تشهد بعض القطاعات الوزارية هذه الأيام تصعيدا ملحوظا قد يستمر إلى أسابيع أو أشهر أخرى في حال عدم إسراع السلطات المعنية إلى تجسيد الوعود التي التزمت بها في وقت سابق، ويتجلى هذا التوجه أساسا في قطاع التربية الوطنية الذي يعيش انسدادا حقيقيا وقطاع الصحة الذي طالته حركات احتجاجية بعد هدوء نسبي ميزه لبضعة أشهر، ناهيك عن قطاع التعليم العالي الذي أصبح يُواجه جبهتين الأولى، تتمثل في الطلبة والثانية في الأساتذة إضافة إلى قطاع النقل الذي لا يلبث أن يهدأ حتى يعود إلى الغليان.. يبدو أن الجهاز التنفيذي بقيادة الوزير الأول، عبد المالك سلال، سيُنهي سنة 2014 على وقع الاحتجاجات التي تشهدها عدة قطاعات حساسة، وسيكون من الصعب على الحكومة الفصل نهائيا في عدة مطالب باعتبار أن جلها لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأجور، ما يعني ضخ مزيدا من الأموال في ميزانية التسيير في وقت تهاوت فيه أسعار البترول وهو المصدر الوحيد لتمويل الخزينة العمومية. ويتفق جل المتتبعين أن عودة التصعيد في بعض القطاعات لما كان عليه نهاية الموسم الاجتماعي الماضي جاء بعدما لم تتمكن السلطات الرسمية من تجسيد الالتزامات التي قدمتها آنذاك لضمان الهدوء، وهو حال قطاع التربية الوطنية مثلا، بحيث لا يكاد يمر أسبوع إلا ويزداد التصعيد الذي يشهده هذا القطاع، فبعد إضراب المقتصدين الذي دام ثلاثة أشهر ولا يزال، تُدشن اليوم نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني الموسع إضرابا يدوم يومين نفس الشيء بالنسبة لنقابة الأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين التي ترى بأن هذه الفئة بقيت دوما مهمشة من قبل مسؤولي القطاع ولا ينفع إلى العودة إلى الاحتجاجات بما أن فئات أخرى اتبعت نفس الطريق وحققت بعضا من مطالبها. قطاع التربية الوطنية تسبب بدوره في نشوب احتجاجات أخرى مست قطاع التعليم العالي وبالضبط مختلف جامعات الوطن، فتصريح مقتضب للوزيرة نورية بن غبريت حول التوظيف داخل القطاع، أشعل الطلبة في عدد معتبر من جامعات الوطن كوهران، الجزائر العاصمة، البليدة، قسنطينة، عنابة، تلمسان، ورقلة، بجاية، جيجل، تيزي وزو، بسكرة، الشلف، الأغواط وغيرها..جامعات ستكون لا محالة مسرحا لاحتجاجات نقابات التعليم العالي الأيام المقبلة وهو ما هدد به المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي »كناس« الذي شدد في بيان أصدره مؤخرا على أنه »لا استقرار في الجامعة بدون الاستعجال في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اللقاءات السابقة مع الوزارة«، و»تغيير نمط تسيير الجامعات ومعاقبة كل مدير لا يأبه بتطبيق تعليمات الوزير«، داعيا الوصاية إلى »تحمل مسؤولياتها الكاملة لتفادي كل الانزلاقات التي قد تنجم عن هذا الوضع المتأزم«. نفس الشيء يعيشه قطاع الصحة العمومية الذي ركن للهدوء منذ فترة، لكنه عاد إلى التصعيد من باب النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي وكذا النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، ورغم التزام الوزارة بقيادة عبد المالك بوضياف بتسوية بعض المطالب إلا أن ذلك يبقى مفتوحا أمام كل الاحتمالات بالنظر إلى التجارب السابقة وهو ما جعل ممارسي الصحة يُجمدون الإضراب وإبقاء في مقابل ذلك دورة المجلس الوطني الطارئة مفتوحة لمواجهة أي مستجدات. وبدوره يشهد قطاع النقل نفس المسار، فبعد الإضراب الذي شنه مؤخرا عمال هذه المؤسسة ليوم واحد، لا يُستبعد، حسب مصادر نقابية من الشركة الوطنية للسكك الحديدية، لجوء العمال في الأسابيع المقبلة إلى شن حركة احتجاجية يُطالبون من خلالها استكمال تطبيق الاتفاقية التي جمعت النقابة بالإدارة في وقت سابق، يُضاف إليه الإضراب المرتقب للناقلين على مستوى العاصمة بما في ذلك سيارات الأجرة بعد الوقفة الاحتجاجية المنظمة أمام مقر المديرية الولائية للنقل، ولا تقتصر الاحتجاجات على القطاعات المذكورة بل هناك قطاعات أخرى معنية كقطاع التكوين المهني الذي هدد عماله بحركة احتجاجية على المستوى، إضافة إلى عمال البلديات عبر بعض الولايات وأعوان الحرس البلدي.. وأمام هذه التحركات، تجد الحكومة نفسها اليوم أمام وضع صعب لم تحسب له من قبل خاصة مع تراجع سعر البترول ما سيُصعُب عليها تجسيد بعض التزاماتها في حال تواصل هذا الانخفاض باعتبار أن جل المطالب تتعلق بالأجور كما سبق الذكر.