تشن وسائل الإعلام الفرنسية في الفترة الراهنة حملة واسعة ضد الجزائر من خلال إثارتها لقضية مقتل رهبان تبحرين، محملة السلطات العسكرية بالجزائر مسؤولية ما حدث، شريط مصور وفيلم سينمائي في المقدمة من أجل تعبئة الرأي العام الفرنسي سيتم عرضها قريبا، يحدث هذا في القوت الذي تشير فيه عديد المعطيات إلى سعي الإليزيه بكل الوسائل لدفع العلاقات الثنائية المتعثرة بين البلدين والتي أصبحت مرتبطة بعديد الملفات العالقة. لا تزال وسائل الإعلام الفرنسية تشن حملتها القذرة على الجزائر من خلال إثارة قضية اغتيال الرهبان السبعة بمنطقة تبحرين بالمدية في سنة 1996، حيث ستقوم قناة »كنال بلوس« بعرض فيلم وثائقي حول الواقعة متبنية بذلك طرح يحمّل السلطات الجزائرية وفي مقدمتها الجيش الجزائري مسؤولية ما حدث، ويضاف إلى هذا العرض إلى تصوير فيلم حول حادثة تبحرين من إخراج »كزافييه بوفوا« والذي تم تصويره بالمغرب ويحمل عنوان »رجال وأرباب«، هذا الفيلم سيعرض بدوره الشهر المقبل في مهرجان كان الدولي للسينما. وبالرغم من تنصل السلطات الفرنسية لمثل هذه الممارسات باعتبار أنها دليل على حرية التعبير وأنها أراء خاصة بوسائل الإعلام، إلا أن وسائل الإعلام الفرنسية تدافع بشكل مباشر عن الفرضية القائمة على تصريحات الجنرال المتقاعد بوشوالتر التي أدلى بها إلى العدالة الفرنسية في شهر جوان الفارط، عندما قال إن مذبحة رهبان تبحرين كانت خطأ من الجيش الجزائري، وهذا ما يؤكد أنها مجندة من طرف السلطات نفسها التي تريد أن تورط الجزائر في مقتل الرهبان. وكانت الإدارة الفرنسية قد عادت إلى النبش في قضية اغتيال رهبان تبحرين بولاية المدية، حيث أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، عن أمله في أن تواصل العدالة مهمة التحقيق في قضية اغتيال الرهبان وأن تصل بهذه المهمة إلى نهايتها. تصريحات نيكولا ساركوزي حول القضية والتي تضاف إلى عديد القضايا العالقة بين البلدين ومنها ملف الدبلوماسي محمد زيان حسني الذي لا يزال يقبع بباريس تحت الإقامة الجبرية بالرغم من التماس النيابة العامة الفرنسية انتفاء وجه الدعوى ضده، لم تكن إلا لتزيد توترا في العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا التي تبقى متعثرة منذ أشهر. وأمام هذه المعطيات لا تزال الكثير من المسائل عالقة بين الجزائر وباريس، سيما ما تعلق منها بالماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر، إذ تطالب الجزائر بحتمية الاعتراف بالجرائم الاستعمارية، في حين تصر الإدارة الفرنسية على مواصلة سياسة الهروب إلى الأمام متجاهلة القوانين والأعراف الدولية، يضاف إلى ذلك التعامل الانتقائي في قضية التعويضات التي أقرتها حكومة باريس، فيما يتعلق بضحايا التجارب النووية بجنوب البلاد، مقارنة بنظرائهم في جزيرة بولينيزيا التي لا زالت تحت السيطرة الفرنسية.