بالنسبة لكثير من المتتبعين للشأن الجزائري، فإن « رضا مالك « أصبح جزء من « الماضي التعيس « للجزائر في سنوات التسعينيات، فعندما كان رئيسا للحكومة ، كان واحدا من السياسيين الذين جلسوا خلف قوات الجيش والأمن وهم يحاربون الإرهاب، إنه كان واحدا من أبرز الوجوه الرافضة لمنح أي فرصة للحلول السياسية للأزمة الجزائرية، في وقت كانت شريحة سياسية هامة تطالب باستعمال الحلول السياسية، وفي أسوأ الأحوال « المزاوجة بين الحل السياسي والحل الأمني « ، لكن في عهد رضا مالك تغلبت سياسة محددة مضادة ل « المصالحة الوطنية « بلغة اليوم. ما كان يجب أن نعود للحديث عن رجل ، يعد جزء من الماضي التعيس ، وجزء من الأزمة ، لولا خروجه من دائرة الظل إلى دائرة الضوء من خلال الكتابات والتصريحات الأخيرة، ففي منتدى « الشروق اليومي « يقول رضا مالك أنه لولا سياسة الإستئصال لما بقي لأمثال أبو جرة سلطاني وجود. وتصريح كهذا يعني لمن لا يعرف رضا مالك ، أن الدولة الجزائرية انتهجت سياسة الإستئصال من « أجل أبو جرة سلطاني « أو حزبه الحالي « حركة مجتمع السلم ، وهذا يدين سياسة الإستئصال من أساسها. يريد السيد رضا مالك أن « يبيّض « تلك السياسة، رغم أنها هي التي أطالت عمر الأزمة ، ولو لم يكن كذلك فما هو الداعي الذي جعل الشعب الجزائري يمنح أصواته بقوة للرئيس بوتفليقة ؟ ويمنحه تزكية جديدة لقانون الوئام المدني في عام 2000، ثم يجدد له بقوة باهرة عام 2004 ؟ ويزكي ميثاق السلم والمصالحة عام 2005 ، ثم ينتخب عليه عام 2009 ؟ إن الإستقرار والراحة والسلم والأمن الذي ننعم فيه اليوم ، يعود لسياسة المصالحة الوطنية والوئام المدني ، فعندما وصل بوتفليقة إلى الحكم عام 1999 ، وجد المسؤولين في مأزق، وأستعير هنا كلاما للرئيس بوتفليقة: « وجدت الجماعة ماسكة على الجمر، فنزعت الجمر من يدها ووضعته في يدي «. لقد وقف كثير من السياسيين ضد سياسة رضا مالك، ولم يكونوا من الإسلاميين أصلا، بعضهم كان من التيار الوطني مثل عبد الحميد مهري أمين عام جبهة التحرير الوطني في عهد رضا مالك، وحسين آيت أحمد زعيم الأفافاس وهو حزب يساري – علماني أمازيغي ولويزة حنون رئيسة حزب العمال إلى وقتنا الحالي وهي تروتسكية التوجه، أي يسارية الإيديولوجيا. وهذا يعني أن الذين التفوا خلف سياسة المصالحة المسماة في وقت رضا مالك سياسة الحوار السياسي ، لم يكونوا من الإسلاميين، حتى لا يتهمون بالإرهاب، إنه كان موقفا سياسيا معارضا لسياسة معتمدة وبتلك الكيفية، بل إن بعض الإسلاميين، الخائفين من الفيس ، لأسباب حزبية محضة، أيدوا بشكل معروف سياسة الاستئصال. إن الأبطال الحقيقيين الذين أعادوا السلم والإستقرار، هم الرجال الذين حاربوا الارهاب من أبناء الجيش وقوات الأمن وهم منظروا السلم والمصالحة خاصة الذين كانوا داخل السلطة وعلى رأسهم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة.