أكد مصطفى كحيليش رئيس لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الوطني في حوار خص به "صوت الأحرار" أن استحداث مجلس وطني للبحث العلمي والتكنولوجي نقلة نوعية في الدستور الجزائري، مشيدا في السياق ذاته بما تضمنه المشروع التمهيدي لتعديل الدستور من أحكام ونصوص تعزز الديمقراطية وتكرس دولة الحق والقانون، كما اعتبر التعديلات الأخيرة التي عرفها مشروع مراجعة الدستور هي تعزيز لمكاسب لطالما ناضل من اجلها حزب جبهة التحرير الوطني ورافع لصالحها الأمين العام للحزب عمار سعداني، من جهة أخرى أزاح كحبليش اللبس بشأن ما تم تداوله بشأن إيفاد أعضاء بالبرلمان للتحقيق في موسم حج 2015 موضحا بالقول "ما تم اقتراحه إيفاد أعضاء من لّجنة لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية في بعثة الحج وليس لجنة تحقيق". بداية هل بإمكانكم أن تعطونا ولو لمحة بسيطة عن برنامج اللجنة التي ترأسونها؟ سطرت لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الوطني برنامج عمل يتمثل أساسا في برمجة جلسات استماع على مستوى اللجنة بمقر الغرفة السفلى لكل من وزراء التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية والأوقاف حول سياسيات القطاعات الثلاث، وبالمقابل تبليغ الوزراء المعنيين بالانشغالات والمشاكل وعرض الاقتراحات والحلول المناسبة لها،وفي الوقت نفسه سطرنا جلسات سماع لعدة هيئات ومؤسسات ذات العلاقة والصلة بالقطاعات الثلاث المعنية. وماذا عن الزيارات الميدانية؟ لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية تولي أهمية كبيرة لهذا الجانب وقد تم في ذات الخصوص تسطير برنامج سنوي للزيارات الميدانية التي تقوم بها اللجنة وذلك على مستوى الجهات الأربع من القطر الوطني قصد المعاينة والوقوف ميدانيا على المسائل المتعلقة بالقطاعات الثلاث. أثير مؤخرا الجدل بشأن إيفاد لجنة تحقيق برلمانية حول موسم حج 2015، هل من توضيحات أكثر؟ في حقيقة الأمر الاقتراح الذي برمجته لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية يتمثل في إيفاد أعضاء باللجنة ضمن بعثة الحج لموسم 2016 وليس لجنة تحقيق كما تداولته وسائل الإعلام، من منطلق أن موسم الحج يعد انشغال كل الأسر الجزائرية وكثيرا ما يعرف تقصيرا واختلالات، واقتراحنا هذا هو كتدبير احترازي، حيث فكرنا أن إيفاد أعضاء من اللجنة المعنية بإمكانه أن يكون لديه تأثير ايجابي سواء على بعثة الحج فيما يخص التكفل والتوجيه والرعاية الصحية أو على مستوى حمل الوكالات السياحية على الإيفاء بالتزاماتها تجاه الحجاج والمعتمرين، سيما فيما يتعلق ببعد المسافة بين مقر الإيواء والحرم المكي، أو فيما يتعلق بمساحة الغرف وعدد الأفراد داخل الغرفة الواحدة. تم مؤخرا الإفراج عن مشروع تعديل الدستور الذي هو الآن على مستوى المجلس الدستوري، ما قراءتكم لما تضمنه من أحكام ونصوص قانونية؟ مما لا شك فيه أن المشروع التمهيدي لتعديل الدستور جاء بتعديلات هامة جدا، تشمل كل القطاعات، مما عزز كل المؤسسات الدستورية وكرس عدة مبادئ لم تكن مدسترة من قبل مما أعطاها المنعة مستقبلا، ولعل من أهم ما نص عليه مشروع تعديل الدستور صراحة وما كان انشغالا لدي الطبقة السياسية هو مبدأ الفصل ما بين السلطات،تعزيز دور البرلمان بغرفتيه ومنح مجلس الأمة سلطة المبادرة بالقوانين وكذلك منح المعارضة البرلمانية سلطة إخطار المجلس الدستوري التي كانت تنحصر فيما مضى في رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة، كما أن من بين أهم ما جاء به التعديل الدستوري الجديد تعزيز الحقوق والحريات الفردية والجماعية وكذا تعزيز حرية الإعلام. فكل هذا يعد تعزيزا للديمقراطية في الجزائر. ما تعليقكم حول النقاش الدائر بشأن ما تضمنته المادة 51 من المشروع التمهيدي لتعديل الدستور؟ فيما يخص المادة 51 التي وأثارت كثيرا من الجدل، فاعتقد أن المادة كما جاءت في مشروع مراجعة الدستور باشتراطها الجنسية الجزائرية دون سواها كشرط لتولي المسؤوليات والوظائف السامية في الدولة منطقية جدا خاصة لما يتعلق الأمر بوظائف حساسة في الدولة، فلا يمكن أن نتصور أبدا أن يكون مسؤول أمني مزدوج الجنسية لتعلق ذلك بالأمن القومي وغيرها من المناصب الحساسة الأخرى. ولا يعني هذا كما ذهب الكثير من الناس أن في ذلك يشكك في وطنية مزدوجي الجنسية بدليل أن المادة 24 مكرر من مشروع تعديل الدستور قد خصت المواطنين بالخارج بالتزام الدولة بحمايتهم وحماية مصالحهم وكذا التزام الدولة بالحفاظ على هويتهم وتعزيز روابطهم مع الأمة. ويبقى أن المادة 51 لم تحدد ما هي هاته المناصب السامية في الدولة التي تستوجب الجنسية الجزائرية فقط في توليها، وهو ما سيطلع المشرع على تحديده بناء على أسس موضوعية بعيدة عن الحسابات السياسوية بما يكفل حقوق مزدوجي الجنسية ومصلحتهم في ظل حماية حقوق الدولة الجزائرية. العديد من المقترحات التي قدمها حزب جبهة التحرير الوطني في إطار المشاورات تضمنها مشروع تعديل الدستور حسب ما أكده الأمين العام للحزب عمار سعداني مؤخرا، ما تعليقكم؟ مما لا شك فيه أن التعديلات الأخيرة التي عرفها مشروع مراجعة الدستور هي تعزيز لمكاسب لطالما ناضل من اجلها حزب جبهة التحرير الوطني ورافع لصالحها الأمين العام للحزب عمار سعداني وقد تجلت معظمها في التعديل الدستوري الجديد وهذا يعد مكسبا للديمقراطية في الجزائر من جهة ولمكانة الحزب الريادية من جهة أخرى. تضمن مشروع الدستور الجديد عددا من التعديلات التي تخص قطاعات التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية والأوقاف، هل من تفصيل أكثر، وما هي قراءتكم لهذه الأحكام القانونية الجديدة؟ أولا فيما يخص ما جاء به التعديل الدستوري الجديد فيما يخص قطاع الشؤون الدينية والأوقاف، فقد نصت المادة 36 من المشروع على فقرة جديدة وتتعلق بحرية ممارسة العبادة التي تضمنها الدولة ولكن في ظل احترام القانون، وهو أمر مهم جدا خاصة في ظل كل ما هو محتمل من تيارات وشعائر دينية دخيلة على المرجعية الدينية الجزائرية سواء تعلق الأمر بمد شيعي أو تنصير. والفقرة الجديدة سالفة الذكر هي دعوة لتحديث النصوص القانونية مع هذا الحكم الدستوري. أما بالنسبة لقطاع التربية الوطنية فان الجزائر مستمرة في نهجها من حيث مجانية التعليم العمومي للإبقاء على التزام الدولة في هذا الصدد، فضلا عن ذلك فقد نص مشروع مراجعة الدستور في نفس المادة على أن التعليم الأساسي إجباري وهو أمر بالغ الأهمية خاصة وان هناك إحصائيات صدرت مؤخرا عن اليونسكو تشير إلى أن هناك من لم يدخل إلى المدرسة من أبنائنا وان كان العدد محدودا جدا فانه أمر يجب مكافحته وحمل الأولياء على تدريس أبنائهم مهما كانت الظروف سواء تعلق الأمر بظروف اجتماعية أو اقتصادية أو حتى صحية متعلقة بالأطفال. وبخصوص التعليم العالي والبحث العلمي فقد جاء في مشروع مراجعة الدستور في مادته 173 فقرة 9 بإحداث مجلس وطني للبحث العلمي والتكنولوجي مما يشكل نقلة نوعية في الدستور الجزائري وإعطاء الأهمية البالغة لرافد هام من روافد النهضة والتطور لأي دولة خاصة وان من مهام المجلس وطني للبحث العلمي والتكنولوجي هو ترقية البحث في المجالين التكنولوجي والعلمي. ومن مهامه أيضا اقتراح التدابير الكفيلة بتنمية القدرات الوطنية في مجال البحث والتطوير كما انه سيناط بمهام أخرى يحددها القانون. تضمن مشروع تعديل الدستور استحداث مجلس أعلى للغة العربية، ما تعليقكم؟ استحداث مجلس أعلى للغة العربية لترقيتها وازدهارها وتعميم استعمالها خاصة في الميادين العلمية والتكنولوجية هو أمر بات مهما حدا في ظل تراجع استعمالها وربطها برئاسة الجمهورية بمثابة الدفع القوي والضمانة الأساسية لتفعيل هذا الإجراء وإعطاء اللغة العربية المكانة التي تليق بها. وماذا بشأن المجمع الجزائري للغة الأمازيغية الذي تضمنه التعديل الدستوري الجديد؟ بالنسبة لاستحداث مجمع جزائري للغة الأمازيغية لدى رئيس الجمهورية وإسناد أشغاله للخبراء هو تطور في الموقف الرسمي الجزائري خاصة في ظل الظروف الجيوسياسية للمنطقة والاستغلال السلبي لبعض الأطراف الداخلية. يبقى أن هذا الموضوع ينتظره عمل أكاديمي محض حتى ينضج ويرقى إلى مكانته اللائقة.