في حوار شيق جمعنا بالكاتبة والمترجمة المصرية منال الشربيني تحدثت فيه عن أهم محطات حياتها الإبداعية لتكون سيدة الحرف الجميل في الساحة الأدبية، و تروي لنا تفاصيل عن أسباب غيابها ومشروعها العالمي الذي توقف لأسباب كثيرة حيث لا تزال تبحث عن الوعاء الذي يتركها تترجم الأدب الإسكندري الى اللغات الاخرى، قائلة: "أنا بنت المنصورة بنت الريف المصري الممزوج بحناء الأرض ودلال" حابي"إله النيل لدى قدماء المصرييين". بداية، أين وصل مشروع تحويل الأدب الإسكندري الى اللغات الاخرى؟ إلى اللاطريق على أرض الواقع، لكنه لم يزل قائما لدي كمشروع شخصي، وقد كنت قد قررت ان أرصد الواقع الأدبي السكندري ، ورصدته بالفعل، ورصدت اعمال بعينها لكتاب وشعراء مميزين للغاية بالاسكندرية، أذكر ان البعض منهم لم يلق رواجا كبيرا قبل ترجمتي لعمله وختياري له بعين الناقد المتمرس ليكون ضمن مجمع الكتاب الذين اخترت نمذجا لاعمالهم للترجمة، تعلمين بالطبع كم هي مرهقة الترجمة الأدبية، لكنها بالنسبة لي متعة لا تفوقه متعة، وكنت أرغب من وراء ذلك تقديم الأدب السكندري بترجمة تليق به للآخر، الذي اعتاد قراءتنا من خلال مترجمين غير عرب، وكانت وجهة نظري دوما أن علينا ان نقدم للآخر ذواتنا المبدعة وعوالمنا وملامحنا الخالصة كما نراها نحن ونقدم له من الهوامش ما يجعله يقترب منا ليس ضمن مفهوم كونه آخر لا يعرفنا لآخر لا يعرفنا، ولاقى الامر استحسان كبير للغاية ، وكنت اعرض أعمال الأدباء والشعراء عرضا سينمائيا كخلفية لمنصة الندوة التي أقيمها على هامش عرض الأعمال وكنا نناقش قضايا مهمة، وتناوب فرع اتحاد الكتاب ابالاسكندرية مع قصر التذوق اتاحة الفرصة لندوتي التي حملت عنواان:» آفاق الترجمة والنص الابداعي السكندري» منذ عام 2006 واستمر الأمر بين جمهور يتزايد ومناقشات بناءة تتم، وأعمال يتم ترجمتها ويتم توزيع فايل الأعمال المترجمة كنسخ ورقية على المبدعين، وألغني الكثيرون منهم أنهم ممتنون بالتجربة، وفي هذا لم يكونوا يجاملونني قيد أنملة. ولكني لاحظت في المرات الأخيرة التي انعقدت فيها ندوتي ان لا مكان لي سوى « لوبي قصر التذوق» بالاسكندرية، لن اذكر اسماء سألتها حينئذ عن السر في عدم إفراد قاعة لندوة ناجحة مثل هذه، وشيئا فشيئا أبلغت بإلغاء الندوة ولا أدري السبب للآن، بعدها قدمت في فرع اتحاد الكتاب بالاسكندرية ندوة حملت عنوان» النقاد السكندريون إلى أين ولمن نعلق الجرس» عرضت فيها مقدمات الدواوين والقصص والروايات التي تجعل من مقدم العمل بطلا لم تأت به الأوائل، ثم قرأت على الجمهور وهو في معظمه من خارج الوسط الأدبي إلا قليلا، وجاءني من مجلة اتحاد الكتاب محررة سجلت محضر الندوة ووعدت بنشرها في مجلة اتحد الكتاب ، لكن ذلك لم يحدث طبعا، أخبرني البعض أنهم» لا أدري من هم» لن يسمحوا بنشر ذلك، وقد كان، في الندوة التي تلتها كان موعد جمهوري مع ندوة» آفاق الترجمة والنص الابداعي السكندري» في مبنى فرع اتحاد الكتاب بالاسكندرية، حضرت، وحضر جمهور كبير، لكننا جميعا صابنا الذهول، فلم تكن الندور مدرجة على جدول الاتحاد، ولما سألنا أجابني كبيرهم أن ذلك حدث سهوا. وأترك لكم التعليق، لن أحدثك عن رد فعل غاضب للغاية من جمهوري كلف نفسه النزول لحضور الندوة الفخمة التي كنت أرتب لها شهرا كي أعرضها على زملائي وجمهوري في أقل من الساعتين. الشلالية التي عانى منها المشروع، هل هو تقاعس من جهات معينة؟ لاأعرف جهة معينة، فلا دخل لأحد غير بالأمر، ان أقوم بجمع الاعمال وترجمتها وتقديمها معروضة كشريط في خلفية الندوة ومن ثم تووزيع النسخ الورقية على كل مبدع حيث يخمل كل مبدع الاعمال المترجمة لكل ندوة له حرية نشرها في أي مكان يشاء، لكني كنت أقوم بنشر تلك الأعمال في رومانيا لدى زميل لي روائي فلسطيني يعمل بورزاة الثقافة هناك وكان ينشرها بدوره لترويج الابداع السكندري، ولكني سمعت أن البعض أصبحوا فجأة مترجمين ومحللين وجاءني البعض ليقول لي مثلا:"أنا كان قصدي أقول كده وانتي ترجمتي حاجة تانية"، وكان من الصعب جدا أن أقوم بتوضيح الأمر وانني أتعامل مع فقه لغة ورؤية تحملها لغة النص، ولم أدخل في النوايا، وكما أن للناقد زاوية رؤية وللقاريء زاوية أخرى، كل حسب مرجعيته وخلفيته الثقافية فإن للمترجم رؤيته كقاريء ناقد ومترجم في آن معا، تلك نقطة أعيتني بالفعل، فحملت أوراقي إلى شجرة صفصاف أخرى تضم مكتبي ومكتبي وطلابي وعلمي وتواريت إلى حين. غيبت عن الساحة لفترة طويلة جدا، مما جعلكم تختفون عن الملتقيات والنشاط الابداعي؟ نعم، غيبت وقبلت التغييب، ذلك لأنني اكتشفت أن الحرث في الماء لن يجدي، توقعت مثلا ان يطالب زملائي من المبدعين بإدراج الندوة القيمة، ولكن لم يأتني ردا، ففضلت أن أعكف على مشروعي الابداعي وأقدمه مترجما باللغتين الفرنسية والانجليزية بقلمي وترجمتي، وسيخرج للنور في الوقت الذي يختاره لي الله، كما أن عملي كأستاذ لغات سرق مني الوقت ففضلته في معظم الأحوال. استقلت عن المشروع الضخم أليس لديكم نية الاستمرارية فيه؟ فهو إضافة لتقديمه للعالم؟ في أول الأمر اقترح علي البعض الانضمام إلى مظلة ما هنا أو هناك كي أقدم مشروعي من خلاله، فرفضت. لا أحب أن أكون تحت مظلة أحد، حينها سأعمل ما يمليه علي هو، وأنا لا اجيد إلا التحليق في الماوراء، كما ان لي رؤيتي كأديبة مترجمة وليس مترجمة مترجمة. اما عن تقديمه للعالم، فأنا على وشك أن أخرج أعمالي للنور، فقد اتاح الله فرصة قيمة فأمرضني وأنا الآن في نقاهة من جراء عملية خطيرة، خرجت منها لا أتكلم، لكنني ما زلت أكتب، ولكنني لن أقدم غير أعمالي سواء قصة قصيرة ، رواية ، شعر تفعيلة، شعر منثور، وغيرها، والتي أقوم بترجمتها حاليا وإعدادها للنشر عما قريب جدا، كيف تقيمين الحركة النسائية الابداعية بالاسكندرية بوجه خاص وبمصر بشكل عام؟ الحركة الإبداعية تغلي بالإبداع عموما في الاسكندرية، ولدينا طاقات هائلة من المبدعات، في الاسكندرية ومصر ككل وخاصة في القرى والمراكز البعيدة، تعرفين أن عليك ان تنضمي ل»جيتو» القاهرة كي تدخلين دائرة الضوء، وفي الواقع، هناك ابداعات كثيرة نسائية بلا ضوء، وضحالات فكرية أرهقنا بها الضوء، ولكن كوضع عام، نحن بحاجة إلى غربلة للإبداع الحقيقي النسائي وغيره، وانا أرفض مصطلح»ابداع نسائي» يقول الله عز وجل « من المؤمنين رجال، فالأصل في الفعل هو الرجل، والأصل في القول هو الرجل، والإبداع مجموع الفعل مع القول وبذا يستوي لدي الجميع في قولة واحدة"مبدع"، نحن فقط نحتاج إلى المصداقية في الحكم على الابداع والمبدع هو الذي يصنفه الجمهور مبدعا في نهاية المطاف، ومعروف أن لدى الشعب المصري ذائقة رائقة وعميقة في الحكم على الابداع. هل هناك شللية ابداعية بمصر؟ لفظة"شللية" تعني فكر تآمري، مع أو ضد، هكذا أفهمها، وهي موجودة بيننا طول الوقت، نحن نتفق كأخوة من أم واحدة على أبينا كي يلبي لنا غرضا، هذا مفهوم وادر في كل الأوساط وكل المجتمعات، لكن حين يتفشي ليصبح تعتيما وتغييبا وقد يصل إلى حد الغيبة والنميمة أحيانا، فإن اللفظة تضعنا جميعا في مأزق الجهل. ومن هذا المأزق تتأزم المسيرة الابداعية للجميع، لأن كل شلة يقابلها شلة تحد من قدراتها أو تعرقل مسيرتها، ولكن في نهاية الأمر سأظل أقول: "غربال التاريخ ضيق ، لن يبقى إلى على الأحجام الكبيرة"ولغة القرآن الكريم أقول:" .. واما الزبد فيذهب جفاء، واما ما ينفع لناس فيمكث في الأرض.". صدق لله العظيم. هل هناك تغييب لكل ما هو جديد؟ عدت من عمانالأردن إلى مصر في عام 2000، وكنت حينها قد تجاوزت كتابة كل ألوان الشعر فخرجت إلى النثر، وجئت محملة بالنثر في ملاحم أقحات واوغاريت وجلجامش وبروميثيوس، ففوجئت بهجمات شرسة على القصيدة المنثورة، وكان يمنعني البعض من إلقاء شعري بدعوى أنني لا أكتب إلا النثر، ووقف تصنيف البعض لي هنا على انني شاعرة نثر، كنت ابتسم، واقول : « ليت قومي يعلمون»، وفي ندواتي الكثيرة التي تكلمت فيها عن الترجمة والمنثور والموزون وما إلى ذلك، كان الأكثر تفاعلا معي هو الجمهور وليس السادة المبدعين في ساحة الاسكندرية، الأغرب من ذلك، أن أجد ان من هاجمني يوما، يكتب القصيدة المنثورة اليوم، كنت قد جئت إلى مصر محملة بحوارات قيمة مع الشاعر الكبير البياتي في أيامه الاخيرة التي قضاها في عمان، كنا نلتقي في منتدى الفينيق بمنطقة الشميساني، بعمان الغربية، في الأردن، وكنا نتحدث عن موجة شعر النثر ، فلم جئئت وجدتني لا اتنفسني بشكل جيد. أما عن التغييب، فلي سؤال:» كيف تجدين لأمر حين تكتظ المنصات بالغث، وهادمي اللغة وتغلق الدور الثقافية في وجه آفق الترجمة والنص الابداعي السكندري "على سبيل المثال"؟ وماذا بخصوص الصالون الادبي الذي تشرفون عنه؟ صالوني الأدبي هنا بالاسنكندرية أقيمه في مكتبي الخاص، وأرحب فيه بكل الأدباء الحقيقين، ولكن أكثر رواده من شباب الجامعة المبدع الذي تربى يوما على مباديء زرعتها فيه، ويعتذر غيرهم عن الحضور، وكثيرا ما كانت قاعتي فارغة، لكني قاعة فارغة ومستمع جيد أفضل من قاعة مليئة ومستمع لا يجيد إلا سماع صوت التصفيق له وحده» والصالون حاليا دون فاعليات نظرا لمرضي، أنا في نقاهة حاليا، أرجو أن اعود قريبا إلى مكتبي وصالوني. كنت اول من ترجمة مصرية لقصة « كزانوفا « لما يتناسب وعادات وتقاليد المجتمع كيف كان رد فعل المهتمين بذلك؟ ستصدمك إجابتي، لقد جلست أربعة أشهر متواصلة أترجم « كازانوفا»، لم أخرج من مكتبي، ولما أنهيت الترجمة، حملت نسخة أولية إلى الجهة التي تعاقدت معها، بعد حولي أربع زيارات من قبول العمل واستحسانه من قبل الشخص المتعاقد معي، فوجئت بإجابة خطيرة» اتركي العمل، سيقوم « فلان» بمراجعته، قلت فلان؟، وهل يفهم فقه اللغتين الأصل والهدف، قيل، هو كذلك، ولم يكن طبعا، وإما ان يتم نشر العمل باسمك واسمه معا، أو تتركيه، « كنت قد أنهيت العمل برمته ترجمة وتصحيحا لغويا، وسلمته بالتشكيل النحوي،خرجت غاضبة، بل باكية، وفيما بعد أخبرتني المسئولة أن العمل يقوم بمراجعته مترجم ما، من هو. لا ادري؟ مامدى كفاءته، لا أدري، غضبت للغاية، وبعد مشاكل عدة مع الجهة التي وثقت بها وسلمتها السي دي والنسخة الورقية، بل والعقد المبرم بيننا، جاءني رد غريب للغاية:» ان ترجمتي لا تصلح،» لك ان تتخيلي الكواليس بالطبع. لقد قرات انت ككروائية موقرة أعمالا قبل اجراء هذا الحوار، ومن هنا ادعو الجميع للحكم على ما أقدم من ابداع مترجم، كل ما نوهت إليه أنني سأعمل على تقديم العمل ضمن لغة تحافظ على قيمنا العربية. لا أدرى من ورء الأمر إلى الآن.. خلاصة القول. انا اول من ترجمها، وهي بالأسواق الآن بسم مترجم آخر، من يعرف ابداعي لن يخطيء لغتي في الرواية وانها تحمل مستويين من اللغة. هذا هو رد المهتمين. بخصوص الترجمة ماهي اهمية الترجمة في خدمة الوطن والمجتمع؟ درجنا على أن نترجم ونننقل عن الآخر، فأصبح ما ترجمناه عن الآخر مهولا بالفعل، لكن لنا معاناتنا في مجال الترجمات التي يتم ترجمتها، وقليلون هم من يقدمون لنا تراجم جيدة تقدم نصا موازيا بل وتتفوق عليه من حيث الامتاع بمفهوم فقه اللغتين. ولا يخفى على كل المختصين في مجال الترجمة أننا نعاني نقصًا في المترجمين المحترفين الموسوعيين، وبما ان اللغتين الانجليزية والفرنسية أصبحتا الوسيطين فأنا كلغوية ومترجمة وباحثة وأديبة أرى أن تقديم ترجمة للنص الأصلي بلغة أهله تعد أجدى نفعا من قيام الآخر بترجمتنا ضمن مفاهيم ضيقة وهوامش ربما لاتؤدي إلى فتح النص في لغته الأصل ليقدم دلالاته واضحة في اللغة الهدف. وكلغوية، نحن نعاني من تدني مستوى خريجي أقسام الترجمة، وسيظل هذا الأمر قائمًا إلى أن يتحول قسم الترجمة من مجال نظري يقوم على تدريس نظريات الترجمة وعلوم اللغة إلى حقل عملي يمارس فيه الطالب حياة المترجمين فيعمد إلى التجريب والتجريب، إذ يعتمد التدريس في هذا المجل على تقديم نفس ترجمة النص دون نقص أو زيادة في ورقة اجابة الطالب وإلا يكون قد خرج عن الإجابة النوذجية، والترجمة يحتمل كل الاجابات والتأويلات. وعلى الآخر أن يتلقى عنا م نريد أن نقوله له، كفانا تبعية واستيراد، فأن لم يفهم لنا مقصدا أو مصطلحا عليه بالبحث عن جذور لغتنا كي يعرفنا بالطريقة التي نريد له أن يعرفنا من خلالاها، وليس ضمن مفهومه الضيق عننا. تطالبون بغرس حب الترجمة كيف ذلك؟ نعم، نحن نترجم على مدار الساعة عزيزتي، حين أقدم لك نقدًا حول رواية لك، فأنا أقدم لك ترجمة لعملك بلغة تأويلية، تحتمل الترجيح والتناص، والاسقاط، وكل هذه العمليات التحليلية مهي إلا ترجمة لمفاهيم، فقط نقف اللغة حاجزا بين لسان وآخر، وهنا لا بد لنا أن يتوازي دورنا كمتلق ناقل لما يقدمه الىخر لنا عن أنفسنا إلى مترجم واعٍ يعرف ما يقوله وكيف يقوله كي نفرض أنفسنا بم يليق وكما يليق على الآخر. كيف تقيمون الترجمات الفردية، وهل من شأنه فتح المجال لتنافس الشباب؟ أنا أؤمن أن الترجمة ابداع وموهبة وهو حقل تجريبي عملي يتكيء على النظريات إلا قليلا، وأرفض أن يكون في هذا المجل أيضا مقولة» هذا ما وجدنا عليه آباءنا» وأرفض أن يقف الأمر عن حفظ مصطلحات وقوالب مقابلة أو موازية، الترجمة حقل تجريب يفتح المجال للتنافس ضمن أرضية واحدة تحمل لافتة « حافظا على فقه اللغة الأصل والهدف» وفي هذه فليتنافس المتنافسون. لديكم ديوان شعري "عند مفترق الذكرى والخرافة" حدثينا عنه وما تناوله؟ لي ديوان صدر في عمانالأردن، وظهرت منه طبعة في السعودية، يحمل عنوان "ناي ، نخيل، حابي" وحابي هو اسم النيل القديم. أما ديوان "عند مفترق لذكرى والخرافة" فقد خرج هذا الديوان دون الرجوع إلى بعد مراجعته للأسف، فقد راجعه زميل، لم يك أمينا في المراجعة الصرفية، فخرج وبه بعض التشويه، في بضع مواضع، ولكني أردت بهذا الديوان أن أقول لقارئي ها أنذا بين الشعر وبين النثر وبين القديم والحديث مزروعة بين قناديل السماءدوما، ومزجت فيه بين التوراة والانجيل والقرآن كموروث وتناص واسقاطات تاريخية وفيه جزء أطلقت عليه: قاموس آخر للغة. قدمت فيه شعرًا منثورًا، لا أقف عند التسمية كثيرًا،لكنه يحمل مخزونًا ثقافيًا واسعًا، يحتاج إلى قلمٍ ناقدٍ واعٍ موضوعي وموسوعي ، ورغم هنات هنا وهناك من ناحية الصرف، لاقى رواجًا كبيرًا بين زملاء وزميلات من المبدعين والجمهور وفيه: قابعٌ في النسائمِ يعبث بدثار النرجس ولت وجهها شطره فكان من "الآفلينْ". اقتربت تحثُو على مخيلته أناسيمَ خرافية أسند إليها رأسَه همست: كان خريرًا شاعرًا يجول الوادي ومن فرط العشق تنهَّد فكانت"المرأة". تحدث جاءتها كلماته مرايا نبيٍ تعكسُ رُؤى "فرعَون" للنهاراتِ فُجاءَةٌ ِتُزلزلُ واحةَ الحُلم فتنهارُ ملامحُ نخيلِها ويخلو الخاطرُ إلا من الذكريات مُبتعدًا خبَّأَ رأسَه في حضن الأفق والغروبُ ها هنا في داخلي ومن داخلي تعكَّرَ ماءُ القدَّاس بكت قيثارتي وخلفيَ اخْتنقت الكلمات! على أثيرٍ مدججٍ بالغيب تربُضُ غضباءَ في مقلتيها ملامح الأرق راجفةً تسمعُ للشهب! ضوءٌ لقي أطيافًا من الطمىَ تغدو ظلاً يُجدِّل من الماءِ نخيلًا تتدلي طُلوعُه على مرفأٍ للطين لحنًا من «هيولى» في طرقاتٍ مجهولةٍ تتخبَّطُ الأحلامُ وحدها ونِثارُ المرايا تُذبِل النَّدى فيشَّقَّقُ جبينُ المطر! في(حقلٍ من دم) تتأوَّهُ أُيقونةٌ للنيلِ تغزِلُ من سَعَفِ النَّخيل أوتارًا يغْتالُها الصَّدى تنزفُ لحنًا أخيرْ هناك من يصنفك ضمن الشعراء الذين ينتسبون الى مدرسة الشعر الرعوي أمثال "اليا ابو ماضى- خليل جبران- وغيرهما"، لأي مدرسة تفضلون؟ نعم قرأت ذلك في عدة اصدارت للبعض في مجلات عربية، وأراه جيدًا ، وأرى اعمالي ملكًا خالصا للنقاد الحقيقيين الموضوعيين يلقون فيه أقلامهم وعيًا، أخذًا وردًا، لكني أتدخل كعادتي لأدافع عن نص لا دفاع له عن نفسه غيري حين يخوض فيه المدعون، فأنا أومن ان النقد ابداع إلى ابداع، وليس هدما أو تغييما أو تعتيما، وأرة أن الناقد الجيد هو الذي يثبت مدى موسوعيته وثقافته العميقة والعامودية حين يقف على النص المبدع، فالمبدع الحقيقي ناقد حقيقي بالضرورة. ولقد أصاب من صنفني من مدرية جبران، نعم انا جبرانية الروح والآفاق. نعم. وأميل ميلا عظيما إلى إيليا ابو ماضي ومي زيادة ، ولكن ميلي الأكبر للثقافة المطلقة والموسوعية في التلقي إلى مالا نهاية. أبيات قصائدك لا تخلو من مصطلحات الطبيعة "العصفور- الماء- الثلج- الشمس ..." هل هذا انتماء لما داخلكم وعشقكم للارض والطفولة معا؟ هو تكويني سيدتي، أنا بنت المنصورة بنت الريف المصري الممزوج بحناء الأرض ودلال «حابي» إله النيل لدى قدماء المصرييين، وبنت الاسكندرية والبحر بحكم نشاتي لأولى فيها حتى بلغت الثامنة عشر من عمري، وبنت عمان وثلجها وجبالها ومراعيها ورعاتها وأحراجها وطبيعتها الرايقة عشت بها خمسة وعشرون عاما، وابنة كل القراءات التي شكلت وجداني وعقلي وابنة أبي الذي علمني القرآن وابنة أخي الذي علمني الانجليزية وابنة أمي التي علمتني لغة الحمام، وابنة زوجي الذي علمني الصيد وأقرأني البراح. أنا ابنة الحقل يا عزيزتي. وانا طفلة مدللة من كل من حولي حتى من ابنائي كل هؤلاء شاركوا في تشكيل وجداني ولغتي وطفولتي التي لا تنتهي. كيف أصبحت الحركة الابداعية بمصر بعد الأحداث المريرة التي شعدتها مصر؟ مصر لا تمر بوقت عصيب ، مصر تمر بمرحلة مخاض عنيفة، وقريبا سوف تهز بجذع النخلة. الحركة الابداعية في مصر تغلي ابداعًا يستحق الرصد، فمصر تجيد دور المثقف المبدع والألق الحضاري في لحظات الوجع، يأتيها دوما مخاض النور ونحل عليها روح" رع" وبروميثيوس" حين تتألم. إنها مصر كما تعرفونها، وستبقى مصر المبدعة ومشعل النور ولكل حصان كبوة سيدتي. وهل تغيرت الفكرة الابداعية ام مازالت على حالها؟ التغيير شأن الأشياء سيدتي، اللاليء في المحار تولد حرة وكلما تعاقب عليها الزمن اتخذت أشكالا مختلفة، اختلف الأمر بالتأكيد، فلقد رصدت شاعرا ناقدا كان يحارب النثر والقصيدة النثرية بكل شراسة وهاهو الآن يحبو إلا قليلا في ربوعها، إذن هنالك تغيير أصاب رأس الهرم. أما عن التغير الابداعي على مستوى الشخصي، فقد نزعت إلى كتابة الشعر باللهجة العامية المصرية، لأني كنت اتكلم اللهجة الأردنية القح حين عدت إلى مصر، ولربما لمحت وشوشات البعض حولها من آن لآخر، فقررت أن أدخل ساحة العامية فدرست كثيرا في المرورث العامي وبحثت كثيرا وأجدت الحمد لله كثيرا بشهادة الجميع، ولي جمهور عريض يتبعني على الفيس الذي أصبح نافذة جيدة للمبدع بعيدًا عن المدعين ومعاول الهدم والحاملين عتمًا.