اعتبر محمد الشريف عباس وزير المجاهدين، أمس، تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، مؤشرا يدل على نضج سياسي، ووعي نضالي جدير بالتفكير والدراسة، وقال الوزير أن ذكرى تأسيس هذه الحكومة تعتبر »مناسبة مشهودة«، حيث استطاعت تجاوز المناورة الاستعمارية، وأجهضت كل الأحلام الفرنسية التي كانت ترغب في تسيير الثورة الجزائرية وفق استراتيجية تخدم مصالحها. قال وزير المجاهدين محمد الشريف عباس في كلمة ألقاها، بمناسبة الندوة الوطنية حول المرحوم فرحات عباس، أول رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، التي تحتفل الجزائر بالذكرى ال 52 لتأسيسها »نقف اليوم أمام لحظة تاريخية يميزها نضج سياسي ووعي نضالي جدير بالدراسة، وهو تاريخ تأسيس الحكومة المؤقتة التي استطاعت فرض نفسها في كل المحافل الدولية«، وأضاف قائلا »إعلان الحكومة المؤقتة دليل على استمرارية المنهجية الثورية التي سطرت في بيان نوفمبر«. واعتبر محمد الشرف عباس في كلمته التي ألقاها على مسمع عدد كبير من أعضاء الأسرة الثورية بفندق الجيش ببني مسوس »إن تاريخ الجزائر كتاب مفتوح مليء بالمحطات التي صنعها رجال ونساء أضحوا جزءا من هذا التاريخ ببطولاتهم وتضحياتهم من أجل استقلال الجزائر« وقال الوزير أن »التأسيس لأي عمل ناجح يتطلب قيام مؤسسات قوية مثلما قامت الحكومة المؤقتة«. وقال الشريف عباس »إن تأسيس الحكومة المؤقتة يعد تأكيدا لما أقره مؤتمر الصومام المنعقد في 20 أوت 1956، والذي دعا إلى إنشاء مؤسسات سياسية وعسكرية، تدير الكفاح المسح، وتنظم العمل النضالي الذي يهدف إلى استرجاع السيادة الوطنية، كما أنها جاءت تجسيدا لقيم ومبادئ الثورة في بيانها الأول، داعيا إلى إبلائه الكثير من التفكير والدراسة«. وفي ظل ذلك الوضع الذي كانت تمر به الحركة الوطنية وجبهة التحرير الوطني »آلت الحكومة المؤقتة على نفسها مقارعة الدعاية الفرنسية ومقاطعة مناورات المستعمر من خلال إيجاد موضع لها في المنابر الدولية«، وحسب الوزير فإن الفضل في تدويل القضية الجزائرية يعود للحكومة المؤقتة، حيث أصبحت محل نقاش في مختلف المنابر الدولية، كما ساعدت على ظهور رجال محنكين سياسيين عملوا على إسماع صوت الجزائر عبر مختلف عواصم العالم. و في معرض حديثه أرجع الوزير »الفضل في النجاح الباهر الذي حققته الجمهورية الجزائرية، إلى أولئك الرجال الذين آمنوا باستقلال الجزائر«، ومن بين هؤلاء الرجال ذكر الوزير، بالرئيس الأول للحكومة المؤقتة فرحات عباس، الذي »على الرغم عما يقال عن مواقفه الأولى، إلا أن سؤاله الوحيد بقي يتمحور عن كيفية الوصول إلى حال أفضل، وما هي الأطر الكفيلة للوصول إلى ذلك«. وخلال عرضه لمسار الرجل النضالي، اعتبر الوزير أن المجاهد فرحات عباس »يمثل صفحة من مسار الحركة الوطنية»، حيث استعاد بعد تغير فكره ونظرته للاستعمار الحس الوطني من خلال نضاله ودفاعه عن مقومات الأمة، »واستفاق من الحلم الذي كان يراوده الذي ما كان ليبقى أمام الأكاذيب والوعود الزائفة الفرنسية« وبالتالي كان التحاقه بالثورة وحله للحزب الذي أسسه بمثابة الضربة القاضية للدبلوماسية الفرنسية، التي راهنت على مؤيديه الذين كانت تسميهم »المعتدلين«.