أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) في الثامن من الشهر الجاري تقريرا تحت عنوان »الإستراتيجية الوطنية« ينتقد ترتيب الأولويات لدى الإدارة الأمريكية والمبالغة في ردها تجاه العالم الإسلامي مدفوعة بالهاجس الأمني على حساب الهاجس التنموي الحقيقي. وقد وضع التقرير -بسحب ما سربته مجلة فورين بوليسي- مسؤولان كبيران في هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي بصفة شخصية، مما يعني أن التقرير لن يرى الضوء دون مصادقة رسمية عليه. وينتقد التقرير المذكور سياسة الولاياتالمتحدة العامة في ترتيب أولوياتها وتحديدا في ما يتعلق بالموازنة العامة وكيفية استغلال الموارد، فضلا عن المبالغة الكبيرة في التعامل مع العالم الإسلامي بنظرة »التشدد والتطرف«، وتجاهل متطلبات وشروط التنافس التي جعلت من الولاياتالمتحدة دولة عظمى. وركز التقرير على أن الولاياتالمتحدة عانت ولا تزال تعاني العديد من المشاكل لأنها وببساطة تنظر إلى العالم من باب التهديد والهاجس الأمني، في الوقت الذي تعجز فيه عن إدراك أن النفوذ والتنافسية والإبداع هو السبيل لتحقيق المصالح الأميركية في العالم المتطور. وبشكل لا يخلو من الجرأة غير المسبوقة، يرى واضعا التقرير أن الولاياتالمتحدة تواصل اعتمادها على القوة العسكرية كأداة للتعامل مع الآخرين بدلا من استخدام وسائل القوة الناعمة المتمثلة في الاستثمار في الطاقة والمواهب البشرية وإنفاق الأموال على برامج تدريب وتعليم الشباب الأمريكي بوصفه جيلا للمستقبل قادرا على التنافس في بيئة متغيرة. ويطالب التقرير بأنه من الأولى بالنسبة لواشنطن أن تولي اهتمامها بمجال الاستثمار الفكري وتوفير البنى التحتية لتحقيق التنمية المستدامة في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. واستشهد التقرير في انتقاداته بالطريقة التي تعاملت بها الولاياتالمتحدة بمضاعفة الإنفاق العسكري على حساب تعزيز الموارد البشرية على المدى الطويل، وذلك لتحقيق التنافس مع الصين والهند ودول الاتحاد الأوروبي. وركز التقرير انتقاداته على ميل الإدارات الأمريكية الأخيرة إلى تصنيف الآخرين بشكل انعكس سلبا على الولاياتالمتحدة ومن ذلك »توصيف المسلمين بالإرهاب« بدلا من بذل المزيد من الجهود »لعزل المتطرفين الحقيقيين«، وهذا ما أفقد الولاياتالمتحدة المصداقية التي تعتبر ركنا أساسيا في تحقيق المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم.