ناشدت السلطات الليبية المجتمع الدولي والجامعة العربية التدخل الفوري من أجل وضع حد لجرائم الإبادة التي يتعرض لها سكان مدينة سرت على يد إرهابيي تنظيم »داعش« وسط مخاوف من تأثير التدهور الخطير للأوضاع الأمنية على مسار الحوار الوطني الليبي ودخول البلد النفق الاسود. في رسالة لوزير الخارجية الليبي، محمد الدايري، وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تحدث عن تعرض سكان مدينة سرت »شرق طرابلس« إلى عملية إبادة جماعية من قبل التنظيم الإرهابي الذي يطلق عليه »الدولة الإسلامية« »داعش«، داعيا الهيئة الأممية إلى بذل جهودها البناءة لمساعدة أبناء الشعب الليبي، الذي استعرضت حكومته المؤقتة، بدورها، في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي جرائم التنظيم ضد المدنيين في الحي الثالث بسرت وعدة مناطق من المدينة. "داعش"وجرائم الإبادة بسرت وأورد الإعلام الليبي أن سكان مدينة سرت يتعرضون لأبشع وأروع جرائم الإبادة من قبل "داعش " حيث قتل أكثر من 30 مدنيا خلال اشتباكات بين مسلحي التنظيم وسكان المدينة وتم صلب 12 آخرين وفصل رؤوسهم عن أجسادهم بينما تمت تصفية أكثر من 22 جريحا كانوا داخل أحد المراكز الطبية بالمدينة . ومع تداول الاخبار عن استمرار القتل وتدهور الوضع الامني ، أعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا مدينة سرت منطقة منكوبة إنسانيا عقب الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يقترفها مسلحوا »داعش« والقصف العشوائي العنيف بالأسلحة الثقيلة ضد المدنيين خاصة بالحي الثالث بالمدينة، ومواصلة حصارها لمجموعة من الأحياء السكنية الأخرى مما أدى إلى النقص الحاد للمواد الغذائية وانقطاع الكهرباء والمياه، وعدم تزويد الوحدات الطبية بالمستلزمات الطبية العاجلة المطلوبة لعلاج الحالات الحرجة والمصابين والجرحى وإسعافها. أمام النداءات المحلية المرفوعة لجميع المنظمات والمؤسسات المحلية والعربية والدولية المعنية بالعمل الإنساني والإغاثي بالتحرك العاجل لإجلاء المدنيين وإسعاف الجرحى وتقديم المساعدات العاجلة للمدنيين ، أبدت الحكومة الليبية المؤقتة عجزها عن التصدي للجماعات الإرهابية في ظل استمرار الحظر الدولي للسلاح عن الجيش الليبي ، واكتفت بدعوة الدول العربية إلى توجيه ضربات جوية محددة الاهداف لتمركزات مسلحي »داعش« بسرت بالتنسيق مع السلطات الليبية ، متهمة في ان واحد المجتمع الدولي بالتخاذل والصمت المريب تجاه جرائم التنظيم في ليبيا. الجامعة العربية وفي استجابتها لطلب السلطات الليبية ، أكدت دعمها فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب و الحفاظ على سلامة وسيادة ليبيا على أراضيها ، بالإضافة إلى نبذ العنف ودعم العملية السياسية الجارية تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة. قرارات أمام صعوبة التنفيذ وبقدر ما أكد البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الطارئ للمندوبين الدائمين والمخصص لبحث الأوضاع في ليبيا على ضرورة الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وصيانة أراضيها والحفاظ على استقلالها السياسي ، فإنه أشاد بالانتصار الذي تحقق إثر انتفاضة مدينة درنة وثوارها بدعم من السلاح الجوي للجيش الليبي ضد تنظيم »داعش« الإرهابي. الربط بين الموقفين جعل المجلس يحث الدول العربية على ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن ، خاصة القرار 2214 والفقرات 3 و7 و 8 التي تطلب من الأعضاء في الأممالمتحدة دعم ليبيا في حربها ضد الإرهاب ومساعدتها بالوسائل اللازمة على دعم استتباب الأمن. ويتبين من ذلك أن الحاجة التي أصبحت ملحة في هذه الظروف العصيبة بنظر الجامعة العربية تتطلب دعم الحكومة الليبية في مواجهة الانتهاكات والمجازر التي يرتكبها تنظيم »داعش« الإرهابي في حق الابرياء بمدينة سرت ، و التعجيل بوضع استراتيجية عربية تضمن مساعدة ليبيا عسكريا في مواجهة ارهاب »داعش« وتمدده على أراضيها وسط مخاوف تثيرها دول الجوار وحتى دولا غربية في الضفة الاخرى من المتوسط ، والتي سارعت ، جميعها ، بالتنديد بشدة بالاعمال الارهابية بسرت محذرة من أن يؤدي تدهور الوضع الأمني في هذه المدينة إلى حالة من الفوضى مما قد يشكل تهديدا حقيقيا بالنسبة لأمن كامل المنطقة. وحتى تكون الخطة شاملة وتكفل محاربة الإرهاب الأسود دون الاقتصار في ذلك على بلدان أو مناطق أو منظمات بعينها ، حث المجلس الطارئ لجنة العقوبات الدولية على الاستجابة الفورية والبت في الطلبات التي تقدمت بها الحكومة الليبية بصفة عاجلة لمواجهة أزمات طارئة . ويفسر ، محمد الدايري ، بأن بلاده تعتبر عدم الاستجابة للطلبات الشرعية المقدمة من جانبها تجاوزا صريحا لقرار الأممالمتحدة الصادر في 27 مارس 2015 ، وهو ما يعيق بناء قدرات الجيش الليبي ويقوض حربه على الإرهاب ويزيد من معاناة المواطنين المحاصرين بمدينة سرت وغيرها من المدن الليبية . بالمقابل ،أعلن عضو لجنتي الدفاع والأمن القومي والداخلية في مجلس النواب الليبي ، طارق الجروشي ، عن وجود وعود بحل أزمة تسليح الجيش عقب المراسلات التي تم توجيهها للجامعة العربية والأممالمتحدة . لكن تقارير إعلامية نقلت أن واشنطن وباريس طلبت، رسميا، من دول الجوار» الجزائر ومصر« تخصيص مركزين اثنين لتدريب الجيش الليبي الجديد خارج ليبيا ، و أن دولا غربية وعربية رفضت منح أو بيع أي قطعة سلاح للجيش الليبي إلا بعد تدريبه وتشكيله بعيدا عن تأثير الميليشيات . تأهيل الجيش قبل تسليحه نوعيا وكشفت التقارير أن الجزائر والقاهرة تلقتا ، في الأسابيع القليلة الماضية، طلبا من دول غربية لاحتضان معسكرات لتدريب قوات عسكرية وأمنية ليبية قوامها 50 ألف عسكري ورجل أمن، في إطار مخطط دولي لإعادة تأهيل الجيش الليبي وتشكيله كجيش محترف، ويأتي هذا كشرط مسبق من دول منتجة للسلاح النوعي قبل البدء في توريده للجيش الليبي. و قررت دولا غربية، بالإضافة إلى روسيا ، التمسك بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يحظر بيع الأسلحة لليبيا ، ورفضت الدول الكبرى المنتجة للسلاح الثقيل في الشرق والغرب بيع منظومات أسلحة ثقيلة تساعد الجيش الليبي في حربه ضد تنظيم الدولة الإسلامية وباقي الفصائل السلفية الجهادية إلا بعد إعادة تشكيل الجيش الليبي وتدريبه في دول مجاورة. كما تتجه الدول الكبرى في العالم إلى خيار إعادة تشكيل الجيش الليبي وتنظيمه بشكل يجعله غير قابل للاختراق من قبل جماعات سلفية جهادية أبرزها ?داعش?، ويكون قادرا على ضبط الأمن في ليبيا . وتتفق دولا غربية وعربية على أن أي عملية لتوريد السلاح النوعي إلى ليبيا تعني بالضرورة أنه سيسقط في يد التنظيمات السلفية الجهادية أو ميليشيات عشائرية وحزبية غير موالية للدولة المركزية في ليبيا ، حيث بات من غير المضمون وصول السلاح إلى الجهة الشرعية التي تكافح الإرهاب وبقاؤه في يدها. ويفيد بعض المقربين من ملف النزاع في ليبيا أن أغلب الدول تعلم أن شحنات السلاح تصل إلى ليبيا، لكن هذه الأسلحة لا تؤثر على النزاع المسلح الحاصل في ليبيا لأنها عبارة عن عربات مدرعة وذخائر، بينما يبحث الجيش الليبي عن دبابات وطائرات هيلكوبتر وصواريخ حرارية وطائرات مقاتلة، وهو ما لا يمكن للدول الكبرى المنتجة للسلاح بيعه في ليبيا حاليا بسبب المخاوف من وقوعه في يد الجماعات السلفية الجهادية، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية الذي نشر، في العديد من المرات، تسجيلات فيديو تظهر ما قال إنها غنائم استولى عليها من الجيش الليبي . ونوقش برنامج التدريب حسب ماكشفت عنه مصادر إعلامية على أعلى مستوى بين سياسيين ليبيين ومسؤولين في ليبيا ومصر والجزائروتونس وفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، ويستهدف تدريب إطارات في الأمن ومتخصصين آخرين وإعادة تأهيل القوة الجوية الليبية في دورات تدريب لسنتين على الاقل ، على أن يتم تسليحهم لاحقا لفرض الأمن في ليبيا. وأضافت المصادر نفسها أن دولا غربية طلبت مساعدة الجزائر بتخصيص مركزين للتدريب مباشرة بعد اتفاق السلام المبرم في المغرب، وقدتم بحث الموضوع في كواليس مؤتمر المصالحة الليبي الأخير في المغرب، حيث عرضت المملكة استضافة قواعد تدريب إلا أن الفكرة استبعدت بسبب الصعوبة التقنية واللوجيستية لإقامة مثل هذه القواعد في المغرب ولم يبق أمام الدول الغربية سوى الجزائر ومصر وتونس، إلا أن تونس، حسب المعلومات المتاحة لا تتوفر على منشآت تدريب عسكرية كتلك المتوفرة في مصر والجزائر، واشترطت الجزائر تقدم المفاوضات بين أطراف النزاع في ليبيا وأن يأتي الطلب من الليبيين أنفسهم. ليبيا التي تعرف صراعا على السلطة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي السابق عام 2011 ، حيث يتنازع برلمانان وحكومتان واحدة في طرابلس وأخرى في طبرق على الحكم ناهيك عن حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد بسبب انتشار الميلشيات المسلحة ك"مجلس شورى ثوار بنغازي" وقوات "فجر ليبيا" وتنظيم »داعش« الإرهابي، زادها مخاطر الوضع الإنساني المتدهور في مدينة سرت و التداعيات الخطيرة الناجمة عن سيطرة التنظيم على المدينة إنعاكاسات أخرى على مسار العملية السياسية في ليبيا والحوار الجاري برعاية الأممالمتحدة وكذلك على مجمل الأوضاع الانسانية وأمن واستقرار دول الجوار الليبي والمنطقة برمتها .. ووسط كل هذا ، تقف الادانات بالعنف ودعوة الاطراف الليبية لإيجاد توافق لحل الازمة بالطرق السلمية وتشكيل حكومة وحدة وطنية في أقرب وقت وجها لوجه مع التحذيرات من مغبة سقوط ليبيا في دوامة المجهول خاصة مع الإرهاب الذي مافتئ يتنامى ويضرب بقوة . [email protected]