يؤكد إبراهيم بن جابر رئيس الغرفة الوطنية للتجارة والصناعة في هذا الحوار الذي خص به »صوت الأحرار« على ضرورة إيجاد حل للانشغال الذي يطرحه المتعاملون الاقتصاديون بالنسبة للقرض المستندي، كما يؤكد في تقييمه للعلاقات التجارية بين الجزائر ومصر أن هذه الأخيرة الخاسر الأكبر في حال تردي العلاقات بين البلدين لأن أول مصدر عربي للجزائر هي مصر، واستبعد في المقابل بن جابر أن تغادر شركة أوراسكوم السوق الوطنية طواعية، قائلا «لا يوجد عاقل يتخلى عن سوق واعد مثل الجزائر تحقق له 600 مليون دولار سنويا» فحتى قناة السويس حسب المتحدث لا تحقق لمصر مثل هذه الأرباح. أجرت الحوار: سميرة.ب *عهدتكم على رأس الغرفة الوطنية للصناعة والتجارة شارفت على نهايتها، ما الذي حققتموه خلال السنوات الأربعة المنقضية؟ أول الأهداف التي التزمت بتحقيقها هي تفعيل غرف التجارة والصناعة الولائية والغرفة الوطنية للتجارة والصناعة في الساحة الوطنية، والأرقام تشير اليوم إلى أن عدد المنخرطين الذين يدفعون الاشتراكات بانتظام في غرفة التجارة والصناعة بالنسبة للعاصمة وحدها انتقل من 200 منخرط سنة 2006 إلى 2000 منخرط سنة 2010 أي تضاعف ب10 مرات في الغرفة التجارية للعاصمة انطلقنا سنة 2006 ب200 منخرط يدفعون الاشتراكات إلى 2000 منخرط مع نهاية العهدة الحالية يتضاعف 10 مرات، كما سعيت إلى استرجاع مصداقية الغرف وتكريس دورها كهمزة وصل بين المتعاملين الاقتصاديين والسلطات العمومية. ولعل الهدف الأهم الذي تم تسطيره والذي يمكنني القول إننا نجحنا فيه لحد بعيد هو ترويج وتسويق صورة الجزائر كسوق واعدة للاستثمار للمتعاملين العرب والأجانب من خلال المشاركات المنتظمة للغرفة الوطنية للتجارة والصناعة في عديد من اللقاءات سواء حكومية أو تلك التي تنظمها الغرف التجارية أو منظمات أجنبية تنشط في مجال الاتصال الاقتصادي. *ما هي نقاط القوة التي اعتمدتم عليها في الترويج لفرص الاستثمار في الجزائر؟ ركزنا على التعريف بالقوانين الجزائرية في مجال الاستثمار، إلى جانب التعريف بنقطة كانت مجهولة لدى الكثيرين وهي أن الجزائر الدولة الأولى في المحيط المتوسطي التي يدفع فيها أقل نسبة ضرائب على الأرباح، هذا المعطى لم يروج تماما في الماضي كما لم تروج معطيات أخرى على غرار أن الجزائر عبارة عن خزان لليد العاملة المؤهلة ذات التكلفة الضعيفة، كما لم تروج تكلفة الطاقة والمياه في الاقتصاد الجزائري، وهي أدنى قيمة في المحيط المتوسطي، فضلا عن إمكانيات النمو في الجزائر والمردودية العالية للمشاريع الاستثمارية في الجزائر، فلا يمكن تجاهل نقطة هامة وهي أن كل الشركات الأجنبية التي استثمرت في الجزائر حققت أرباحا وأرباحا كبيرة، ولا توجد أي شركة استثمرت في السوق الجزائرية وأفلست، وهذه نقطة مهمة بالنسبة للمستثمرين. *وفي المقابل ألم تؤثر الإجراءات الواردة في قانون المالية التكميلي لسنة 2009 المتعلقة بالاستثمار على جاذبية السوق الوطنية للمتعاملين الأجانب والمستثمرين؟ صحيح أن عدم الاستقرار التشريعي يسبب بعض المخاوف لأصحاب رؤوس المال ، وبالنسبة للجزائر ما حدث هو أن هناك تغيير لقواعد اللعبة من خلال قانون المالية التكميلي لسنة 2009 وتعليمات صدرت أواخر سنة 2008، فتغيير قواعد اللعبة دون إشارة مسبقة نتيجته أن المؤسسات التي كانت لها رغبة في الاستثمار إن لم تتراجع فهي على الأقل تتريث لتعيد حساباتها وتدرس الوضعية الجديدة، وأعتقد أن سنة 2009 تكون قد سجلت تراجعا في حجم الاستثمارات الأجنبية مقارنة مع الأرقام المسجلة سنة 2008 لكن الوضع سيتغير لاحقا بعد دراسة المعطيات الجديدة، لكن الإشكال في القوانين الجديدة من وجهة نظري يكمن في أن المؤسسات الأجنبية التي ترغب في الاستثمار في الجزائر لابد أن يكون لها نظير في الجزائر أي شريك جزائري مثلما ينص عليه القانون بنسبة أسهم تقدر ب 51 بالمائة. لكن السؤال المطروح حاليا هو هل توجد في الجزائر شركة خاصة لديها قدرة المشاركة في مشاريع كبرى يتجاوز رأسمالها 10 ملايين دولار على أقل تقدير وهل لدينا شركة يمكنها أن تجند 10 ملايين دولار للدخول في استثمارات مع شركات استثمارية كبرى، هو سؤال لابد من أن يطرح لأنه قد ينعكس سلبا على بعض الاستثمارات المقبلة في الجزائر، أتمنى أن يشارك القطاع الخاص مع القطاع العمومي في الاستثمارات المشتركة التي ستقام مستقبلا في الجزائر، لأنني أشك في قدرة القطاع الخاص على تمويل هذه المشاريع مع الشركاء الأجانب إذا لم يلجأ إلى الصندوق الوطني للاستثمار الذي لديه الآن في رأسماله 2 مليار دولار، في انتظار أن تتوضح الأمور بالنسبة لإجراءات الاستفادة من دعم هذا الصندوق وفيما إذا كان مفتوحا للشركات الخاصة أم لا، وما هي الشروط، لأن الشراكة بين المستثمرين الأجانب والقطاع العمومي قد لا يحبذها في كثير من الأحيان المستثمرين العرب والأجانب. لأنهم يفضلون الشراكة مع الخواص وليس مع القطاع العمومي بالنسبة لهم القطاع العمومي يتميز بالبيروقراطية وتسييره يخضع لقيود وردود فعله بطيئة نوعا ما مقارنة بالشريك من القطاع الخاص. *تشير الإحصائيات الأخيرة للديوان الوطني للإحصاء إلى تراجع معتبر في مخزون إنتاج المؤسسات الوطنية، وبالتالي مخزون الإنتاج الوطني بعض الخبراء ربط هذا التراجع بالإجراء الذي فرضته الحكومة والمتعلق بالقرض المستندي، ألا تعتقدون أن هذا الإجراء يهدد كثير مستقبل عديد من المؤسسات؟ أنتم تقولون القرض المستندي وأن أسميه الاعتماد البنكي، وبلغة الأرقام و بعد 6 أشهر تطبيق عدة متعاملين اشتكوا من نتائج هذا الإجراء لأنه بمثابة تجميد لأموال هذه المؤسسات لفتح الاعتمادات البنكبة وتراجع تعاملاتهم بنسبة تصل إلى حوالي 30 بالمائة، أرجو أن يكون هناك نقاش مع المتعاملين الاقتصاديين للوصول إلى حلول ترضي الطرفين لأنه لا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة ، أنا أتفهم انشغالات الحكومة التي تهدف إلى تقليص فاتورة الاستيراد كما أتفهم انشغالات المتعاملين التي سجلت تراجعا لإنتاجها والأمر بحاجة إلى تفاوض بين الطرفين. *ما هو دور الباترونا في هذا المسألة؟ للأمانة النقاش فتح بعد لقاء الثلاثية والباترونا تمثل كل المؤسسات التي كانت موجود في الثلاثية إضافة إلى منتدى رؤساء المؤسسات، بينما الغرفة التجارية والصناعية هي مؤسسة عمومية وليست نقابة، المشكل مطروح بين الطرفين، الحكومة وممثلي المؤسسات الإقتصادية وقد نصبت أفواج عمل لهذا الغرض ونتمنى أن تسفر عن نتائج قريبا وان يستثنى على الأقل المؤسسات الإنتاجية من هذا الإجراء. *هناك عديد من الانتقادات وجهت مؤخرا لانضمام الجزائر إلى المنطقة العربية للتبادل الحر؟ لكن السؤال المطروح أيضا هل خسرت الجزائر جراء هذا الانضمام؟ المنطقة العربية الحرة لها مزايا تماما كما لها نقائص، وأهم السلبيات أن السلع العربية تدخل إلى السوق الوطنية دون رسوم جمركية ويمكنها أن تنافس المنتج الوطني، وأشير هنا إلى تزايد قيمة الاستيراد من الدول العربية حيث تشير الأرقام إلى أننا انتقلنا من 800 مليون دولار سنة 2008 إلى مليار و600 مليون دولار سنة 2009، كما أشير في المقابل على سبيل المثال إلى أن الإحصائيات الرسمية السورية تؤكد أن التصدير السوري إلى الجزائر يقدر ب 330 مليون دولار سنة 2008، بينما الإحصائيات الجزائرية المستقاة من الجمارك الوطنية تشير إلى أن الصادرات السورية التي دخلت إلى الجزائر لا تتجاوز 30 مليون دولار أي أن هناك 300 مليون دولار دخلت الجزائر عن طريق التهريب والتحايل وعدم التصريح بالقيمة الحقيقية للسلع، هذا بالنسبة إلى سوريا والأكيد أن الوضع نفسه بالنسبة للاستيراد من الأردن ومن مصر وبقية الدول العربية وبالتالي فإن الانضمام إلى هذه المنطقة سيقلص هذا التحايل. *في سياق متصل وجهت انتقادات للجزائر بسبب قرار إدراج عدد من السلع العربية في قائمة السلع غير المعفية من الرسوم الجمركية وحملت بعض الدول هذا الانشغال إلى طاولة الجامعة العربية، هل تعتقدون بجدوى هكذا قرار لحماية الاقتصاد الوطني؟ هو قرار سيادي ومن حق كل دولة أن تحافظ على مصالحها ولحماية بعض الصناعات الوطنية اتخذت الحكومة هذا القرار، لكن لا يجب أن ننسى أن الاتفاقية المبرمة مع الجامعة العربية لا تسمح بأن يمتد هذا القرار لأزيد من 3 سنوات ونتمنى خلال هذه الفترة أن تقوم الجزائر بإجراءات تمكنها من دعم القطاع الإنتاجي في الجزائر، لأن هذا القطاع هو الذي يخلق الثروة ويخلق مناصب الشغل، وهو بحاجة إلى دعم مالي من طرف خزينة الحكومة لتأهيل الآلة الإنتاجية وجعل الإنتاج بمواصفات عالمية، ونحن نناضل من أجل الإعفاء الجمركي للقطاع الإنتاجي أو تقليص الضريبة إلى أقصى درجة وهي 10 بالمائة، وكذا تخفيف العبء الجبائي على المؤسسات الجزائرية حتى تصبح في مستوى منافسة المؤسسات العربية والإفريقية والأوروبية، فالمؤسسة الصغيرة لا يمكنها أن تكون في مستوى المنافسة إن لم يكن لديها خزان مالي خاصة وأن المؤسسات الجزائرية عانت كثيرا من النظام الاشتراكي فثقل الضرائب لم يكن ليسمح لها بأن تكون لها سيولة مالية. *لو تحدثنا عن العلاقات التجارية الجزائرية المصرية التي أثارت جدلا إعلاميا مؤخرا على خلفية الأحداث التي رافقت المباريات الكروية التي جمعت منتخبي البلدين، في تقييمكم لهذه العلاقات، من مستفيد من من؟ الخاسر الأكبر من تعليق اتفاقية الشراكة مع المنطقة العربية هو مصر ، لأن أكبر مصدر عربي للجزائر هي مصر، كما أنها الخاسر الأول من عدم الإعفاء الجمركي لبعض السلع العربية الذي بادرت به الجزائر، لأن أغلب السلع في القائمة الآنفة الذكر هي سلع مصرية، والقرار المتخذ من قبل الحكومة لم يكن موجها ضد مصر بالذات بل كان موجها لحماية بعض المنتجات الوطنية، باعتبار أن الحكومة تعالت عن ما حدث في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم بين البلدين وكذا في نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة اليد، وحتى قضية مطالبة شركة أوراسكوم بالضرائب المتأخرة عليها والتي اعتبرتها الأطراف المصرية استهداف للشركة على خلفية الخلاف الكروي، قضية عادية وليست كما صورها الطرف المصري لأن التحقيق الجبائي كان في أوت 2008 أي قبل سنة تقريبا والإخطار جاء سنة 2009 ولا علاقة لها بمقابلة كرة القدم بل إن الحديث عن تصفية حسابات مجرد دعايات مصرية لا أساس لها من الصحة، فضلا عن أن مصالح الضرائب وحرصا على سمعة الشركة في السوق لم تصرح بالمشاكل التي تواجهها أوراسكوم والضرائب المتأخرة عليها والتي لم تسددها بل الشركة هي التي أعلنتها وسعت إلى التشهير وإعطاء الصبغة السياسية على القضية. وعليه فالمؤكد والذي لا يختلف حوله اثنان أن مصر أكبر مستفيد من السوق الجزائرية في التصدير وكذا بالنسبة للاستثمارات لأنها أكبر مستثمر في الجزائر خارج قطاع المحروقات. * لكن هناك حديث مؤخرا عن إمكانية مغادرة أوراسكوم للجزائر وأنها تسعى لبيع فرعها؟ لا أعتقد أن هناك عاقل لديه رغبة في التخلي عن سوق واعد مثل الجزائر، في رأيي لا أعتقد أن أوراسكوم يمكنها التخلي طوعا عن السوق الجزائرية، إلا إذا اضطرت لأسباب مالية بيع فرعها في الجزائر لأن السوق يوفر لها مداخيل كبرى تصل إلى 600 مليون دولار سنويا، حتى قناة السويس لا توفر لمصر هذه المداخيل. *ألا تعتقدون أن فضائح الفساد التي عرفتها بعض القطاعات مؤخرا من شأنها التأثير على سمعة الاستثمار في الجزائر ؟ أنا أرد على السؤال بالقول هل مست هذه القضايا أو الفضائح كما تسمونها مصالح أي مؤسسة أجنبية أو استثمارات أجنبية، هي قضية جزائرية وشأن داخلي بحت ولا دخل لأي كان فيها ولا يمكنها التأثير على سمعة الاستثمار في الجزائر.