أجمع ،أمس، المشاركون في الملتقى الوطني حول فكر الدكتورعبد الله شريط بجامعة بوزريعة ،على حنكة الرجل الذي جمع بين المشارب المعرفيّة وبين حداثة الفكر، حيث اختار النضال الفكري والمعرفي منذ شبابه ليدافع عن القضية الجزائرية بقلمه. ليصنف في طينة المثقفين المجددين والملتزمين المتشبعين بمبادئ الإصلاح الديني والفكر التحرير الوطني وفيلسوف بلغة الأدباء. تميزت أشغال الملتقى الوطني »فكر الدكتور عبد الله شريط« بجامعة بوزريعة ،بمشاركة العديد من الوجوه السياسية و الثقافية الجزائرية على غرار،عبد الحميد مهري، لمين بشيشي،وأمين الزاوي، ممن عرفوا المفكر والفيلسوف الراحل عبد الله شريط عن قرب، للوقوف عند فكر وشخصية –ابن خلدون الجزائر- ، كونه مناضلاً مخلصًا وأستاذا تخرج على يده العديد من كوادر البلد. هو الذي زهد في المناصب الإدارية ولم تبهره بهرجة المسؤولية، بل إختارأن يكون قريبا من طلبته، يلقن ويوجه ويكتب المقالات، ينشر في الصحف، وينجز التآلف، ويكفيه فخرا أن أنجز موسوعة كاملة عن الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية في عدة أجزاء، تفضلت وزارة المجاهدين بطبعها. وعرف اليوم الأول من الملتقى، الذي نظمه قسم الفلسفة بجامعة بوزريعة يومي6 و 7 مارس2011 ،مداخلات عديدة،حيث تناول عبد الحميد مهري في مداخلته، نضال عبد الله شريط في الثورة والحركة الوطنية،وأكد في ذات السياق على الانسجام السياسي و الفكري الذي كان يمز الرجل، الذي يعتبر- حسب- مهري من المثقفين المجددين الملتزمين، حيث كان متشبعا بمبادئ الإصلاح الديني والفكر التحرري الوطني، إذ استطاع أن يجمع بين الأصالة والهوية تيار الفكر الاستقلالي، كما كانت له مساهمة مميزة في الحركة الوطنية إلى غاية الاستقلال، لفكان بسيطا وملتزما بالمجتمع. ومن جهته، نوه لمين بشيشي،في مداخلته ،بالدور الذي لعبه عبد الله شريط في لم شمل الجزائريين في تونس ، وقال» كان شريط يقوم بدور دبلوماسي وسيط بين الجزائريين في تونس ، وعند انتقاله إلى جامعة دمشق بسوريا، كان يقوم بالتحليل، عكسنا نحن كنا نقوم بحفظ الألفيات و قواعد النحو والصرف،كان يحلل رسالة الغفران لأبي العلاء المعري...« إضافة إلى اشتغاله ب»صوت الجزائر«، حيث كان يشرف على التعليق السياسي الذي كان يمليه على الإذاعي عيسى مسعودي. وبدور تحدث، أمين الزاوي،عن تأثره بفكر وشخصية الفيلسوف عبد الله شريط، حيث قال»أول صورة له في ذهني هي صورته الصوتية عن طريق البرامج التي كان يشرف عليها في الإذاعة الوطنية، حيث كان يعتبر أن المثقف يجب أن يجمع بين الفكر والممارسة«.مضيفا -أن شريط ينتمي إلى طينة المثقفين المغاربة الذين صنفهم ابن عربي في فتوحاته بأنهم الأحسن والأكثر فعالية على مستوى التصوف والفكر والفلسفة من الناحية النظرية و التطبيقية.،إضافة إلى إنتاجه للمفاهيم، حيث كان ينتج سلوكات لأنه مثقف المواقف، تعلمنا منه أخلاق الحوار، وكان فيلسوف بلغة الأدباء. كما لم تخف ابنة الراحل عبد الله شريط، بثينة، افتخارها بوالدها، الذي كان صديقها ، وقالت في هذا الصدد» تعلمنا منه النقاش، حيث كان يعمل بالشيء الذي يؤمن به فكريا، لكنه بالموازاة مع هامش من الحرية داخل الأسرة، فقد كان صلبا من كل النواحي.« وتميز اليوم الأول من ملتقى» فكر الدكتور عبد الله شريط« عبر جلساته العلمية، بمجموعة قيمة من المداخلات شارك فيها كل من الأساتذة: محمد سعيدي ، عبد الرحمن بوقاف، عبد الكريم بوصفصاف، عمر بوساحة، إسماعيل زروخي، خالد عبد الوهاب،عبد القادر بليمان، عبد القادر بوعرفة،و عبد الحكيم صايم. وحضرها جمع غفير من طالبة جامعة بوزريعة . كما سيتناول الملتقى اليوم ابتداء من الساعة التاسعة صباحا ،جملة من المداخلات ،حيث سيقدم الأستاذ قوقام في مداخلته البعد الفلسفي في فكر عبد الله شريط، أما الأستاذ لعموري عليش ، سيتناول نظرية الفعل الفلسفي عند شريط،أما الاستاذ محمد شطوطي سيعرج بالحضور إلى مداخلته المعنونة» الدكتور عبد الله شريط كما عرفته«، وبدوره الأستاذ موسى بوبكر سيخوض في المفاهيم و المجتمع في فلسفة شريط. يذكر، أن الراحل عبد الله شريط ، كان رجلا فذًّا ومناضلاً مخلصًا وأستاذا محترفا، زهد في المناصب الإدارية ولم تبهره بهرجة المسؤولية، بل إختار أن يكون قريبا من طلبته، يلقن ويوجه ويكتب المقالات، ينشر في الصحف، وينجز التآلف، ويكفيه فخرا أن أنجز موسوعة كاملة عن الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية في عدة أجزاء، تفضلت وزارة المجاهدين بطبعها. وتكمن أهمية أعمال الراحل عبد الله الشريط الكاملة، في كونها تفتح نافذة فكرية على تاريخ الأفكار في الجزائر، كخطوة نحو كتابة محتملة للصراع الفكري والقضايا التي كانت تشغل بال المثقفين الجزائريين. وللفقيد مؤلفات عديدة من بينها »الأخلاق في فلسفة ابن خلدون« (1972) وكتاب »من واقع الثقافة في الجزائر« (1972) و»حوار أيديولوجي حول القضية الفلسطينية والصحراء الغربية« (1982) و»المشكلة الأيديولوجية وقضايا التعليم في الجزائر«. كما بادرت وزارة الثقافية بإصدار مجمل أعمال الفقيد في سبعة مجلدات، ضمت كل أعماله الفكرية وكتاباته الفلسفية التي تناقش أهم قضايا الجزائر والأمة العربية. وقد حضي المفكر عبدالله شريط في السنوات الأخيرة بالعديد من التكريمات نظرا لما قدمه للساحة الثقافية والفكرية بصفته باحثا في الظواهر الاجتماعية، وسياسة الدولة، وهو الذي استلهم منهجه العلمي من ابن باديس وابن خلدون ومالك بن نبي، كما كان من الأوائل الذين حذروا من التبعية الثقافية والفكرية للآخر. وأفضت شهادات الرفقاء العارفين بالراحل عبد الله شريط، إلى ضرورة استغلال مآثر هذا العلامة في حياته قبل مماته. كثيرا ما لقب الدكتور عبد الله شريط بابن خلدون الجزائر، وهو الشخصية المفكرة المتمعّنة في إشكاليات الدولة وسلوكات أفرادها وتطور مجتمعها، وتعاطي الناس بكل أطيافهم مع العلم والمعرفة. لم يثنه تقدمه في السن، وهو في العقد التاسع من العمر، عن الإصرار على الكتابة والبحث.