استطاع حزب جبهة التحرير الوطني أن يرد على كل من يحلو لهم وصفه ب»الحزب الواحد سابقا«، من خلال تأكيده في كل مرة بأنه قوة جمع وحوار وتغيير، وهذا ما تجسده فلسفة الحزب الذي تمتد جذوره إلى اندلاع ثورة التحرير، عندما خاض أبناؤه ثورة ضد الاستعمار الفرنسي بعد أن تمكنت جبهة التحرير من أن تستوعب كل التيارات الفكرية والسياسية تحت لواء واحد من أجل هدف واحد، يتمثل في تحرير البلاد من هيمنة الاستعمار، التحدي اليوم يجعل الأفلان متفتحا على كل الأطياف السياسية لتكريس دولة الحق والقانون والتأسيس للجمهورية الثانية التي نادى بها رئيس الجمهورية، رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة. على عكس ما كان يتوقعه خصوم حزب جبهة التحرير الوطني الذين طالما نعتوا الجبهة بالدار المغلقة على نفسها، فقد شرعت قيادة الأفلان في عقد أول لقاء لها مع حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي يظن الكثيرون أنه لا توجد أي نقاط تقارب بينهما، إلا أن مبدأ تقبل الآخر تحت لواء الوطن الواحد، هو ركيزة الفلسفة التي يستمد منها الحزب العتيد مبادئه، وبالرغم من الأزمة التي عصفت به خلال السنتين الفارطتين، إلا أنه عاد بقوة، مكرسا لغة الحوار داخل وخارج الحزب. ومن هذا المنطلق وبعد أن تصالح الأفلان مع نفسه وتجاوز كل الظروف الصعبة، ها هو اليوم يبني علاقات سياسية متينة مع كل الأحزاب السياسية بغض النظر عن توجهاتها ومشاربها، وفي هذا السياق يأتي لقاء وفد حزب جبهة التحرير الوطني بقيادة الأمين العام عمار سعداني بوفد حزب جبهة القوى الاشتراكية للتشاور حول التحضير لعقد الندوة الوطنية للإجماع التي يقترحها حزب هذا الأخير على الأحزاب السياسية. لم يرفض عمار سعداني المبادرة القادمة من أحزاب محسوبة على المعارضة، بل تعامل معها بفكر مفتوح، بعد أن كان قد انخرط في مسعى التعديل الدستوري الذي دعا إليه رئيس الجمهورية بعد الانتخابات الرئاسية ولا يزال يمد يده لكل مبادرة من شأنها تقوية الجبهة الداخلية وتأمين الجزائر ضد كل الأخطار التي تحدق بها. سعداني اعتبر اللقاء الذي حضره أعضاء قيادتي الحزبين بأنه مهم ويؤكد حاجة كل حزب إلى الآخر، لأن الجزائر تحاك ضدها مخاطر على الحدود، مشيرا إلى أن آيت أحمد هو أول من نبه إلى ذلك. وبعد أن عبر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عن انشغال حزبه بما يجرى على الحدود الوطنية قال، نحن متفقون مع جبهة القوى الاشتراكية بشأن وحدة البلاد، موضحا أن حزبه يدعو إلى تغيير الأوضاع خاصة منها الاجتماعية وتقييم الوضع السياسي، وقال إن الأفلان مستعد لمناقشة مختلف المواضيع دون خجل وذلك قبل أن يشير إلى أن برنامج حزبه متقارب مع برنامج جبهة القوى الاشتراكية، إننا نطالب اليوم بالحوار مع بعضنا البعض ونسعى ليشارك الجميع في الحكومة ليتم التغيير من الداخل. وجدير بالذكر أن سعداني كان من المبادرين عندما بعث برسالة إلى آيت أحمد التي التمس منه فيها المشاورة والنصح لما له من ثقل سياسي وتاريخي من أجل المساهمة في الحراك والديناميكية التي تعرفها الجزائر لكون المرحلة الحالية، حسبه، تقتضي مشاركة الجميع. مرة أخرى تؤكد تصريحات الأمين العام للحزب، عزم الأفلان على التحاور مع أبناء كل الوطن من أجل بناء دولة القانون من خلال فتح قنوات الحوار والتشاور، الأخذ بالرأي والرأي الآخر، ويبقى أن هذا الحوار متواصل في إطار سياسية الحزب القائمة على التحاور والتفتح على الآخر.