حاولت بعض العناوين الصحفية أن تتعامل مع تصريحات الأمين العام عمار سعداني، بخصوص مبادرة الإجماع الوطني التي بادر بها الأفافاس، بطريقة توحي وكأن حزب جبهة التحرير الوطني يضع العصا في عجلة المبادرة، بهدف عرقلتها أو إفشالها، أو أنه يتخذ موقفا آخر يتعارض مع مواقفه المعلنة والمعروفة، خاصة منها ما يتعلق بدعم وتشجيع كل المبادرات التي من شأنها أن تسهم في تقوية الجبهة الداخلية وحماية الوحدة الترابية والتصدي لكل المخاطر التي تحاك ضد الجزائر. إن تصريح الأمين العام كان واضحا وصريحا ولم يتضمن إلا مجموعة من الحقائق المعروفة وكذا بعض التساؤلات الموضوعية التي تتطلب إجابات ملموسة، وهذا لتوفير شروط النجاح لكل مسعى أو مبادرة وإبعادها عن النقاشات العقيمة، وهذا ما كان الأمين العام للحزب قد سبق التأكيد عليه بقوله: " إن مبادرة الإجماع الوطني ينبغي أن تكون فعالة وفي مصلحة البلاد، لأن الشعب الجزائري ينتظر منها أن تأتي بالجديد في جميع المجالات وتثبت بأن الطبقة السياسية قادرة على العمل فيما بينها في إطار الحوار والتشاور حول القضايا الوطنية". ليس هناك ما يدعو إلى التشكيك في مواقف الحزب أو اعتبارها متناقضة، بل إن الأمين العام جدد التأكيد على ما يعتبره أساسيا في إنضاج الكثير من المسائل المرتبطة بالمبادرة، ذلك أن موافقة حزب جبهة التحرير الوطني ليست على بياض، كما أنه من حقه المشروع أن يرهن مشاركته بمجموعة من الضمانات، لذلك كان حرص الأمين العام عمار سعداني كبيرا على وضع بعض النقاط على الحروف: أولا: إن حزب جبهة التحرير الوطني يشجع كل المبادرات التي تهدف إلى تحقيق الإجماع الوطني ولم الشمل وخدمة الجزائر، وهذه القناعة الراسخة تمليها رؤية سياسية واضحة، تؤسس لثقافة الحوار والتشاور بين الفعاليات السياسية، مهما تعارضت في الأفكار ومهما تباينت في المواقف. ثانيا: إن من حق حزب جبهة التحرير الوطني أن يضع شروطه للمشاركة في ندوة الإجماع الوطني أو في غيرها، وهذا بهدف بلورة الأفكار وإنضاج المسائل المطروحة، وكل ذلك يندرج في سياق توفير الشروط الكفيلة بإنجاح المبادرة وعدم انحرافها عن أهدافها المعلنة. ثالثا: إن حزب جبهة التحرير الوطني يرفض أن يكون مرؤوسا في مبادرة الإجماع الوطني، باعتباره حزب الأغلبية. رابعا: إن الحزب يرفض الطعن في المؤسسات الشرعية القائمة, بدءا برئاسة الجمهورية إلى غاية المؤسسات المنتخبة التي هي بمثابة خط أحمر لا يمكن لأي كان أن يطعن فيها. خامسا: اشتراط أن تكون لقاءات الحزب مع نظرائه من التشكيلات السياسية الأخرى وليس مع الأشخاص وجمعيات المجتمع المدني، فإذا كانت المبادرة وطنية, فلا بد أن يكون التحضير لها وطنيا، وهذا يقتضي الاتفاق مسبقا على قائمة الحضور. تلك هي بعض المعالم الأساسية التي يحرص الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، حرصا منه على نجاح أي مبادرة وطنية، وايضا حتى لا تكون مبادرة الإجماع الوطني التي بادرت به جبهة القوى الاشتراكية لقاء للتصادم بين التشكيلات السياسية. إذن، من حق حزب جبهة التحرير الوطني، كما هو من حق غيره من المعنيين بمبادرة الإجماع الوطني، أن يجدد شروطه للمشاركة في هذا المسعى، وهدا لأن مواقفه ليست ارتجالية ولا عاطفية ولا تهدف إلى تحقيق مصلحة ضيقة، بل هدفها الأساس هو خدمة الصالح العام، ولذلك طرح الأمين العام تساؤله: مبادرة الإجماع الوطني، لمن هي موجهة، وإجماع حول ماذا.. مؤكدا أن الحزب لم يتلق بعد الأجوبة من الأفافاس.