اليمن سائر على طريق الانقراض، فالوحدة التي قاومت الانفصال المسلح سنة 1995 تترنح اليوم رغم أن "الحراك الجنوبي" لم يعد مسلحا، لكنه يستند إلى مزيد من الدعم الشعبي لخيار الانفصال الذي يبدو للبعض إنه أفضل من البقاء تحت حكم علي عبد الله صالح، والحرب في صعدة تدمر البلد وتستنزف قدراته المحدودة وتسحبه سنوات إلى الوراء دون أن يكون هناك هدف واضح لهذه المغامرة الخطيرة. شيئا فشيئا تحول اليمن إلى ساحة حرب، فالسعودية متورطة هناك في مواجهة الحوثيين بدعوى تسللهم إلى الأراضي السعودية، وأمريكا تشارك بشكل مباشر في عمليات ضد القاعدة، إن كان حقا من تم استهدافهم هم من القاعدة، وفي الجنوب يعلن الناس تذمرهم من الوضع ويلتحقون بشكل جماعي بخيار الانفصال، وفي كل الحالات كل الفاعلين لهم مصلحة فيما يجري إلا اليمن، فالسعودية تريد أن تصد ما تسميه زحفا شيعيا قد ينقل الاضطراب إلى مناطقها الشرقية حيث يتمركز أتباع المذهب الجعفري، وهي تفعل ذلك في إطار سعي للحد من النفوذ الإيراني الذي يقال إنه يتجلى في هذا التمرد المسلح من قبل الحوثيين في صعدة. الأمريكيون من جهتهم سعداء بفتح جبهة جديدة ضد القاعدة في معاقلها، وحسب مبدأ الحروب الوقائية فإن ما يجري في اليمن هو جزء من الحرب الشاملة على الإرهاب والتي تتحول اليوم إلى حروب بالوكالة تقوم بها بعض الحكومات نيابة عن أمريكا التي ستوفر دماء جنودها وتكتفي بإرسال طائرات من دون طيار للقصف والعودة بسلام في حين يواصل اليمنيون حربهم على الأرض. ما يجري باليمن هو تكرار للتجربة الباكستانية البائسة التي تسير نحو تفكيك واحد من أكبر البلدان الإسلامية، وسيكون التقسيم هو مصير اليمن في النهاية، ولن يحرك الأمريكيون ساكنا لإعادة بناء الوحدة، ولن تستطيع السعودية، التي مولت حرب الانفصال ووقفت وراءها قبل 15 عاما، أن تنفع اليمنيين في شيء أو أن تضر إيران بشيء، لكن المؤكد هو أن اليمن لن يكون سعيدا بعد اليوم.