قال جعفر قاسم مخرج الكاميرا الخفية » واش أداني« أن نجاحه مرتبط برضا الجمهور الجزائري، وقد إستطاع قاسم التفنن في إزالة اللثام لمعرفة مدى طيبة الشخصيات السياسية من خلال وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم الذي أبلى بلاءا حسنا في إجاباته أثناء استجوابه من طرف حكيم زلوم، وفي هذا الحوار الذي جمعه ب»صوت الأحرار«، كشف أحد المخرجين المتميزين والمتمكنين جعفر قاسم عن آخر مشاريعه السينمائية والتلفزيونية على غرار الفيلم التاريخي » العقيد لطفي«. حاورته: عائشة قحام * رغم أن سلسلة الكاميرا المخفية » واش أداني« لم تنته بعد إلاّ أنّها تلقى مُشاهدة جماهرية كبيرة، ما سر هذا النجاح؟ ** سر النجاح فهي كلمة كبيرة ، لا أستطيع الحكم عن العمل الذي أقوم به وأفضل أن يكون الجمهور الجزائري صاحب القرار، وأنا أحترمه، وأصدقٌكم القول أنني أتمنى نجاحها خصوصا وأن السلسلة متواصلة طيلة شهر رمضان، رغم أن عملية التركيب لازالت مستمرة الى غاية اليوم، لأعرف بذلك ردة الشارع الجزائري وأنا أحاول أن أقدم له أفضل المقالب الخفية، لتنال »واش أداني« النجاح المطلوب، كما أني على دراية أن هناك بعض المواقف لم تنل رضى المشاهد ولم تبلغ ذوقه، وفيما يتعلق باللقطات الناجاحة تكمن بالدرجة الأولى في ردة فعل الضحية وهذا ما ظهر لدى البعض من الممثلين الذين حضرنا لهم المقلب، فالممثلة عتيقة أثّرت في المشاهد بطيبة قلبهاوصفاء نيتها ونفس الشيئ بالنسبة للمدرب الوطني رابح سعدان الذي ظهر بحالة صعُبَة على حكيم زلوم الإيقاع به رغم مُحاولاته العديدة للايقاع به وتنطيقه، وعليه النجاح مرتبط بردة فعل الضحية من خلال تميزها بنجاح والعكس صحيح ومنطقي. * معروف أن المشاهد الجزائري يصعُب إرضاءه، ألم يكن جعفر قاسم خائفا من ردة الفعل لخوضك هذه التجرية؟. ** أكيد، فكلما أشرع في عمل ما يرتابني الخوف، فهو بمثابة الإمتحان فيه الرسوب أوالنجاح. قبل تصوير السلسلة فكرت في القيام بعمل مختلف لأنه من الخطئ إيقاع الفنان في مقلب فكاهي من أجل إيذاءه عن طريق كشف ميزاجه وشخصيته الحقيقية ولكن فكرت في شيئ إيجابي لا يبتعد عن الفكاهة كي لا نهينه والإنقاص من قيمته، كما أردت أن أعيش مع الفنان من خلال مشاكله قصد الإقتراب منه أكثر. وأمّا الكاميرا الخفية »واش أداني« تُعد من أصعب الأعمال التي قدمتها لحد الآن، مُعتمدا على تقنيات صعبة شملت أجهزة عديدة ومختلفة عن طريق إخفاء الوسائل، ووصل الأمر بنا أن قمنا بصناعة صناديق صغيرة أخفينا فيها المصورين والكاميرات دون أن يُكتشف أمرنا. وبالنسبة لي تطلب مني الأمر في بعض الأحيان الإختباء لأتتبع بدقة ردة فعل الضحية وأطلب في كل مرة من المصوريين التركيز على جهة مُعينة دون إهمال الصوت بطريقة سرية ودقيقة. *على أي أساس تم إنتقاؤك للممثلين أو الضحايا إن صحّ التعبير؟ ** الكاميرا الخفية تعد ثاني تجربة لي في »واش أداني « وكان من السهل إيقاع أشخاص عاديين ولكن لإدراكي مدى إهتمام المشاهد الجزائري بمعرفة أخبار ممثليهم وفنانيهم عن قرب إخترت بعض الوجوه حسب إنتمائها الفني كحسيبة عبد الرؤوف وبسام الذي وضع في مقلب صعب خصوصا بعد تصديقه أنه بين أحضان العائلة الإيطالية المعروفة ب» المافيا«. واشير عنونت السلسلة ب»واش أداني« مستمدا إياها من قول بسام »وين راني«، وقد إعتمدت كذلك على شهرة بعض الرياضيين كرابح سعدان وعنتر يحي، وتعمدت إختيار البعض كهشام مصباح، نوال زعتر، عتيقة وغيرهم. وأمّا عن الفنانة حسيبة عبد الرؤوف وأسماء جرمون فكان المقلب كله مدبرا سواء مكان الحفل أوالمدعويين المزيفين وحتى حلوة العرس شاركت في »واش أداني«. * من هي الشخصيات التي أخفق جعفر قاسم في الإيقاع بها؟ ** كنت أود الإطاحة في شباك »واش أداني« الفنان بعزيز ولكن للأسف لم أستطع ذلك كونه يتصف بخفة الظل، مما صعب ذلك علي رغم تزويدي بمعلومات عنه من طرف عائلته، إضافة إلى الممثل القدير سيد أحمد أقومى، والممثلة فريدة كريم »خالتي بوعلام«، أمّا فيما يتعلق بالممثلة مليكة بلباي فرفضت عرض حلقتها الخاصة، وأنا أحترم كل فنان. * كما أنك حاولت نصب مقلب لشخصيات سياسية لها وزن بالساحة كوزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم، بطريقة لطيفة وجميلة؟ ** بالمناسبة أُحييه، ومن خلال وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم كشفت أن السياسيين الجزائريين طيّبون وعاديون حيث كانت حلقته ضمن الكاميرا الخفية »واش أداني« من خلال أسئلة متميزة تُبين لطفه وهدوءه رغم أنه سياسي و أظهر حب التقرب من الجمهور الجزائري، كما حاولنا كسب إحترامه وبالفعل كسبنا ذلك من خلال أجوبته اللّبقة. * كيف تم إختيارك لمنشط السلسلة حكيم زلوم خصوصا وأنك إستعملت طريقة جديدة في حلقات السلسلة ؟ ** سبق لي وتعاملت معه في سيتكوم » الجمعي« تقمص شخصية »معمر« بنجاح، وكان بذلك إكتشافي له، حيث له إمكانيات عالية في المجال الفكاهي، مما جعلني أفكر العمل معه ثانية وبمجرد أن وافق التلفزيون الجزائري على مشروع الكاميرا الخفية،عرضت عليه الفكرة، فكان موضع ثقتي كما أنه تحمل مسؤولية مواجهة الضحايا للإيقاع بهم مهما كانت الظروف، وقد نجح في تقمص العديد من الشخصيات، والمحافظة على السيناريو، وبما أن جميع الإحتمالات كانت موجودة فحكيم زلوم استطاع التأقلم مع جميعها في مقالبه الخفية، وأما عن التنشيط فضلت تغيير وخلق جوا من البهجة والفرجة لشرح بعض المواقف الطريفة ليستمتع بها المشاهد الجزائري. * نعلم أنك منشغل كثيرا بعملية التركيب لحد اليوم ما سبب التأخير؟ ** كما سبق وذكرت الكاميرا الخفية لم أمنحها حقها اللازم في البداية حيث لم أتصور صعوبتها، وبصراحة قللت من شأنها، ولكن بعد موافقة التلفزة الجزائرية عن المشروع بدأت في التصوير، ولكن أثناء المونديال توقفنا عن العمل لأن الجميع كان منشغلا بكأس العالم،ولكن فيما بعد تداركنا الأمر، وواصلنا تصوير المقالب الفكاهية فمعظم الحلقات جاهزة إلاّ البعض منها. * تتميز أعمالك الدرامية بالجدّية والنوعية، على غرار موعد مع القدر ، لماذا لم نشاهد جعفر قاسم في عمل درامي آخر هذا الموسم؟ ** يُقاطعني، عليا أن أوضح شيئا، فالتلفزيون الجزائري يقدم فرص العمل لكل المنتجين بهدف تقديم عمل جاد و ناجح، فلا يجب أن نضع على عاتق التلفزيون الجزائري رداءة العمل، لأن المسؤولية تقع كذلك على المنتجين فلجنة القراءة الموجودة بالتلفزيون الجزائري تعطي الموافقة على الأعمال، وبالتالي على المنتج تحمل مسؤولية نجاحه أو فشله، لكن للأسف في كثير من الأحيان نجد أعمال دون المستوى المطلوب، وهذا راجع كذلك إلى نقص الكتابة النصية أو السيناريو الذي يفتقد للإبداع الفني، كما أن التلفزيون الجزائري ومنذ عهد مديره السابق حمراوى حبيب شوقي إلى اليوم يتبع سياسة الإنتاج التنفيذي والذي تعمل به جميع القنوات العربية والعالمية، وهذا يدعوا للعمل أكثر وهو بمثابة نافذة نطل بها على المشاهد الجزائري قصد نيل رضاه، حيث أحرص على ذلك. * نتأسف حين نرى بالساحة العربية أعمال ضخمة، على غرار الأعمال السورية، ومؤخرا أصبحت هناك أعمال تونسية ومغربية تلقي المشاهدة والإهتمام، ولكن نحن مازلنا نشهد العثرات. هل في رأيك السبب يعود إلى أننا نفتقد لكتاب سيناريوهات؟ ** بصراحة مع إحترامي للبعض، ليس لدينا كتاب نصوص، إلاّ عدد قليل يعد على الأصابع، والمشكلة في الجزائر أصبحت أزمة سينمائية تلفزيونية، بسبب ضعف النصوص، كما أننا نفتقد للعديد من الأمور كمداراء تصوير أكفاء، ومهندسي صوت موهوبين، فأنا خريج معهد التلفزيون الجزائري في سنوات التسعينيات وكانت تميزه جودة الأعمال في تلك الفترة، أمّا اليوم للأسف نفتقد لذلك، فتجربيتي ببلاد الغربة قرابة 15 سنة حاولت بها قدر الإمكان أن أمثل بلدي أحسن تمثيل من خلال ثقافتي الجزائرية والأمازيغية وكعربي مسلم، لذلك تعلمت الكثير، وأحاول تمرير رسائل هادفة عن طريق الجدية والمثابرة، فمن خلال سيتكوم» الجمعي« حاولت تكوين أسرة جزائرية محافظة يسودها الحوار والتفاهم والأمان. * ماهي مشاريع جعفر قاسم بعد الكاميرا الخفية ؟ ** مؤخرا أصبح لي اهتمام كبير بإنجاز الأعمال الدرامية لأنها مرتبطة بالمشاهد الجزائري الذي لا يجب إهماله، ولكي لا يعزف على مشاهدة قنواتنا خصوصا والزخم الكبير الذي تشهده الفضائيات العربية. علينا أن نمتلك حبه وثقته لنقدم له أعمالا جزائرية تتماشي ظروفه الحيواتية، بشرط أن يكون النص يستحق التصوير والمشاهدة، لأن الكتابة الصحيحة تحتاج لوقت طويل أكثر من عملية التصوير، فإذا كان السيناريو ناجحا فبدون شك أن العمل سيكون كذلك ولإنجاح العمل يقتضي القيام بجلسات بين المخرج وكاتب النص إضافة إلى منح فرصة للكتاب الشباب من أجل إتقان أدائهم، فأنا بصدد تقديم دراما ضخمة تحمل ثلاثة أجزاء وكل جزء منه 30 حلقة وهو عبارة عن ملحمة لحياة عائلة جزائرية منذ سنة 1904 تروى قصة فتاة جزائرية تمثل الجزائر من خلال ما عانته منذ نهاية عهد الأتراك إلى الإحتلال الفرنسي للجزائر، كما تتضمن معارك وما تبعها من أجل نيل الإستقلال والحرية كما أتطرق للعشرية السوداء التي عانينا منها إلى أن تكبر الفتاة وتصبح عجوزا، لم أختر الممثلين بعد لأن النص لم يكتمل فالعمل من تأليف الكاتب أحمد رزاق الذي يجتهد فيه، وأفكر في القيام بتصوير مسلسل »موعد مع القدر« الجزء الثاني، و لي مشروع سينمائي آخر مع الكاتب والمنتج صادق بخوش والذي أتشرف بالعمل معه من خلال الفيلم التاريخي» العقيد لطفي« كأحد رموز المقاومة الجزائرية، حيث عن قريب جدا أبدأ التصوير فيه، وأرجو أن أكون عند حسن ظنه. * ماذا يشاهد جعفر قاسم في البرامج الرمضانية؟ ** لإنشغالي الكبير بتركيب السلسلة الكاميرا الخفية »واش أداني« لا يتسنى لي الوقت ، ولكن تتبعت البعض منها كمسلسل » ذاكرة الجسد«. * حسب رأيك هل قدم المسلسل »ذاكرة الجسد« الصورة المرغوب فيها؟ ** بالنسبة لي الضجة الإشهارية للمسلسل كانت أكثر مما شاهدناه،حيث لم يرق لمستوى الدعايا الإعلامية التي خصصت له، فالمشاهد يشعر وكأنه يقرأ الرواية على طريقة تصفح الأحداث، فكاتبة السيناريو ريم حنة لم تقدم عملا نصيا جيدا بقدر ما تألقت الروائية الكبيرة أحلام مستغانمى، فتميز المسلسل بطول لقطاته وتكرار بعض المشاهد والتي كان من المفروض تجنبها لعدم الوقوع في الخطئ ومع احترامي للممثلة الجزائرية أمال بوشوشة وأحلام مستغانمي اللتان مثلتا الجزائر، إلا أن بقية الممثلين العرب لم يقدموا عملا جيدا مثلما كان متوقعا منهم، أما بقية البرامج لحد اليوم لا أستطيع الحكم عليها لأنها تميزت بقصر حلقاتها. * هناك فنانون شباب موهوبين فمن يفضل جعفر قاسم العمل معهم في المستقبل؟ مصطفي العريبي ** من هو الممثل الذي يرتاح له جعفر قاسم عندما يعمل معه؟* ** صالح أقروت لأنه بالنسبة لي أحسن ممثل، يعيش أدواره بتميز صادق كما يقدم دوره على أكمل وجه. * ومن الفنانين الكبار الذين يستمتع جعفر بمشاهدتهم أو العمل معهم؟ ** الممثل القدير العربي زكال، وسيد على كويرات، سيد أحمد أقومي، إضافة إلى الممثلة القديرة بهية راشدي وفريدة صابونجي. ** أتمني أن تنال الكاميرا الخفية » واش أداني« رضا المشاهد الجزائري، كما أعده بأعمال مميزة تليق به، ونجاحي مرتبط برضى الجمهور عني وبالتالي لن أخيّب أماله لثقته بشخصي.