شدّد أستاذ العلوم السياسية، الدكتور محمد سليم قلالة على ضرورة تكوين جيل من الباحثين في مجال الاستشراف، مشيرا إلى أنه من المواضيع الجوهرية التي تعنى بحل المشكلات المستقبلية المركبة، وقال إنه لا يمثل ضرورة للشركات والمؤسسات الاقتصادية فقط، لكنه ضرورة لبناء الفرد والمجتمع وتطورهما في شتى القطاعات الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية والعلمية. لدى استضافته أمس، بمركز الشعب للدراسات الإستراتيجية، تطرق الأستناد سليم قلالة إلى الاستشراف في الجزائر، والذي اعتبره من المواضيع الجوهرية والإستراتجية التي تبنى عليها ركائز المجتمع، لما له من رؤية مستقبلية بعيدة المدى هدفها حل المشكلات المعقدة، مشيرا إلى أن هذا التخصص يكاد يكون مغيبا في المجتمعات النامية، وفي هذا الخصوص ألح الأستاذ على ضرورة التفكير في فتح مجال التكوين في هذا النوع من العلوم على مستوى الجامعات وعدم حصرها في مراكز البحث فقط. ولدى شرحه موضوع الاستشراف، أشار قلالة إلى أنه يتم عبر ثلاثة طرق رئيسية هي حل مشكلة الاستباق، كما أنه يتم عبر صياغة رؤية واضحة المعالم، بالإضافة إلى اعتماده على مشاريع ديناميكية ضد العشوائية والاستسلام لمقتضيات الواقع، وهو في جوهره مجموعة البحوث المتعلق بالتطور المستقبلي للدولة بجميع أركانها، مما يسمح باستخلاص طرق حل المشكلات، ومحاولة الغوص في غياهب المستقبل بهدف التعامل معه بموضوعية، وذلك بهدف مسايرة الجديد، ومعايشة المستجدات، ومراجعة الأطر التي تحكم الواقع لاستنباط آليات التعامل مع الوقائع، ومن ثمة تصبح مشكلاتنا ذات الطابع المركب قابلة للحل، » أصبحنا عاجزين عن مشكل السكن والبطالة لأننا نواجهها بطريقة عشوائية ولا تأخذ بعين الاعتبار ماذا سيقع« يقول قلالة. من جانب آخر ذكر قلالة بالإرهاصات الأولى للاستشراف في الجزائر وقال في ذات الخصوص، بأن أول تجربة للجزائر في مجال الاستشراف كانت في سنة 1992 حيث أشرف المرحوم الجيلالي اليابس على مشروع » الجزائر 2005 «، وكان ذلك تحت إشراف المعهد الوطني للدراسات الشاملة، غير أن اغتيال الجيلالي اليابس أوقف المشروع، ليعاد بعثه في سنة 1995 وسمي ب »الجزائر 2010« إلا ان المشروع توقف من جديد، بسبب عدم الاطلاع على تحليل دقيق للاستشراف. وفي ذات الإطار، شدّد قلالة على أهمية تكوين جيل من الباحثين في مجال الاستشراف، معتبرا أن تغييبه يؤدي إلى الوقوع في أزمات متعددة الأبعاد، مما يدفع بدوائر القرار إلى التحرك في إطار استعجالي، في ظل قلة أو غياب الخيارات المطروحة، مع إجبارية مواكبة التغيرات الحاصلة أيا كانت النتائج، وهو ما يجعل هذه الأطراف تعيش ضمن رد الفعل. من جانبه، انتقد الخبير الاستراتيجي عبد المالك سراي، غياب نظرة جيو إستراتيجية مستقبلية في مختلف القطاعات ويتم مناقشتها على مستوى الغرفتين العليا والسفلى، معتبرا أن المثقفين وأصحاب القرار مطالبون بتبني نقاش جاد فيما يتعلق بالاستشراف، من اجل وضع خطة مستقبلية وبعيدة المدى، تخص جميع القطاعات، وذلك بهدف النهوض بتنمية وطنية شاملة، ومواجهة مختلف التهديدات والمخاطر المحتملة التي يمكن أن تتعرض لها البلاد على قرار قضية المياه.