لم يعد خافيا على أحد اليوم أهمية التأسيس بجد لإطار تعبوي وتوعوي من الطراز الجديد، الذي يتلاءم ونوعية وطبيعة الرهانات والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الجزائر على أكثر من صعيد. إن النأي بالجزائر عن كل التهديدات والمخاطر التي تلقي بثقلها وظلالها على أمن واستقلال وسيادة البلاد، واستقرارها ووحدتها الشعبية والترابية، لم يعد مجرد ترف سياسي يتلهى به البعض، بقدر ما هو مهمة ومسؤولية وطنية ملقاة على الجزائريين جميعهم، أفرادا ومؤسسات، أحزابا سياسية ومنظمات مدنية، يتعين أن يعمل الكل على تحملها في هذا الظرف السياسي الحساس، المتسم بتكالب الكثير من القوى المتآمرة على الشعوب والدول العربية، ومن بينها الجزائر بطبيعة الحال. ضمن هذا المنظور الاستراتيجي الاستشرافي تندرج مبادرة حزب جبهة التحرير الوطني الذي أعلن عنها الأمين العام عمار سعداني، والقاضية بتأسيس جبهة وطنية داخلية قوية وموسعة لدعم الرئيس بوتفليقة في مواقفه وبرنامجه الطموح وإصلاحاته السياسية. إن الجبهة الوطنية المقترحة على الطبقة السياسية والحركة الجمعوية المدنية والمنظمات الوطنية، من قبل حزب جبهة التحرير الوطني، هدفها الأسمى الالتفاف الجماعي الواعي حول المبادئ والقيم والثوابت الوطنية النوفمبرية، خدمة للمصلحة العليا للوطن والمواطن أولا وأخيرا، والجبهة من هذا المنطلق وهذا المفهوم ليست موجهة ضد أي أحد، وغير إقصائية لأي كان، إنها مفتوحة على كافة القوى الوطنية السياسية والاجتماعية التي يهمها ضم جهدها إلى الأحزاب السياسية المبادرة لهذه الجبهة أو التكتل والمؤيدة لهذا التجمع، الذي من شأنه الوقوف إلى جانب دعم إنجاز برنامج الرئيس بوتفليقة التنموي والإصلاحي، في إطار من التوافق والتوازن والانسجام، الذي يجنب البلاد أي مخاطر أو انزلاقات محتملة. حزب جبهة التحرير الوطني وهو يسعى إلى التأسيس للجبهة الوطنية الداخلية الموسعة، بكل ما يتوفر عليه من قوة وتأثير شعبي، سياسي واجتماعي، لديه من الدوافع والأهداف السامية المنسجمة مع منطلقاته الفكرية ومبادئه الكفاحية والنضالية، ما يجعله يتفاءل بتجسيد هذه الفكرة في الميدان، لتكون الجبهة المقترحة سندا قويا للرئيس وبرنامجه الانتخابي الممتد حتى 2019، والمرتكز في الأساس على المصالحة والإصلاح للخروج بالجزائر من دائرة الاستهداف الدولي والإقليمي التآمري، المتكالب على ضرب أمن واستقرار ووحدة وسيادة البلاد. ولئن كانت مبادرة الأفلان تلتقي في بعض أو كثير من الطروحات المماثلة والأفكار المشتركة، فإن الجبهة التي يطمح الحزب العتيد إلى التأسيس لبنائها تختلف شكلا ومضمونا عن أي تحالف سابق أو تكتل، لكونها جبهة مفتوحة على مصراعيها على كافة القوى التي تشترك في الوسيلة والغاية المنشودة من أي تجمع سياسي - اجتماعي، ومن ثمة فهذه الجبهة ليست موجهة ضد أحد أو مقصية لأي كان، حتى لتلك الأحزاب المنضوية تحت لواء المعارضة المدعوة إلى توجيه جهدها نحو حماية المصلحة العليا للبلاد. إن الأفلان باعتباره قوة جمع وحوار واعتدال، يدعو كافة القوى السياسية والمدنية بمختلف مشاربها إلى الالتفاف حول المبادئ والأهداف الكبرى المشتركة بين الموالاة والمعارضة، للتأسيس لهذا الإطار الذي تذوب فيه المصالح الضيقة من أجل الصالح العام للوطن والمواطن، ذلك أن إقامة مثل هذه الجبهة يعني تكوين جدار وطني متين يقف سدا مانعا لأي اختراقات محتملة من شأنها تعريض وحدة واستقلال وسيادة وأمن واستقرار الجزائر إلى الخطر. وما دام المبدأ سليم والإطار واضح، فإن الأفلان يحدوه الأمل والتفاؤل بأن تحظى مبادرته للتأسيس لجبهة وطنية داخلية واسعة، بالتعاطي الايجابي من لدن الأطراف السياسية والمجتمعية الفاعلة في الساحة الوطنية، والتي يهمها أولا وقبل كل شيء وضع مصلحة الجزائر فوق كل الاعتبارات الأخرى، إذ لا نعتقد أن يتخلف أي وطني غيور على بلده وشعبه عن الانضمام إلى مسعى المبادرة الأفلانية التي تؤسس لجبهة وطنية نابعة من صلب جبهة التحرير الوطني.