قالت الدكتورة فتيحة بن عبو، مختصة في القانون الدستوري، إن المشروع التمهيدي لتعديل الدستور حمل تعديلات عميقة، وعليه فإن طبيعة هذه التعديلات إضافة إلى ورود مادة تمس بالمبادئ العامة للمجتمع التي تنص عليها المادة 176 وهي تخص اللغة الأمازيغية التي تم ترسميها، تفرض على الرئيس تمرير مشروع التعديل على البرلمان لمناقشته وتعديله والتصويت عليه ومن ثم تنظيم استفتاء شعبي خلال مدة 50 يوما. أوضحت الدكتورة بن عبو في حديث ل "صوت الأحرار"، أن مشروع التعديل حمل تعديلات عميقة ولكنها لا تمس بالتوازنات الأساسية بين السلطات ولا تكرس نظام سياسي جديد، إلا أن اقتراح تعديل المادة 3 من الدستور حول ترسيم الأمازيغية لوحده يفرض تمرير تعديل الدستور على المجلس الشعبي الوطني لمناقشته وتعديله ومن ثم التصويت عليه وذهابه بعدها إلى مجلس الأمة ومن ثم تنظيم استفتاء شعبي خلال 50 يوما بعد أن يستدعي رئيس الجمهورية الهيئة الناخبة. وعن التوازنات بين السلطات، تطرقت بن عبو إلى المادة 124 المتعلقة بالأوامر الرئاسية، وقالت عن التعديلات المقترحة قلصت نوعا ما من صلاحية رئيس الجمهورية وجعلتها في الاستعجالي فقط وبعد مشاورة مجلس الدولة، إضافة إلى أن فترة الشغور التي تصدر فيها الأمريات قد تقلصت إلى شهرين باعتبار أن البرلمان لديه دورة واحدة تمتد طيلة 10 أشهر، وترى بن عبو أن المساس بالتوازنات الأساسية لا يمكن الحديث عنه إلا لو تخلى رئيس الجمهورية عن إمكانية إصدار الأمريات كلية. وفيما يتعلق بتعيين الوزر الأول، فإن توزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية والوزير الأول لم يتغير والسلطة التنفيذية لا تزال برأس واحد، حيث أن الرئيس هو من يعينه وهو من يقيله، الحكومة تخضع له من الناحية الوظيفية وهي تعمل على إعداد مخطط تنفيذي لبرنامجه، أما عن تمكين مجلس الأمة من بعض مجالات التشريع فهي محاولة لجعل هذه الغرفة مميزة مقارنة بالمجلس الشعبي الوطني، حيث تضطلع بهوية ممثل المجموعات الإقليمية، المعارضة بدورها أصبحت مدسترة ولديها درجة أعلى من تلك التي كانت لها في السابق. ومن منطلق هذه التعديلات تؤكد الدكتورة بن عبو، أن الجزائر تبقى في نفس النظام السياسي الذي يترك رئيس الجمهورية في هرم السلطة ولديه وسائل التأثير على كل السلطات الأخرى وبالمقابل نجد أن تلك السلطات ليس لها أي تأثير على رئيس الجمهورية وهذا ما يكرس طبيعة نظام رئاسوي الذي أصنفه -تقول القانونية بن عبو- في كتاباتي كنوع من أنواع أنظمة الحكم على غرار النظام الرئاسي، البرلماني والشبه الرئاسي. وتضيف بن عبو، أنه لا يمكن القول بأن النظام الرئاسوي غير ديمقراطي، حيث نجد أن هذا النوع من الأنظمة منتشر في الدول العربية، الإفريقية وسابقا كان موجودا في الدول اللاتينو- أمريكية، ويمنح هذا النظام الرئيس صلاحيات كبيرة، وبالتالي لا يركز على تحقيق مبدأ التوازن بين السلطات لأن الرئيس كما سبق وان قلت يجمع جزء من السلطة التشريعية المتمثلة في الأمريات، بالإضافة إلى كون السلطة التنفيذية تشتغل برأس واحد وهو يكون في هرم السلطة، هو نظام يسمح بتسلط الرئيس لأنه لا يوجد ما يقابله. كما تحدثت بن عبو على تحديد العهدات الرئاسية، وقالت إن المادة التي تمنع تعديلها مستقبلا لا يمكن أن تلغى إلا في حالة إنشاء دستور جديد، وردا على سؤال حول من يقولون بأن بوتفليقة يحق له الترشح لعهدة جديدة بعد سنة 2019 بحكم أن التعديل الدستوري لا يشمل العهدات السابقة، أكدت بن عبو أنه نم غير المعقول سياسيا أن يكون ذلك، فالتعديل الدستوري القادم لن يلغي دستور 1996 ولا المؤسسات التي تمخضت عنه كما أنه نابع من روح ذلك الدستور. وبالنسبة للدكتورة بن عبو، فإن الرئيس لم يذهب نحو نظام شبه رئاسي بسبب التخوف من التفتح بالنظر إلى تجربة 1989، هي خطوات صغيرة للنظام حتى يتمكن من التحكم في الأمور، كما أن التعيين الخاص بالوزير الأول والمقترح في هذا التعديل ليس له أي علاقة بالنظام الشبه الرئاسي. وتؤكد المتحدثة أن تمرير النص على مجلس الوزراء قبل إخطار المجلس الدستوري ليس خطوة ضرورية للتعديل لأنه ليس مشروع قانون كغيره من المشاريع الأخرى. أما عن دور المجلس الدستوري، فتؤكد بن عبو مرة أخرى، أن الرئيس إذا رأى بأن التعديلات عميقة وتمس بالتوازنات، يمكنه أن يمرر نص التعديل مباشرة على البرلمان لمناقشته ومن ثم الاستفتاء الشعبي حوله، أما إذا أراد أن يجمع البرلمان بغرفتيه، فعليه بإخطار المجلس الدستوري الذي له رأي معلل وليس إجباري، يصدر فيما بعد في الجريدة الرسمية وبالتالي لا يمكن تجاوزه لأنه يكون على مرأى الرأي العام، وفي هذه الحالة يعطي المجلس الدستوري رأيه وإذا رأي بأنه تعديل عميق فغن النص يذهب إلى المجلس الشعبي الوطني ليسلك طريقا مشابها لمشروع القانون.