ستكون الحكومة خلال الأشهر المقبلة أمام رهان صعب يتمثل في التجسيد الميداني وبشكل عاجل للقرارات التي خرج بها مجلس الوزراء، سيما ما تعلق منها بملفي التشغيل والسكن، باعتبارهما من بين أهم انشغالات المواطنين، ومن هذا المنطلق يُرتقب أن تشهد مختلف الوزارات، سيما منها المعنية مباشرة، حالة استنفار كُلي باعتبار أن الوضع الاجتماعي الحالي لا يحتمل تأجيل تنفيذ مثل هذه القرارات. اتفقت جل الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية على أن الإجراءات التي انتهى إليها مجلس الوزراء المجتمع أمس الأول برئاسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ذات أهمية معتبرة وغير مسبوقة سيما وأنها تأتي في ظرف حساس تمر به الجبهة الاجتماعية، وأمام هذه المواقف تكون الحكومة أمام رهان صعب يتمثل في مدى قدرتها على تجسيد هذه القرارات سواء من ناحية الآجال أو من ناحية احتواء الغضب الاجتماعي الذي زاد حدة منذ بداية شهر جانفي الماضي. ومعروف أن الجزائر لا تُعاني من مشكل اتخاذ القرارات بقدر ما تُعاني من مشكل التأخر الفاضح في تجسيدها ميدانيا وهو ما اتضح جليا من خلال المشاريع الكبرى التي شهدتها منذ سنة 2000 بداية من مشروع وكالة "عدل" الذي تضمن 55 ألف وحدة سكنية مرورا بالميترو والترامواي وكهربة السكك الحديدية وصولا إلى الطريق السيار شرق غرب وغيرها من المشاريع الخاصة بتوظيف الشباب..لذلك يُبدي بعض المتتبعين تخوفاتهم من عدم تمكن الحكومة من مسايرة القرارات النظرية في الميدان بالنظر إلى البيروقراطية التي لا تزال تمتاز بها الإدارة الجزائرية. ومن بين أهم الإجراءات التي أقرها مجلس الوزراء لصالح الجبهة الاجتماعية، تمديد عقود ما قبل التشغيل بالنسبة للجامعيين والتقنيين الساميين من سنة واحدة إلى 3 سنوات، مع تمديد عقود إدماج خريجي التكوين المهني لدى مؤسسات القطاع الاقتصادي لمدة 12 شهرا قابلة للتجديد وتخصيص 50 ألف وحدة سكنية اجتماعية إيجاريه للشباب من خلال البيع بالتقسيط وتوزيع السكنات الجاهزة قبل نهاية شهر جوان ومنح قرض ب50 مليون سنتيم بدون فائدة لإيجار المحلات بالنسبة للشباب الذين يستفيدون بقروض مُصغرة، إضافة إلى التكفل بكافة انشغالات خريجي مؤسسات التعليم العالي من النظام القديم، بما فيهم طلبة المدارس العليا الذين استفادوا بإعادة الاعتبار للتصنيف الخاص لشهادة »مهندس دولة«..وهي كلها إجراءات ستُهدئ دون شك من حالة »التذمر والقنوط« الذي عانت منه منذ مدة الفئات المعنية بهذه الإجراءات. وأمام هذه المستجدات يُرتقب أن تشهد جل الوزارات سيما تلك المعنية مباشرة بتطبيق هذه القرارات حالة استنفار كُلي باعتبارها ستكون مُطالبة بالنتائج بعد فترة مُحددة، أي بعد خمسة أشهر وبالضبط خلال شهر رمضان المُعظم المقبل، باعتبار أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اعتاد خلال السنوات الأخيرة على عقد جلسات التقييم القطاعية، مع العلم أن العديد من الوزارات كانت عاشت نفس الحالة منذ اجتماع مجلس الوزراء الأخير الذي عُقد بتاريخ 3 فيفري الجاري سيما بعدما اتسعت رقعة الاحتجاجات إلى قطاعات هامة شملت الجماعات المحلية، العمل، السكن، الصحة العمومية، التعليم العالي، التربية الوطنية وغيرها، ولا يُستبعد حسب بعض الملاحظين أن يكون للقرارات الجديدة صدى إيجابي لدى المواطنين خصوصا فئة الشباب سيما إذا نجحت الحكومة في تجسيدها في أقرب الآجال.