تصر تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي على الخروج إلى الشارع يوم 24 فيفري بدعوى مساندة سكان عين صالح على حل مشاكلهم، وقد وقع الاختيار على يوم 24 فيفري الجاري لما لهذا التاريخ من رمزية وطنية مرتبطة أساسا بقرار تأميم المحروقات الذي أعلنه الرئيس الراحل هواري بومدين بداية السبعينات، وهو الخيار الذي يؤكد مرة أخرى على الإفلاس والفقر السياسي لمعارضة قاطعت النظام القائم ورفضت أي حلول وسطى للانخراط في مختلف المبادرات التي أفرزتها الساحة السياسية، وها هي اليوم تلعب آخر أوراقها بهذا القرار الذي يعتبره البعض مناورة لمساومة السلطة القائمة. تواجه دعوة تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي للتظاهر يوم 24 فيفري تضامنا مع سكان عين صالح ضد الغاز الصخري، شكوكا حول أهدافها ومدى قوتها في تحريك الشارع، هذه الدعوة التي تقول عنها التنسيقية بأنها لا حزبية ولا سياسية، تبقى في نظر أحزاب أخرى مجرد مناورة للبروز بأي طريقة، في الوقت الذي فشلت فيه هذه المعارضة في أن تتموقع في الساحة السياسية ولم تجد لها مكانا وسط مختلف المبادرات السياسية التي أفرزها الحراك السياسي القائم منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما يرى البعض أن تمسك أعضاء التنسيقية بدعوة الخروج للشارع في وقفات سلمية تضامنية مع عين صالح أنها محاولات ضمنية مقصودة لقياس حجمها الفعلي في الساحة الوطنية، وتقييم صدى تحركاتها منذ ندوة مزفران، في الوقت الذي تأكد فيه فشل مختلف المناورات السياسية التي قامت بها منذ ذلك التاريخ والتي لم تجد أذانا صاغية، حيث وجدت نفسها في رحلة البحث عن المصداقية والتأييد الشعبي لطروحاتها التي لم ترع أي حلول وسطية في التعاطي مع باقي الفاعلين السياسي. من جهتها ترى أحزاب الموالاة أن تنسيقية الانتقال الديمقراطي تحاول إدخال البلاد في متاهات من خلال الخرجة التي تحضر لها يوم 24 فيفري الحالي، حيث اعتبرت أن الغرض من الخرجة هو تهديد الأمن والاستقرار اللذين تعرفهما الجزائر في الوقت الحالي، والالتحاق بركب عدة دول عربية ومجاورة تمر بمرحلة توتر ولا استقرار، كما ترى أن هؤلاء الذين يدعون في كل مرة للخروج إلى الشارع يبحثون عن إشعال فتيل ما بهدف ركوب الموجة. هي قبضة حديدية بين أحزاب ترى بضرورة الذهاب نحو الحوار وفتح النقاش بين مختلف الفاعلين السياسيين بتحكيم السلطة القائمة بهدف ضمان انتقال ديمقراطي سلس بعيدا عن أي مناورات قد تضر بأمن واستقرار البلاد، وبين أحزاب ترفض التحاور مع النظام القائم وتؤكد عدم مشروعية مؤسسات الدولة. وبين هذا وذاك قررت الأحزاب المنضوية تحت لواء التنسيقية الخروج في وقفات غدا بحجة مناصرة سكان عين صالح وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد من حدة التوتر الذي تعرفه هذه المنطقة. وفي هذا السياق يرى رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، أن التنسيقية تحملت مسؤوليتها ودعت إلى التضامن مع سكان عين صالح لأن »الأوضاع الحالية دراماتيكية والسلطة قسمت الشعب إلى شمال وجنوب«. ووسط هذا الجدل القائم جدد سكان عين صالح تمسكهم بمطلب رفض الغاز الصخري دون التموقع مع أي طرف حزبي أو سياسي أو حقوقي، وأكد ممثلو لجنة المجتمع المدني بعين صالح أن تحركاتهم يوم 24 فيفري لن تخرج عن مطلبهم الوحيد وهو توقيف مشروع الغاز الصخري بالمنطقة، وهي مواقف تدعم الحركة الاحتجاجية لسكان عين صالح منذ انطلاقها في الأسبوع الأول من جانفي الفارط.