أحكمت عناصر الأمن الوطني أمس، طوقا أمنيا بساحة الوئام المدني بالعاصمة، حيث منعت المتظاهرين الذين حاولوا القيام بمسيرة نحو ساحة الشهداء من تحقيق مبتغاهم، فتحولت الحشود إلى مجرد تجمع، مما يؤكد أن الشرطة الجزائرية قد اكتسبت خبرة في مجال تسيير المظاهرات، إذ أبدى عناصرها احترافية كبيرة في التعامل مع الوضع، في وقت لم يكترث العاصميون لهذا الحدث، وعاشوا يوما عاديا. منذ ساعات الصباح الأولى كان يبدو جليا، أن وزارة الداخلية ستتعامل بصرامة مع المسيرة التي دعت إليها ما يدعى ب »التنسيقية من أجل التغيير والديمقراطية«، وذلك بموجب القانون الذي يحضر المسيرات بالعاصمة، حيث طوّقت عناصر الشرطة التي كانت على أهبة الاستعداد، ساحة أول ماي طولا وعرضا، تحسبا لأي انفلات قد يحدث بمكان التجمع، سيما وأن جلّ الوجوه التي نادت إلى مسيرة 12 فيفري حضرت إلى ساحة أول ماي، يتقدمها زعيم الأرسيدي سعيد سعدي، حيث أخذت عربات الشرطة مواقعها، فيما كان أفراد الشرطة الذين كانوا بالزي الرسمي والمدني يراقبون الوضع عن كثب. وقد أبدت عناصر الشرطة احترافية كبيرة في التعامل مع جموع المتظاهرين، حيث لم يلاحظ استعمال للقوة ضد المتظاهرين، الذين حاولوا في بعض المرات كسر الحصار الذي ضرب عليهم من قبل عناصر مكافحة الشغب، وتعامل أفراد الشرطة في كثير من الأحيان بليونة كبيرة، ولم يلاحظ أي اعتداء بالهراوات أو العصي من طرف شرطة مكافحة الشغب ضد المتظاهرين، وتمكنت من إحكام سيطرتها على الوضع دون اللجوء إلى القوة. في سياق ذي صلة، السكون الذي خيّم على العاصمة صباح أمس، لم يطل أمده، إذ سرعان ما عادت الحيوية لأغلب الشوارع القريبة من ساحة أول ماي على غرار »ميسوني و»حسيبة بن بوعلي«، حيث كان المواطنون متخوفون من حدوث انزلاقات في مسيرة 12 فيفري، فدبت الحركة مبكرا بعد أن تأكد الجميع أن المسيرة لن تتعدى الخطوط الأولى للحصار الذي ضربته الشرطة على المتظاهرين، حيث لم يكن يلاحظ على طول شارع حسيبة بن بوعلي على سبيل المثال، ما يدل على وجود خطب ما، إلا عناصر الشرطة التي كانت مرابطة بالمكان، فجميع المحلات كانت مفتوحة، والحركة كانت جدّ عادية. على العموم، عاشت العاصمة أمس، يوما عاديا بعد أن طوقت مصالح الأمن الوطني كل الطرقات المؤدية إلى ساحة أول ماي، لمنع المسيرة التي دعا إليها مبادرون مدعمون من طرف حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث انصرف الموطنون لقضاء حاجياتهم، فيما أخذ الفضوليون وقتهم للتفرج على ما يحدث بساحة أول ماي.