ندد أمس إيريك بيسون وزير الهجرة الفرنسي بمبادرة نواب المجلس الشعبي الوطني لتجريم الاستعمار الفرنسي، وقال إن المقترح يتعلق بقضية حساسة ما تزال آثارها موجودة، وحذا عديد من النواب الفرنسيين حذو بيسون مستنكرين المبادرة إصرارا منهم على طمس وإخفاء الوجه البشع لفرنسا الاستعمارية والذي لم تجد فرنسا الرسمية حرجا في تمجيده من خلال قانون العار الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي في 23 فيفري 2005. أثار مقترح قانون يجرم الاستعمار الفرنسي الذي بادر به نواب من المجلس الشعبي الوطني جدلا في باريس، حيث شهدت الجلسة العلنية للبرلمان الفرنسي أمس والمخصصة للتصديق على مشروع اتفاقية شراكة جزائرية فرنسية نقاشا حادا بين النواب قبل منح الضوء الأخضر لاتفاقية الشراكة التي سبق وأن صادق عليها مجلس الشيوخ الفرنسي في جويلية الماضي، كما خيم التوتر الذي يسود العلاقات بين الجزائر وباريس على أشغال الجلسة. ولم يخف اريك بيسون وزير الهجرة والهوية الوطنية الفرنسي في تعليقه على المبادرة أسفه وتنديده بمقترح النواب الجزائريين لتجريم الاستعمار الفرنسي، واصفا الموضوع بالحساس، وأوضح بالقول »أتأسف لهذا المقترح« قبل أن يضيف »إن الأمر يتعلق بموضوع حساس ما تزال آثاره واضحة، فبالنسبة للوزير لا يجب نسيان الاستعمار وما بعد الاستعمار وتجاوز هذه القضية«. وقد كانت الجلسة العلنية التي دارت أمس بمبنى الجمعية الوطنية الفرنسية مثلما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية مناسبة لفتح ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية وخلفيات التوتر الذي يشوبها مؤخرا، خاصة بعد الدعوة التي وجهها عشية انعقاد الجلسة أحد نواب الحزب الحاكم المقربين من الرئيس ساركوزي تيري مارياني من أجل تعليق المصادقة على الاتفاقية إلى أن يتضح موقف الحكومة والبرلمان الجزائريين من مقترح تجريم الاستعمار الذي اعتبره إساءة للجيش الفرنسي، وهو ما رفضه برنار ديروزيي من الحزب الاشتراكي الذي ورغم اعترافه بوجود توتر بين البلدين إلا أنه أعرب عن أمله في أن تتحلى الحكومة الفرنسية بالحكمة الكافية وأن لا تستمع للأصوات المتطرفة في إشارة واضحة منه لموقف ماريان تيري، وتجدر الإشارة إلى أن نواب الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي لصالح الاتفاقية، حيث دافع النائب فرنسوا أسونسي بالقول إن الأمر يتعلق بالاعتراف بالحقائق التاريخية لمساوئ الاستعمار. ولم يتوقف دروزيي عند معارضة مطلب زميله بتعليق إجراءات التصديق على اتفاقية الشراكة بين البلدين بل انتقد قرار باريس تصنيف الجزائر في قائمة الدول الخطرة التي يخضع رعاياها لتفتيش دقيق على مستوى المطارات الفرنسية ووصفه بالخطأ الفادح. وقد حذا عدد من نواب الحزب اليميني الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي يقوده ساركوزي حذو زميلهم مارياني، وعبروا عن انزعاجهم لمبادرة تجريم الاستعمار من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني، وهو النقاش الذي سعى كاتب الدولة المكلف بالشراكة ألان جوايندي لتهدئته والنظر إلى هذه الاتفاقية من زاوية المصالح التي ستعود على الشعبين الجزائري والفرنسي، وعلق بالقول »صحيح أن الأمر يتعلق الأمر بمقترح قانون وقع عليه عدد من النواب في الجزائر«، مضيفا أن »النواب الفرنسيون لا يقبلون أن يعلق برلمانيون من دول أخرى على ما يبادرون به من تشريعات، وبالتالي فمن غير المنطقي التعليق على مبادرات الآخرين«.