خلصت صحيفة »واشنطن بوست« الأمريكية في تحليل لها حول الجزائر، إلى أن الحركات الاحتجاجية التي اجتاحت الشارع الجزائري لم تحمل شعارات خاصة بإسقاط النظام، وأضافت أن الجزائر لن تساير ما أسمته ب»الثورات العربية« لأنها باختصار لم تتعاف بعد من سنوات الرصاص التي عانت منها لفترة طويلة. انطلقت صحيفة »واشنطن بوست« الأمريكية من تساؤل حول الجزائر بعدما ظلت بعيدة عما أسمته بموجة الثورات التي تجتاح العالم العربي، ولاحظت أن الجزائر كانت منذ أسابيع قاب قوسين أو أدنى من أن تدخل معمعة الاضطرابات بالشكل الذي عاشته أو تعيشه العديد من الدول العربية، خاصة مع تدفق الآلاف للشوارع، إلا أنه لوحظ أن الكثير من الجزائريين، خاصة الشباب منهم فضلوا مراقبة الوضع عن بعد ورفضوا الانخراط في حركات الشارع منذ الوهلة الأولى، وزعمت الصحيفة أن الجزائريين ضيعوا بذلك فرصة المشاركة فيما أسمته ب »الربيع العربي«. وجاء في موضوع بعنوان »الجزائر في عزلة عن الثورات العربية« أنه »في الوقت الذي تندلع ثورات شعبية في بلدان عربية تقلب النظم السلطوية، هناك بلدان أخرى مثل الجزائر المجاورة تقف دون حراك«. وأضافت الصحيفة »الضجة التي يحدثها الأطباء، والمدرسون وضباط الشرطة وعمال النقل تتراجع مع مرور الوقت«، وأضافت بنوع من الحسرة التي لا تمت بأي صلة للمهنية بأن الذين يخرجون للشوارع في هذا البلد الغني للمطالبة بزيادة الأجور، لا تجد وسطها دعوى لإسقاط النظام، فالدعوة للتغيير السياسي تتلاشى. وبحسب »واشنطن بوست« فإن نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يحاول كسب الوقت والإسراع في تقديم تنازلات وإصلاحات اقتصادية، وقارنت الصحيفة بين هذا التوجه وما قامت به السعودية لمواجهة الاحتجاجات على أرضها، فالحكومة الجزائرية تقدم تنازلات ووعودا تتضمن امتيازات اقتصادية تشمل مضاعفة رواتب الجميع من ضباط الشرطة وكتاب الضبط في المحاكم، والتكفل بالشباب من خلال منحهم قروضا ميسرة لتخفيف حدة البطالة، وأوضحت أن الشعب الجزائري الذي يشعر بالقلق بعد تاريخ طويل من العنف يفتقر إلى الدعم الواسع للاحتجاج، الأمر الذي جعل دعوة بوتفليقة للتنحي تضاءلت بشكل كبير، ولم يعد ينطق بها إلا مجموعة صغيرة من المتظاهرين، بحسب ما جاء في الصحيفة الأمريكية. واقتنعت »واشنطن بوست« أن من بين الأسباب التي تحول دون امتداد لهيب حركات الشارع العربي إلى الجزائر، كون هذه الأخيرة لم تتعاف بعد من سنوات الرصاص التي عانت منها فترة طويلة، وأضافت أنه لعل هذه الفترة هي التي تجعل الجميع يراجع حساباته من الاحتجاجات التي تجتاح العالم العربي، وخيبت هذه الأمة، المترامية الأطراف من الصحراء الحارقة إلى البحر الأبيض المتوسط توقعات الجميع بأن تصبح أول بلد بعد تونس يندلع فيه اضطرابات، خاصة مع اندلاع أعمال شغب احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جانفي الماضي. وعقدت الصحيفة مقارنة بين تونسوالجزائر، ففي تونس أثارت أعمال شغب انضمت إليه النقابات وزعماء المعارضة وأعضاء الطبقة الوسطى احتجاجات أدت في النهاية لطرد زين العابدين بن علي، على عكس الجزائر حيث احتوت الحكومة الغضب الشعبي من خلال التسامح، ودعم المواد الغذائية وزيادة الأجور، فضلا عن تنازلات سياسية على رأسها رفع حالة الطوارئ.