس المهني المشترك الذي يضمّ كافّة الفاعلين في القطاع وإلزام صناديق الضبط برفع الدعم المخصّص للمنتجين واحترام الآجال، حيث سبق وأن تمّ تسجيل تأخّر في الدعم إلى أكثر من 6 أشهر، كما طالبوا بصياغة اتفاقيات ما بين المنتجين وجامعي الحليب وأصحاب الوحدات الإنتاجية لضمان تواصل السلسلة والاتفاق على مستويات الأسعار واحترام كافة بنود هذه الاتفاقيات، وأرجع المشاركون في الصالون الدولي حول تربية الدواجن والماعز وهم الجمعية الوطنية للبياطرة وجمعية ما بين مهنيي الإنتاج الحيواني ومجمع الدواجن لغرب البلاد وصالون "كبارينوف" الفرنسي، تراجع إنتاج الحليب بالجزائر والاعتماد على الاستيراد بنسبة كبيرة، إلى الظروف الصعبة التي يتخبّط فيها المنتجون على رأسها ارتفاع أسعار الأعلاف إلى 3600 دج والنخالة إلى 2600 دج، وتكاليف الرعاية الطبيّة للأبقار التي تصل إلى 9 آلاف دج للرأس الواحد، والتي أدّت إلى رفع أسعارها إلى 37 مليون سنتيم للبقرة، وحذّر مختلف المهنيين في هذا القطاع من تكرار سيناريو أزمة الحليب الذي وقع في سنة 2007، حيث ارتفعت أسعار المواد الأوليّة المستخدمة في تحضير الحليب إلى أكثر من 5 آلاف دولار، ومن غير المستبعد أن ترتفع الأسعار مرّة أخرى، الأمر الذي سيكون له تداعيات خطيرة على سوق الحليب بالجزائر نظرا للتبعية للاستيراد المقدّرة بحوالي 70 %، مع العلم أنّ دعم الدولة لحليب الغبرة المستورد بلغ 2300 مليار سنتيم في سنة 2008، بعدما كان في حدود مليار دولار سنة 2007 ودعم الديوان الوطني وتمويله ل 95 وحدة خاصّة لإنتاج الحليب و15 وحدة عمومية تابعة لجيبلي. كما حذّر المشاركون في الصالون الدولي من تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أرخت بستارها على كافّة دول العالم، وكان لها تأثيرات جمّة على الإنتاج ونشاط الاستيراد والتصدير، من بينها غلق بعض الشركات المتخصّصة في إنتاج أدوية الحيوانات والمواد الأوليّة للأعلاف بسبب إفلاسها، فضلا عن ترقّب ارتفاع أسعار البترول إلى سقف 100 دولار في سنة 2010 وتوجّه عدّة دول نحو استخدام المواد الأوليّة لأغراض طاقوية، كلّ ذلك يجعل الجزائر في غير منأى عن التأثيرات الجانبية خصوصا وأنّ التغيّرات المناخية التي تعرفها وأزمة المياه تصبّ كلّها في السقوط بقطاع تربية الحيوانات، ولتفادي أزمة المياه تقترح الجمعية الوطنية للبيطرة، تخصيص 150 مليار دولار لإنجاز مشروع 15 سدّا في آفاق 5 سنوات المقبلة، أمّا بخصوص الارتفاع الجنوني للحوم الدواجن واللّحوم الحمراء والبيض، فترجع حسب نائب رئيس الجمعية، إلى ارتفاع أسعار الأعلاف التي قفزت هي الأخرى إلى معدّلات خيالية وبنسبة 50 % بالنسبة لأعلاف التغذية من 2200 دج للقنطار إلى 3400 دج، زيادة على نقص الأدوية البيطرية وندرتها أحيانا وتضاعف عمليات استيرادها إلى جانب الكتاكيت المخصّصة للتكاثر والإنتاج كتداعيات لقانون المالية التكميلي لسنة 2009، كلّ ذلك خلق أساليب أخرى غير قانونية ومضرّة بالاقتصاد الوطني والذي يظهر في تصاعد وتيرة تهريب الماشية والأدوية عبر الحدود مع المغرب وتونس وليبيا، ومن المرجّح أن يرفع أسعار لحوم الدواجن أكثر ممّا هي عليه الآن.